دون شك ان التاريخ العربي السياسي والاجتماعي سيقف طويلا عند ثورة مصر العظيمة والتي سجلت اسقاط الصنم العربي الثالث حسني بعد الصنمين صدام وزين، وهذا االتفرد المصري في طريقة واليات اسقاط نظام حسني لم يخلو من بعض الشوائب التي حاولت الالتصاق بعجلات الثورة لغرض عرقلتها او ايقافها في ذروة زخمها و في مرحلة جني الثمار خلال ثمانية عشر يوما من عمر هذه الثورة المميزة في كل شي حتى في طريقة رفضها للتعاطي مع هذه الزوائد الطائفية المتخلفة، والتي حاول نظام حسني المتاهلك استخدامها في مرحلة معينة عندما أدعى اعلامه الخائب ان هولاء مدعومين من ايران، بل ذهب مسؤول حكومي ابعد من ذلك حينما اعلن على قناة الحرة ان كل هذه الملايين في ميدان التحرير قد تم تدريبهم في ايران!!
ولم يقصر بعض الاعلام العربي في التقاط هذه الشوائب الطائفية فصفق وهلل لها وعرض البرامج التلفزيونية الحوارية ونشر المقالات الطائفية في محاولة بائسة كانت تجري في اتجاهين متوازيين بذات الوقت، الاول من خلال جذب انتباه شباب الثورة وتحريف تركيزهم عن هدفهم في اسقاط نظام ديكتاتوري صنمي بكل معنى الكلمة حتى نشرت بعض الاخبار ان شيعة مصر يقودون الامور في ميدان التحرير!، والاتجاه الاخر ان ذات الاعلام قد تعود الانتعاش على شوائب الطائفية المقيته والارتزاق من فتات فضلاتها. وان حقيقة الامر ان الشيعة في مصر اقلية من ناحية العدد وفي كل الاحوال هم مواطنين مصريين ولهم الحق مثل غيرهم من بقية الاديان والطوائف في مصر المشاركة في هذه الثورة ولااعتقد ان هناك مصري واحد انتبه لمثل هذه الخزعبلات الطائفية لامن بعيد ولامن قريب. ثم ان هذا التصور الطائفي هو انتقاص من عظمة الانجاز التاريخي في مصر.
وان جوهر المشكلة ليس في ابطال ثورة مصر بل المشكلة الكبرى في بعض مواقع الطائفية العربية المقيته المعروفة والتي تطرب نفوسها وهي تستمتع لتصريحات ايهود بارك ونتنياهو وشيمون بيريز حول مصر وثورتها لكن نفس هذه المواقع الطائفية تصاب بالحساسية والفطريات الطائفية لمجرد تصريح من السيد حسن نصرالله والسيد مقتدى الصدر والسيد نوري المالكي لدعم الثورة المصرية وانجازاتها التاريخية الانسانية والدستورية. فيعتبر راي بني اسرائيل مهم يجب متابعته والانصات اليه وتصريح ابناء الامة وبعض رموزها تدخل سافر ومؤامرة كبرى لابد من التصدي لها والتشهير بها!
وهذه المفارقة الطائفية ستكون اكثر بروز في هذا البلد العربي او ذاك المرشح للتغير والاصلاح في الايام القادمة، لذلك سترى بعض الذين صفقوا لسقوط حسني وزين سيقفون أنفسهم بالمرصاد وهم يشحذون الهمم والسيوف والخناجر للوقوف بوجه ثورة محتملة هنا اوهناك لمجرد ان وقود هذه الثورة و جوهرها تحمل تنوع مذهبي اخر، وهنا سينفضح البعض من اصحاب الشعارات quot; االثورجية والقومجية والاسلامجية quot; الذين سببوا لنا الصداع في الايام القليلة المنصرمة والسبب بكل بساطة انهم طلاب مجتهدين في مدرسة الطائفية العربية الشهيرة جدا، ولهذا تراهم يرفضون حتى مجرد المقارنة بين صدام من جهة وزين وحسني من جهة اخرى مع العلم ان صنمي تونس ومصر لايصلون بملم واحد لصنمية صدام في العراق. ان النظر الى الامور العربية بعين واحدة دون الاخرى هي احد اهم الاسباب في مستوى الكوارث التي وصلنا اليها لذلك اصبح من المميز والدهشة ان يسقط حاكم عربي ديكتاتوري ويتبعه اخر بعد ايام قليلة في الوقت الذي تجاوزت أمم اخرى هذا الجانب منذ عقود طويلة واصبحت في عداد الدول المتقدمة في الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية ولم يشكل رغيف الخبز جوهر مشاكلهم كما كان احد الاسباب الرئيسية في ايقاد ثورتي تونس ومصر. وان رجل دين يكتب قصيدة في مدح صدام ويكبر ويهلل لسقوط زين وحسني هذا منافق وطائفي دون أدنى شك وان وسيلة اعلام تمتدح صدام وتدافع عنه وتصفق لسقوط زين وحسني فهذا نوع من النفاق الطائفي المفضوح لذلك واجب علماء ومثقفي ورموزالامة اصبح اكبر من السابق واعظم بكثير من خلال السعي الجاد لبناء ثقافة انسانية جامعة وليست انتقائية تحمل بين جوانبها فطريات طائفية كريهة.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات