طبيعة وحيثيات أداء وليد المعلم المعين في منصب (وزير خارجية)، يبدو من مستوى أدائه وطريقة طرحه لما يعتبره قناعات النظام، أنّ المنصب المسند إليه أكبر من إمكانياته التي تنمّ عن استخفاف بالقراء والمشاهدين والمستمعين، سوريين وعربا، وهذا المستوى من الأداء والتعاطي مع الجمهور ووسائل الإعلام، يعطي دلالة واضحة على فقدان نظام بشار الأسد أية مصداقية أو خلفية تعتمد على الحقائق المقنعة، فيلجأ رموز النظام إلى الكذب والتلفيقات المفبركة التي سرعان ما يتم اكتشافها، وهذا لا يليق بنظام يدّعي تمثيل ملايين السوريين وحضارتهم العريقة. ما يكاد يصيبك بارتفاع الضغط هو هذا الأسلوب الذي يعتمد على الكذب في أداء وليد المعلم، مما يشكّل في رأيي إهانة لسوريا الدولة والوطن والشعب مع الخارج العربي والدولي. وأعتقد أنّه لو كان جوبلز وزير الدعاية النازي صاحب مقولة (أكذب ..أكذب ..حتى تصدق نفسك فيصدقك الناس) حيا، وسمع فبركات وتلفيقات وأكاذيب وليد المعلم لألقى القبض عليه وقام بمحاكمته لأنّه أساء لمقولته تلك وكشف للعالم أجمع أنّ quot; عمر الكذب قصيرquot;، خاصة إذا كان كذبا تمّ إعداده وصناعته بطريقة ساذجة جاهلة لا يمكن أن تمرّ على أبسط البشر، فما بالك بالمتابعين الأذكياء في عصر تكنولوجيا المعلومات التي ما عادت أية كذبة يمكن إخفاؤها.

أداء كاذب بطريقة مكشوفة لأي ساذج

لقد عقد وليد المعلم منذ بداية ثورة الشعب السوري التي انطلقت من مدينة درعا في الخامس عشر من مارس الماضي، العديد من اللقاءات والمؤتمرات الصحفية التي كانت مثار ضحك واستهزاء المتابعين عربا وسوريين وأجانب، فكم استعمل صفات (المندسين) و (العملاء الخونة) و (الشبيحة)، وممثله في الجامعة العربية يستعمل نفس الشتائم البذيئة ليثبت خلال ثمانية شهور من اندلاع الثورة الشعبية السورية، أنّ هذه كلها أكاذيب وتلفيقات بشكل سطحي ينمّ عن صلف لا يختلف عن غباء المقبور القذافي في زنقة لم تعرف بعد، ولا المخلوع علي عبد الله صالح الذي أعطى في إحدى خطبه إسرائيل وأمريكا شرف ترتيب وإعداد وانطلاق الثورات الشعبية العربية كافة.

قمة كذب وتلفيق وليد المعلم،

هو الفيديو الذي عرضه في مؤتمره الصحفي الأخير ظهر الإثنين الثامن والعشرين من نوفمبر 2011، حيث تمّ سريعا كشف الفبركات التي قدّمها من خلال هذا الفيلم متضمنا صورا لأعمال من أعوام سابقة على ثورة الشعب السوري التي انطلقت في الخامس عشر من مارس 2011 من مدينة درعا، وأهم هذه الأكاذيب والتلفيقات:

أولا: الصور التي قدّمها المعلم على أنّها لعصابات مسلحة إرهابية تعمل ضد نظامه الممانع المقاوم، هي صور تعود لأحداث وقعت في لبنان عام 2008 أثناء المعارك التي جرت بين باب التبانة وجبل محسن حيث تعيش أقلية علوية قريبة من أغلبية سنيّة. وقد تظاهر اللبنانيون التي ظهرت صورهم في الفيديو المفبرك الكاذب، رافضين أكاذيبه إذ قدّمهم على أنهم مسلحين سوريين، دون أن يعرف أن هذا يمسّ كرامة وحياة أشخاص أبرياء، لو كان يعيش في دولة ديمقراطية لتمكنوا من محاكمته. وقد اعتصم وتظاهر عشرات الشباب اللبنانيين في مدينة طرابلس لا ستغلال صورهم وتقديمهم على أنهم إرهابييين مسلحين يقتلون المدنيين المسالمين، وهي صور موثقة لأحداث وقعت في منطقتي جبل محسن وباب التبانة شمال لبنان قبل ما يزيد على عامين.

