إتحاد الكتاب السوريين، يحمل تسمية (إتحاد الكتاب العرب) على خلفية أنّ أي كاتب عربي يحمل نفس توجهاته السياسية التي هي غالبا بعثية، يحقّ له الانتساب لعضوية الاتحاد، ورغم ذلك فعدد الكتاب العرب غير السوريين المنتسبين للاتحاد قلة قليلة للغاية، لأن أغلب الكتاب العرب أعضاء في اتحادات الكتاب في بلدانهم. لذلك فتسمية (اتحاد الكتاب العرب) ينطبق عليها المثل أو الشعار المصري (جواز عتريس من فؤادة باطل) كما ورد في قصة quot; شيء من الخوف quot; لثروت أباظة، خاصة أن الرمز في هذا الشعار، الصراخ كما فهمه الجميع، أنّ (عتريس) يرمز للسلطة الغاشمة المستبدة و (فؤادة) ترمز للشعب المسحوق الذي فرض عليه الزواج أو السلطة بالقوة والقمع.
ندوة استراتيجية لاتحاد الكتاب هذا،
عقد هذا الاتحاد السوري ندوة مساء الأربعاء الموافق الثامن من يونيو الحالي، أطلق عليها صفة (حوارية)، حول الوضع في سوريا وسبل الخروج من الأزمة الحالية التي تعصف بالوطن، كما نقلت ووصفت الندوة وسائل الإعلام السورية الرسمية. وقد كانت كلمات أغلب المشاركين مثل رئيس الاتحاد حسين جمعة، غسان نعيم، فاديا غبور، و رفيق صالح، كلمات عامة تلفّ حول المشكلة دون توصيفها بشكل واقعي، يعبر عن غضب هذه الملايين في غالبية المدن والقرى السورية، دون أن يتعرض أحد من المتحدثين لأسلوب النظام القمعي الذي أوقع حتى الآن ما يزيد على ألف وخمسمائة قتيل، وكأن هؤلاء القتلى لا يمتون للوطن السوري بصلة.
اكتشاف خطير لكوليت خوري: إنها مؤامرة كونية
ولكن بصراحة شديدة، فإن أخطر وأجرأ ما ورد في الندوة هو الاكتشاف الخطير الذي يستدعي النفير العام، الذي اكتشفته المستشارة في قصر بشار الأسد السيدة كوليت خوري. وأتحدى أن تستطيع كافة أجهزة ووسائل الدول العظمى بما فيها روسيا حليفة النظام الأسدي، أن تكون لديها الوسائل التكنولوجية لاكتشاف ذلك، بدليل أنها لم تتحدث عنه قبل إعلان وتصريح كوليت خوري في الندوة المذكورة، حيث أعلنت مشكورة شكرا جزيلا ووافرا، ما يلي حرفيا حسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية: (إنّ ما تتعرض له سورية الآن هو حرب كونية وليست مؤامرة). والعتب الشديد على صاحبة الاكتشاف الخطير هذا، أنّها لم تعط تفاصيل عن هذه الحرب الكونية، ربما كي يمكن وضع أساليب الردعليها قبل فوات الأوان، ووصول هذه الحرب الكونية للقضاء على نظام الممانعة والمقاومة.
تخيلوا أن المدن السورية منذ ما يزيد على ثلاثة شهور، من مدينة درعا إلى غالبية المدن التي اندلعت فيها الثورة ضد النظام الأسدي المتوحش، وما يزيد على ألف وخمسمائة قتيل على يد عصابات النظام وجيشه، وآلاف المعتقلين والسجناء، هؤلاء كلهم جزء من حرب كونية ضد نظام الممانعة كما تشخّص ذلك المحللة الإستراتيجية السيدة كوليت خوري. وبالطبع ربما لديها وسائل التقنية الخاصة التي جعلتها تستكشف أبعاد وأدوات هذه الحرب الكونية، التي غير مستبعد أن تكون هناك مخلوقات فضائية مجهولة لنا تشارك في هذه الحرب الكونية، ولا أستبعد أن تأتيها اتصالات من الدول العظمى لتزويدها بتلك الأدوات التقنية التي اكتشفت من خلالها تلك الحرب الكونية.
