مهما طال الزمن تبقى روسيا وريثة (الاتحاد السوفيتي) على موقفها العدائي للشعوب المحبة للحرية والديمقراطية، وخاصة الشعوب الاسلامية والعربية، وسياستها الاستعمارية واحتلالها لدول أوربا الشرقية ابان الحرب العالمية الثانية مازالت تتردد في صفحات التاريخ وترن بكل وقت في أذهان الأمم والشعوب، وما ينطبق على روسيا ينطبق على الصين ايضا، واليوم يعلن كل من موسكو وبكين موقفا عدائيا جديدا وبكل عنجهية استعدائية لمحاربة ثورات الربيع العربي في الشرق الاوسط من خلال استخدام حق الفيتو لمنع اصدار قرار اممي لادانة نظام بشار الاسد واعلان موقف انساني تضامني للمجتمع الدولي مع الشعب السوري لحماية الاحتجاجات والمظاهرات السلمية للشعب من القمع العسكري والأمني والعنف الدموي لحكام دمشق.

والموقف الروسي الجديد المتسم بعدائية شديدة بالتوازي مع الصين ليس بغريب في واقع الحال، وهو امتداد لمواقفها الاستعدائية السابقة الممتدة من أول اعتراف بدولة اسرائيل في الاربعينيات من القرن الماضي على حساب الشعب الفلسطيني، والحاق النكسة بالعرب في خمسة حزيران، واطالة حروب لا مبرر لها ومنها الحرب الايرانية العراقية الى ثمان سنوات، وليس بغريب كما كشف عنها منح الضوء الأخضر من قبل هذه الدولة المخادعة الى الطاغية صدام حسين لغزو دولة الكويت، وغيرها من المواقف التي الحقت ضررا جسيما بشعوب المنطقة.

ويذكر ان أضرار روسيا الجسيمة لم تلحق بالعرب فقط بل بامم وشعوب أخرى، ومنهم الكرد فقد تم القضاء على دولة مهاباد الكردية من قبل ايران بضوء اخضر من موسكو، وتم الحاق الانتكاسة بالثورة التحررية في كردستان العراق في حينها بدعم من موسكو لنظام البعث البائد.

والمؤسف ان دولة روسيا الماكرة لعبت دائما دورا مخادعا في مواقفها الدولية لخداع الشعوب والأمم، وموقفها في الدفاع عن رئيس نظام البعث البائد في العراق مازال مثلا صارخا في هذا المسار عام الفين وثلاثة، ودفاعها عن الأنظمة المستبدة والقمعية في المنطقة وفي مناطق عديدة من العالم نهج دائم لها، وعدائها الصارخ الجديد في مجلس الامن للشعب السوري صفحة جديدة لسجل صفحاتها السوداوية بحق الشعوب، وما يقال عن روسيا يقال عن الصين ايضا فهي دولة محاربة للحرية وللديمقراطية ولمباديء حقوق الانسان.

لهذا فقد حان الوقت لرد شعبي مدني وسلمي عارم على الدولة المارقة روسيا وجارتها الصين من قبل الأحرار والثوار المدنيين من المسلمين والعرب لكي تلقنا درسا قاسيا تعيدهما الى رشدهما ولكي تكفا عن التلاعب باستخدام اوراق مصير الشعوب الثائرة في دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا مع الغرب على حساب شعوب المنطقة.

ولكي يكون الرد المدني العام فعالا ومؤثرا بحق دولة روسيا المخادعة وجمهورية الصين الناكرة لحقوق الانسان، نطرح مباردة لتبني حزمة ممارسات مدنية من قبل الاحرار في الشعوب الثائرة وغير الثائرة ومنظمات المجتمع المدني في المنطقة لخلق راي عام في العالمين الاسلامي والعربي ضد المواقف الروسية والصينية غير السؤولة والمضرة بحق الشعوب التي اطلقت ثورتها المدنية والسلمية لنيل حريتها وديمقراطيتها وهويتها التحررية، والحزمة المقترحة تتضمن ما يلي:

1.اطلاق اسابيع متوالية للتنديد بالموقفين الروسي والصيني في مجلس الامن بصدد مشروع ادانة نظام الاسد، وحرق علميهما في كل تجمع مدني وتظاهر سلمي.
2.مقاطعة كل منتوج روسي وصيني في الاسواق والضغط على التجار والمستوردين لمنع استيرادها.

3.توجيه رسائل الادانة بكل الوسائل المتاحة من قبل الافراد والجماعات والحركات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، والى كل الجهات المعنية محليا واقليميا ودوليا.

4.الدعوة الى رحيل الكوادر الروسية والصينية بكل اصنافها الفنية والعسكرية والاقتصادية والتجارية من دول المنطقة.

5.اقامة التجمعات وتسيير التظاهرات الاحتجاجية امام سفارتي روسيا والصين في الدول العربية والاسلامية وفي دول اوربا واسيا والامريكتين الشمالية والجنوبية من قبل الجاليات المقيمة في الخارج.

6.الاتصال بهيئات ومنظمات الامم المتحدة لادانة الموقفين الروسي والصيني.

7.توحيد جهود المعارضة الداخلية والخارجية في سوريا لتشكيل مجلس انتقالي موحد لنيل الاعتراف الدولي.

8.الضغط المتواصل على أرباب السلطة السورية من الخارج والداخل واعلان العصيان المدني العام.

9.مطالبة دول المنظومة الديمقراطية في اوربا وامريكا بتوفير حامية دولية للمحتجين مدنيا والمتظاهرين سلميا في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وفي كل منطقة من العالم.

10.تشكيل تنظيمات مدنية محلية وداخلية لحماية المواطنين المتظاهرين سلميا.

بعد سرد مكونات المبادرة، لابد من القول ان هذه الحزمة من الاقتراحات لتدعيم ثورات الربيع العربي تشكل خطوة متواضعة لدفع الثوار الاحرار في دول مثل تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وفي كل دولة عربية واسلامية لاتخاذ مرقف حازم تجاه الموقف العدائي لروسيا والصين والذي لا يحمل غير الحقد بحق الشعوب التي تسعى الى نيل حريتها وديمقراطيتها وكرامتها، والحزمة طرحت ايضا لغرض تشكيل رأي عام واسع وفعال للضغط على اخراج هاتين الدولتين من منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا التي تشهد ثورات شعبية مدنية عارمة لازالة الأنظمة المستبدة المدعومة بالأخص من موسكو وبكين من أمثال نظامي بشار الاسد وعلي عبدالله صالح.

كاتب صحفي ndash; بغداد
[email protected]