علي مدار تاريخه عرف عن مبارك طول الأناة والصبر والذي سماه أنصاره حكمة الرئيس، ولكن في الحقيقة لم يكن حكمة بل كان نوع من أنواع العند، وعدم القدرة علي اتخاذ القرارات الحاسمة وعدم الشجاعة علي المواجهة من جانب أخر.

ومنذ اندلاع ثورة الشباب المصري في الخامس والعشرين من يناير والرئيس يسير في ذلك الخط، عند وبطئ في الإجراءات يقابله عند في الشارع وزيادة في عدد المتظاهرين، وعند مبارك هذه المرة يرجع لمحاولته الحفاظ علي نظامه وبالتالي حماية أسرته والمحيطين، فلقد ضحي الرجل بمصالحه الشخصية في مقابل مصالح الوطن.

أتخذ الرئيس عده إجراءات ولكن خانه التوقيت فيوم الجمعة 28 يناير تكلم الرئيس لأول مرة أي بعد أربعة أيام من اندلاع ثورة الغضب ليعلن استقالة الحكومة وتكليف اللواء شفيق بتشكيل حكومة جديدة وتعيين عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية، ولقد كان القرار الصحيح في التوقيت الخطأ، ولذا لم يفلح القرار في عودة الهدوء، لقد كان لهذا القرار أن ينجح في إعادة الهدوء لو أتخذ قبل ذلك بأربعة وعشرين ساعة فقط، كل ما كان يطالب به الشعب إقالة وزير الداخلية فقط وليس الحكومة.

ومع عند الرئيس ترتفع موجة الغضب في الشارع ويزيد عدد الغاضبين حتي يصل لخمسة مليون غاضب في الأول من فبراير، فيخرج علينا سيادة الرئيس ليعلن عدم ترشحه للرئاسة ونهاية عمله في سبتمبر 2011، وللمرة الثانية فهو قرار صحيح في الوقت الخطأ فذلك التصريحات كان يمكن أن تعيد الهدوء لو اتخذت يوم الجمعة 28 يناير فيرد الشعب الرحيل الآن بل وتعدي الأمر من طلب الرحيل الآمن له ولأسرته لتقديمه للمحاكمة هو وأسرته.

ويزداد الأمر اشتعالا في شوارع مصر في الوقت الذي لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يمكن حدوثه، وخصوصا بعد دخول تيارات لم يكن لها علاقة بالثورة في بادئ الأمر ومحاولتها السطو علي الثورة ونسبة الثورة لأنفسهم، كالإخوان المسلمين مثلا والجماعات السلفية.

في تصريحات مبارك الأخيرة لم يعلن عن نيته في ترشيح جمال مبارك من عدمه هذه نقطة، النقطة الأخرى صرح بعقاب المتسببين عن الأحداث وهذه كانت نقطة في منتهي الغباء فقد فسرها البعض أنه ينوي محاسبة العادلي ورجاله وفسرها البعض الآخر أنه يقصد محاسبة قيادات الشباب التي دعت للثورة الأمر الذي يجعل من عودة الهدوء شئ مستحيل فكيف يعود متظاهر لمنزله لينتظر وصول رجال مبارك للقبض عليه؟؟؟

ربما في الأيام القادمة يخرج علينا مبارك ليعلن قرارات أخري مثل عدم ترشيح جمال مبارك وحل مجلس الشعب والشوري، ولكن ما أخشاه أن يأتي القرار الصحيح في التوقيت الغير صحيح للمرة الثالثة!!!

مبارك يملكه العند والخوف علي مصيره ومصير أسرته وهو سبب تمسكه بالسلطة وخصوصا أن الضمانات التي أعطيت لبن علي ذهبت أدراج الريح مع الأيام، والشعب يريد الخلاص من مبارك ومن نظامه والعند متبادل فقد دحرج الشعب الحجر من علي صدورهم وينوي التخلص منه نهائيا.

في النهاية ما يهمني هو أمن وسلامة هذا الوطن وفر رأيي أن الحل ليس بالأمر الصعب فالحل يكمن في تخلي مبارك عن السلطة وتسليم السلطة لنائبة لفترة انتقالية مدتها سنة، تجري بعدها انتخابات يشرف عليها المجتمع الدولي لضمان نزاهتها.

في نظري هذا الأمر قادر علي إعادة الهدوء للشارع المصري ولكن متي سيتخذ القرار وهل سيتخذ في الوقت الصحيح أم انه يستخذ في الوقت الغير صحيح؟؟؟ خصوصا أن الأزمة الحالية أثبتت أن الرئيس مبارك ونظامه ليس لديهم القدرة علي قراءة الشارع المصري القراءة الصحيحة.