ليس بالضرورة ان يسأل کل امرء نفسه عن مدى و مستوى محبوبيته لدى الناس، لکن لايوجد انسان على وجه البسيطة لايتمنى أن يکون محبوبا من قبل الجميع، بل وان أمنية معظم البشر ان يجدوا متسعا مناسبا لهم في قلوب و أفئدة الآخرين، لکن و کما يقول المثل المشهورquot;رضا الناس غاية لاتدركquot;، فمن الصعب جدا ان يتمکن ثمة انسان عادي من إستمالة کل القلوب و جذبها إليه، ولطالما کان للانسان محبين و کارهين، رغم ان النسبة تتفاوت من انسان لآخر، لکن وفي النتيجة النهائية لايوجد انسان في العالم کله يحظى بحب الناس کلهم و تظل تلك المسألة غاية لاتدرك.

هذا الس?ال، أعتقد بأنه ليس هنالك من رئيس او زعيم في العالم لم يفکر فيه ولم يحلم او يتمنى في نفس الوقت ان يکون محبوبا من لدن شعبه بصورة عامة، بيد انه وفي نفس الوقت، لايوجد رئيسquot;حصيف و فطنquot;لايعرف حقيقة و مستوى المشاعر التي يکنها شعبه له، ورغم ان الماکنة الاعلامية لمعظم الر?ساء و الزعماء(في بلداننا بشکل خاص)، تسعى لإضفاء هالة استثنائية و بريق غريب من نوعه عليهم وتحاول تصويرهم على انهم اناس غير عاديين وانهم يمتلکون عقلية و ذکائا لايمکن ان يمتلکه أي انسان عادي، وحتى ان الامر يصل أحيانا الى وصف هذا الرئيس او ذاك الزعيم بأوصاف خيالية من قبلquot;القائد الضرورةquot;اوquot;المفکر العالميquot;، او غيرها، لکن، هذا الکذب او التزييف و التحريف، يمکن ان ينطلي بسبب او آخر على مجاميع من الناس، لکن، من السهولة معرفة إجماع شعبيquot;في صمتquot; على عدم تصديق تلك الکذبة الکبيرة، ويقينا هنالك الکثيرون من رجال و رموز السلطة التي يمثلها الرئيس او الزعيم يستخفون في اعماقهم به و ينظرون إليه من حيث يجب أن ينظر إليه، غير انه حتى ه?لاء و بحکم الانتفاع او الخوف يقفون في صف المصفقين و المبجلين و الممجدين بالرئيس او الزعيمquot;الفريدquot;في کل شئ، إلا ان حدوث تغيير جذري في النظامquot;لأي سبب کانquot;، يدفع هذه الثلة لإعلان مواقفها الحقيقة حيال ذلك المغرم بکرسي الرئاسة او الزعامة و عندئذ يتفاجأ الناس بهذه الثلة وکيف کانت تطبل و تزمر للرئيس وهي تحمل في أغوارها هکذا أحاسيس و مشاعر سلبية منهquot;کما هو الحال في تونسquot;.

الحديث عن رؤساء و زعماء بلداننا، يقود بالضرورة الى طرح الاسلوب و الطريقة التي وصلوا بها الى السلطة، والتي وفي معظمها ليست شرعية او قانونية بالمعنى الحرفي للکلمة، کما ان المستوى و الاهلية و الکفاءة التي يتحلى بها هؤلاء تلعب أيضا دورا فعالا و قويا في بناء شخصيته في نظر الشعب و بالتالي تحدد شکل و مضمون العلاقة بينهـما، ولايبدو ان أکثرية بلدان المنطقة تحظى برئيس او زعيم محبوب بنسبة عالية من جانب الشعوب بل ان العکس صحيح تماما وهو يطرح دوما من قبل الاوساط الشعبية و النخب الثقافية، والحق انه قد آن الاوان لکي يطرح کل رئيس على نفسه سؤال حول مدى محبوبيته لدى أبناء شعبه، وانه حري به أن يتخذ موقفاquot;رجولياquot; وquot;مشرفاquot; بنائا على جواب السؤال الذي يعلمه هو قبل غيره، ذلك ان سخونة الاوضاع في مصر و اليمن و الجزائر و الاردن، قد تکون بمثابة إشارة أکثر من قوية قبل أن تقع الفأس في الرأس و يتکرر السيناريو التونسي و يصبح الرئيس مطلوبا من قبل البوليس الدولي الانتربول!