على الرغم من ان ابن خلدون كما ما هو معروف عنه انه عبقري، وعالم اجتماع كبير الا انه لايوجد الدليل الواضح الجامع لشروط صحة هكذا اعتقاد او افتراض . كي يصبح امرا او دليلا حاسما في هذا الراي كما اتصور انا. اي ان الامر يفتقد الى المسلمات الضرورية الساندة لهذا التوجه او الاعتقاد بان ابن خلدون عبقري. بحيث يقلع بنا عن الشك والريبة في كل ما يخص ابن خلدون في سيرة حياته وفكره. ولهذا ساؤجل البت في قضية عبقرية ابن خلدون لاحقا وساتناول الان اهم ما قيل فيه من بعض المتخصصين في منجزه وسلوكه بشكل عام لانني ادرك سلفا ان الخوض في موضوعة ابن خلدون او غيره، واثبات عكس المشهور والمعروف عنه عند اغلبية النخبة الكسولة والخاملة هو امرا ليس باليسير او السهل . لكن مع ذلك وجدت من الضروري والمباح ان اقول رايي فيه وهو ان ابن خلدون كشخصية لم تكن على مستوى من الالتزام و الحفاظ على القيم الاخلاقية الضرورية. بل كان شخصا مهوسا بحب الظهور والبروز من خلال سعيه وهرولته للحصول على منصب سياسي كما كان يتكالب على منصب الامارة في المغرب . بعد فشله بامتياز رغم تزلفه وتوسله لاغلب الولاة والخلفاء في كل مشواره الطويل . وهنا لابد من ذكر راي الباحث الراحل علي الوردي عن ابن خلدون يقول( مما يلفت النظر في حياة ابن خلدون لاسيما منها الفترة التي اشتغل فيها بالسياسة، انها لم تكن تخلو من خلق الغدر والنفاق والانتهازية . وهذا الامر يكاد اكثر الباحثين يتفقون عليه فالمعروف عن ابن خلدون انه لايستقر في ولائه على شيء وكثيرا ما كان يتملق من يرجو المنفعة عنده ويبدي له امارات الاخلاص والنصيحة، حتى اذا راه مهزوما او مغلوبا قلب له ظهر المجن واسرع الى خصمه الغالب يتملق له على منوال مافعل مع سلفه.) وراي اخر ايضا للدكتور الوردي ( يقول كان ابن خلدون له طريقة يتملق بها للامراء وهذا لم يروه خصوم ابن خلدون انما رواه ابن خلدون نفسه في كتاب التعريف، خلاصة القصة ان جيش تيمور لنك كان يحاصر دمشق بغية او صلحا وكان ابن خلدون انذاك في دمشق، فخشى ان تقع المدينة في يد تيمورلنك فيكون نصيبه الموت او النكال فغلب عليه اذ ذاك حب المغامرة والاثرة، فذهب الى السور وتدلى من فوقه بحبل ثم مضى يلتمس مقابلة تيمورلنك، يقول ابن خلدون:قلت: لتيمورلنك ايدك الله لي ثلاثون او اربعون سنة اتمنى لقاءك. فقال لي وما سبب ذلك؟ فقلت: امران انك سلطان العالم، وملك الدنيا، وما اعتقد انه ظهر في الخليقة منذ ادم لهذا العهد ملك مثلك ولست ممن يقول في الامور جزافا فاني من اهل العلم) اذا هاهو ابن خلدون يمارس اشنع وافضع السلوكيات القبيحة واخطر مافعله ان يصبح اجيرا ويتقاضى راتبا شهريا من تيمورلنك الذي احتل بغداد وعاث بشعبها قتلا وتخريبا واضيف الى ذلك ان ابن خلدون وصلت به الوقاحة والصفاقة ان يرسم خرائط توضح جغرافية بلدان المغرب العربي كي يسهل عملية احتلالها والتي لخصها ب12 كراسا، واهداها الى سيده الجديد، واذكر ايضا راي الروائي الكبير الراحل عبد الرحمن منيف الذي قد رفض بابن خلدون الى حد الرفض الصريح بعد ان عرف علاقة ابن خلدون بتيمور لنك، وباعتقادي انها لم تكن علاقة عابرة بقدر ما هي خيانة وعمالة صريحة تخدم المحتل الذي خرب ودمر بغداد . اعود الى قضية عبقرية ابن خلدون من خلال كتاب صدر للاستاذ محمود اسماعيل استاذ الادب العربي في جامعة عين شمس المصرية وكيف يبين الاستاذ بالاسانيد والادلة التي لا يرقى اليها الشك التي وردت في كتابه بعنوان( نهاية اسطورة نظريات ابن خلدون مقتبسة من رسائل اخوان الصفا) واعتقد ان هذا الكتاب كفيل مباشر باسقاط العبقرية عن ابن خلدون وهو كتاب جامع وشامل وموضح بالتفصيل بشكل لا لبس فيه. من ان ابن خلدون مارس التبديل والتغيير والتحريف والتزوير والسطو العلني على كل منجز رسائل اخوان الصفا المغدورين. واضيف مصدر اخر ومهم وهي مسرحية منمنمات تاريخية للمسرحي الراحل سعدالله ونوس التي تبين تهافت وابتذال ابن خلدون،وبالمناسبة ارفق ايضا ثلاثة اراء ابلغت عن اعجابها الصريح في مسرحية منمنمات تاريخية ونقدها لابن خلدون كالتالي د يمنى عيد - والروائي عبد الرحمن منيف - الناقد الكبير محمود امين العالم، ومن هنا تبدأ مواجهة الحقيقة والبحث عنها بكل تجرد وحيادية. وهذه هي مهمة المثقف الفاعل الذي يشتغل بذهنه لا بعواطفه وبالتالي يستلزم منه قدر كبير من النزاهة والقدرة على البحث والتقصي وتقويم القناعات العشوائية والاراء الخاطئة . والا سوف يكون ليس ذو قيمة مصانة. الا اذا كان يريد ان يكون مثقفا هامشيا معتادا على المتداول وعلى المتاح وعلى اليسر وعلى المشهور الذي ينسجم ويتماشى مع ايدولوجيته، ومصلحته الانانية وبالتالي هو الخاسر لانه سيرفض وسيهمل عاجلا او اجلا من قبل المراقبين للشأن الثقافي والمعرفي حتى ان يشطبوه من لائحة المثقفين الفاعلين. لانه اصبح من العبث المؤكد على ضوء ما اسلفنا ان يرجى او يتوقع منه ان يطبق منهج التشكيك والاعتراض والتوقف عند ظاهرة المشهور المزيف او المالوف السلبي. وانا اعتقد ان الاغلبية ربما ينطبق عليها القول .
بل اكاد اجزم ولا اجازف بالقول باننا قد ابتلينا بنمطية جائرة لا تنفك عنا مهما ادعينا اليقظة والحذر في التعامل مع الاعتقادات، والرؤى والافكار، التي ارتطمنا بها او اطلعنا عليها او سمعنا بها من الاخر و هي واحدة من اهم اسباب تشوهات ثقافتنا السائدة بيننا. 208-209