ثانيا: تقديمه لصورة شاب مصري قتل عام 2010 في لبنان في بلدة quot; كتر مايا quot; اللبنانية على أنها صور لجرائم قتل وقعت في أثناء الثورة السورية الحالية في منطقة جسر الشغور السورية. وكل اللبنانيين يعرفون قصة ذلك الشاب المصري الذي تمّ قتله من قبل مواطنين لبنانيين عام 2010 بطريقة وحشية لاقت استنكارا لبنانيا ومصريا، رغم أنّ قتله كان على يد مواطنين لبنانيين تعرض بعض أقاربهم وأهليهم لجرائم قتل واغتصاب من ذلك الشاب المصري.

هذه هي شفافية وليد المعلم

الغريب المضحك المبكي أن هذا الوليد المعلم بدأ مؤتمره الصحفي بقوله: quot; أريد أن أكون اليوم بمنتهى الشفافية quot; فإذا هذه الشفافية نتيجتها تقديم هذا الفيديو الكاذب المفبرك، وبالتالي فهذا الفيديو دليل دامغ على كل الأكاذيب التي يطلقها النظام منذ الخامس عشر من مارس 2011، وهل يمكن نسيان أول تصريح لإعلا م الأسد منذ اندلاع الثورة السورية، إذ قال ذلك الإعلام الجوبلزي : (إنّ من وراء مظاهرات مدينة درعا إرهابيون فلسطينيون متحالفون مع إسلاميين سلفيين)، وقد كانت هذه رسالة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، أكدها تصريح رامي مخلوف بعد ذلك ب (أنّ استقرار النظام السوري جزء من استقرار دولة إسرائيل). وصناعة الأكاذيب هذه تعني أنّ النظام عاجز عن الاعتراف حقيقة أنّ هناك ثورة شعبية ضد قمعه وفساده مهما رافقها من تجاوزات وتعديات من أفراد أو عصابات، فهي في الأساس ثورة شعب ما عاد يتحمل سيطرة أب وابنه وعائلته وأخواله طوال 41 عاما، وهذه النقطة يتناساها عمدا مؤيدو النظام ومصفقيه من السوريين والعرب، فلا أفهم كيف يدافع شخص أيا كانت خلفيته السياسية والحزبية عن أب وابنه يحكمان الشعب السوري طوال 41 عاما، وبإسلوب القمع والقتل والسجون والمعتقلات وفروع الأمن التي من النادر وجود مثيلها في أي قطر عربي أو دولي.

نظام لا يجيد إلا صناعة الأكاذيب

بدليل أنّه يرفض حتى الآن تأمين دخول الإعلام العربي والدولي لنقل الحقائق وتغطية الأحداث ميدانيا، ولو كان هذا النظام ومعلمه وليد واثقين أنّ غالبية الشعب السوري معهم، لوافقوا على تغطيات إعلامية عربية ودولية ميدانية. وهذه الأكاذيب وصناعتها ليست مهنة جديدة لنظام الأسد فهي استمرار لعمليات قتل المناوئين الذين ذكرت بعضهم في مقالتي السابقة، وتقديم عمليات القتل هذه على أنها (انتحار) شخصي. وضمن نفس السياق فقد فات وليد المعلم استغلال مناسبتين سابقتين، كان من الممكن أن يتيحا له تقديم فيلمين يضافان لقائمة تلفيقاته. فقد كان بإمكانه إجراء بعض التعديلات على صور تكسير أصابع فنان الكاريكاتير السوري quot;علي فرزاتquot; من قبل عصابات النظام، وتقديم الفيلم في مؤتمر صحفي على أنّ quot;علي فرزاتquot; قام شخصيا بتكسير أصابعه التي يرسم بها، عقابا لنفسه علىى رسومات سابقة ضد الفساد وأزلام النظام. وكذلك فات المعلم تجميع أشلاء مغني الثورة السورية إبراهيم القاشوش وتقديمها في فيلم على أنّه هو من قام بقطع حنجرته وانتحر راميا نفسه في نهر العاصي ندما على تقديمه أغاني وطنية لدعم ثورة الشعب السوري.

لم يكتف النظام الأسدي بصناعات وبراءات إختراع سابقة،

أهمها صناعة التوريث في نظام يسمّي نفسه جمهوريا، وصناعة فساد عائلة تسيطر على اقتصاد الوطن، فأضاف لبراءات اختراعاته صناعة الأكاذيب والتلفيقات التي لم يسبقه إليها نظام آخر عربي أو أجنبي. ولمزيد من الضحك المبكي أو ارتفاع الضغط، يرجى مشاهدة هذا الفيديو الذي بثّه تلفزيون المستقبل اللبناني كاشفا أوجه الكذب والتلفيقات عند النظام السوري ووليده المعلم.
وبعد هذا الفيديو الذي يثبت الكذب والتلفيقات، ألا يخجل وليد المعلم من الاستمرار في وظيفته (صناعة الكذب).
[email protected]