في خطوة تحاول تقليد وتستنسخ ماجرى في تونس ومصر، اقدم بعض العراقيين على تنظيم حملة عبر صفحات الفيس تدعو بسذاجة الى التغيير في العراق، والغريب جدا هو ان كل تلك الكوارث وبحار الدماء التي سالت والخراب الذي دمر العراق... لم يدفع اصحاب هذه الحملة للاحتجاج من قبل، ولكن بدافع الغيرة مما جرى في مصر وتونس تحركت وطنيتهم على العراق!

فهذه الحملة هي ادانة لأصحابها الذين سكتوا عن المأساة التي جرت في البلد منذ تحريره من نظام صدام ولغاية الآن، فأين كانت وطنية اصحاب هذه الحملة، ولماذا تحركت بفعل دوافع خارجية متأثرين بأحداث مصر وتونس، وليس بدوافع داخلية بوحي من الكوارث والمأساة التي تصعف في وطنهم، ألم تكن مبررات الحملة متوفرة قبل احداث تونس ومصر، ألم يكن العراق ينزف دما، وتهدر ثرواته، وتمزقت وحدته، واصبح دويلات طائفية وقومية تسيطر عليها عصابات الاحزاب وميليشياتها، اليست هذه مبررات شرعية لإنطلاق حملات وتظاهرات الاحتجاج والغضب منذ سبع سنوات وليس الآن؟!

ومن الغريب والمثير للتساؤلات: هوغياب أية إدانة لجرائم نظام البعث وصدام من البيان الذي صدر عن الحملة، وكأن تاريخ العراق السياسي بدأ فقط في 9 نيسان 2003 لحظة إسقاط الدكتاتور، ماذا عن جرائم أكثر من ثلاثين عاما من المعتقلات والتعذيب والقتل الجماعي وتبديد ثروات البلد والحروب الدامية، أليست فترة نظام البعث وصدام كانت أحد الأركان المؤسسة للفجيعة الراهنة، لماذا غاب إدانة تلك الفترة، ولماذا أغفل بيان الحملة الإشارة الى التدخل السوري وذكر الإيراني فقط، أليس سوريا شريك استراتيجي مع إيران في جريمة ذبح الشعب العراقي من خلال دعم بقايا البعث والقاعدة والميليشيات والتدخل المباشر؟!

من الواضح ان المشاركين في هذه الحملة بعضهم وطني شريف يدفعه حبه لبلده ورفضه للحياة السياسية السائدة، ولكن بعض افراد الحملة ليسوا ابرياء خصوصا ان اسماء مشاركة فيها معروفة كانت تدافع عن جرائم نظام صدام علنا في وسائل الاعلام، وكانت احد الأدوات التي تقوم بمهمة تلميع صورته، وعليه يجب الحذر من هذه العناصر المدسوسة، ولانعتقد انها مجرد صدفة غياب الإشارة الى الى جرائم نظام صدام والتدخل السوري والإرهاب.. اذ يبدو ان هذه العناصر هي من يدير هذه الحملة ولايستبعد وجود جهات مشبوهة أخرى تعمل خلف الكواليس لتوجيه الحملة !

من حُسن حظي.. أنا العراقي الوحيد الذي انتقد كافة الأحزاب بلا استثناء، وشن حملة شرسة ضدها قبل سقوط نظام صدام منذ كنت اعمل مع المعارضة، وبعد تحرير العراق من قبضة الدكتاتور استمر موقفي ورفضت العملية السياسية بأكملها ومازلت بدوافع وطنية واعية، ولديّ جهد فكري دائم لعله الأكبر والأكثر شمولا وعمقا لمعالجة أزمات وطننا لدرجة حُرمت من زيارة العراق خوفا من القتل.. لذا من حقي نقد أي عمل معارض للحياة السياسية الراهنة وتصويبه دون ان يستطيع أي شخص إتهامي بالدفاع عن الحكومة أو الاحزاب أو أية جهة أخرى.

طالع دراستي : التحليل النفسي للشخصية العراقية
http://masterkhalid.maktoobblog.com/5/

[email protected]