إنها حرب الدفاع عن الطغاة
أمّا التشخيص الوطني الذي تتبناه الغالبية العظمى من الشعب السوري وشعوب العالم وأنظمته فإنها ثورة الشعب السوري المحكوم بالطغيان والقتل الأسدي الوحشي منذ عام 1970 من الأسد الأب إلى الأسد الوارث الإبن. ومن ناحية كوليت خوري فهي حربها ضد الشعب السوري دفاعا عن الطاغية، وهذا هو موقفها منذ أن عملت في قصر الأسد الأب وصولا وراثيا لقصر الأسد الإبن، فهي منسجمة مع نفسها ومع اتحاد الكتاب السوريين صاحب البيان المشين المخزي الذي تعرضت له في مقالة سابقة بتاريخ الثاني عشر من مايو، كانت بعنوان (قائمة العار السورية: سوريون ضد الثورة). والدفاع عن الطغاة وتمجيدهم بطرق مشينة لاتليق إلا بالمرتزقة ليس جديدا في مواقف كوليت خوري، ويكفي التذكير بما قالته كوليت خوري في الثامن من يونيو عام 2003 مديحا في عميد الطغاة العرب معمر القذافي، في ندوة نظّمتها ما تسمى (جائزة القذافي الدولية لحقوق الإنسان) ndash; تصوروا هذا المجرم لديه جائزة لحقوق الإنسان -، وتخيلوا حجم المسخرة أنّ موضوع الندوة كان (القذافي كاتبا ومبدعا).
ماذا قالت كوليت خوري عن القذافي الكاتب والمبدع؟
لقد قرأت ما قالته كوليت خوري عن القذافي الكاتب والقصاص والمبدع عدة مرات فلم أصدق عيوني أنّ هذا التزلف والتملق والنفاق والتصفيق يصدر عن هذه السيدة. وتكفي هذه الفقرة من النفاق الخوري وهي تتحدث عن كتاب قيل أنّ القذافي كتبه، في حين أنّ هناك من كتبه وباعه له وسأكشف ذلك لاحقا:
(لماذا لا نقول إن معمر القذافي وجد مجالاً جديداً في الأدب. الأدب دنيا تتسع لشتى المجالات وهنا يتحول سؤالي إلى إقتراح، وأطرح الفكرة جدّياً... لماذا لا نجد مجالاً جديداً في دنيا القصة نسميه مثلاً اللوحة القصصية أو القصة اللوحة أو شئ كهذا يندرج تحت هذا العنوان، يندرج فيه هذا النوع من الإبداع الأدبي الذي هو بين القصة والمقالة، والذي هو بالأحرى لوحة قصصية مرســومة بالكلام، مكتوبة بالنبض، توحي بأجواء، وتطرح أفكاراً وأراء، ونجد أنفسنا ونحن منسابين مع اللوحة، نعيد النظر في أمور كثيرة كنا نعتقد أننا نعرفها، مثلما وجدنا مجالا في جديدا في الشعر الحديث وشعر التفعيلة، وهذا الاقتراح جدير بأن نناقشه... إن المبدع معمر القذافي حطم هذه القوالب ليخرج منها لا ليبقى فيها، ويجب أن نجد لهذا النوع من الأدب عنواناً، ويبقى أن هذا الكتاب quot;القرية القرية والأرض الأرضquot; هو عمل إبداعي فعلي وهو في رأيي مجموعة أدبية غنية ضمت القصة القصيرة والمقالة واللوحة القصصية. وكان الكاتب متألقاً في كل هذه المجالات). تخيلوا الطاغية القذافي عند كوليت خوري متألق في فن القصة القصيرة والمقالة واللوحة القصصية. هل هناك ابتذال وارتزاق رخيص أكثر من هذا؟.
وليست كوليت خوري وحدها
إنّ هذه الندوة مدفوعة (البوكيت موني) مسبقا، لم تشارك فيها كوليت خوري وحدها، بل عشرات من الكتاب والنقاد العرب من مختلف الأقطار، وفي مقالة قادمة سأنشر أسماءهم وموضوعات حديثهم فقط عن (القذافي الكاتب والمبدع)، لنرى كم هو مخجل موقف العديد من الكتاب والمثقفين العرب، الذين أسهموا في صناعة الاستبداد والطغيان بامتياز مخجل، ليت واحدا منهم يعتذر عن ما قاله وكتبه في أولئك الطغاة.
[email protected]
التعليقات