أخيرا إنقلب السحر على القادة العرب..أخرج أولهم من حفرة العنكبوت ليشنق على مرأى من مشاهدي الفضائيات، والثاني قدم للمحكمة الدولية وينتظر لف حبل المشنقة على رقبته، والثالث ملاحق حاليا من الانتربول، وبالتأكيد سيعتقل ويقدم مدحورا مذموما الى محكمة الشعب ليصعد بدوره الى المشنقة، ورابعهم وخامسهم وسادسهم وعاشرهم ينتظرهم نفس المصير..

فهؤلاء لم يتعظوا من دروس التاريخ وما أكثرها، فلا هم رحموا شعوبهم ولا دعوا رحمة الله تنزل على عباده المؤمنين..
قبل اسابيع كان زين العابدين بن علي يملك الدنيا وما فيها، وزوجته تتزين بطن ونصف من المجوهرات، واليوم لا يجدون هم وأولادهم مكانا يبيتون فيه ليلتهم على رحابة أرض الله الواسعة، ومشكلتهم أنه لا توجد مستعمرات في الفضاء الخارجي حتى يلجئوا اليها، لذلك مصيرهم الى الحفرة التي طالما أودعوا فيها مواطنيهم الشرفاء.

تجول في كل البلاد العربية من النادر أن تجد فيها رئيسا سابقا الا ما ندر، وبعدد أقل من أصابع اليد الواحدة، فجميعهم إما معدومون أو مقتولون، ومنهم من ينتظر نفس المصير...
الذي أعرفه أن الإنسان كلما طال به العمر زاد حكمة وخبرة في الحياة، ومن طال به عمر الوظيفة أو المهنة سيكتسب تجارب أكثر وخبرة أكبر، ولكن عندنا فإن الحكام يبقون مراهقين في السلطة.

في هذا الشرق المبتلى بالدكتاتوريات من العادة أن رئيس أي دولة يستلم الحكم سواء بإنقلاب أو بإنتخابات مزيفة لا بد وأن يكون قد وصل الى حدود الخمسين من العمر، وهذا هو معدل أعمار الرؤوساء والقادة العرب عند تسلمهم السلطة، فلو إفترضنا، وهذا ليس إفتراضا، بل هي حقيقية ماثلة أمام جميع الشعوب العربية، أن كل واحد منهم حكم لثلاثين سنة وهذه عادة متأصلة فيهم، فإنه يكون قد وصل الى أرذل العمر، حينها تضعف حواسه الخمسة بطبيعة الحال فلا يصلح شرعا مع هذا الوهن أن يقود أمة أو شعبا، ولكن أكثرهم للحق كارهون.

عدوى تونس بدأت تنتقل الى بعض الدول العربية، وبالتأكيد سيمتد اللهيب ليحرق كل الدكتاتوريات والأصنام العربية الباقية التي لا تتزعزع عن مواقعها بالحكم الا بالقوة والإرادة الشعبية.
ووالله إنها لحيرة، فإذا مارس الرئيس قمعا ضد المتظاهرين كما في سالف عهده حين كانت العيون تعمى عن تجاوزات الأنظمة الدكتاتورية، وقتل عشرين أو ثلاثين متظاهرا، فإن مصيره بعد السقوط الحتمي جراء إستخدامه العنف ضد المتظاهرين، هو المساءلة والمحاكمة الدولية بتهمة إرتكاب جرائم الحرب والإبادة.

وإذا لم يستخدم العنف وقدم تنازلا ولو صغيرا للمتظاهرين تجاسروا عليه وإقتحموا مكتبه وطردوه من البلاد، والمشكلة المضافة أن معظم هؤلاء الحكام هم سراق للبلد الذي يحكمونه وبالتالي فإنهم سوف يحاسبون بعد فرارهم وسيلاحقهم الشعب بتهمة الفساد وعقوبته الشنق والموت الزؤام، ثم مصادرة كنوزهم المسروقة من البلاد والعباد.
فأين المفر؟.

المفر في الخطوة الأخيرة لتبرئة ذممهم أمام شعوبهم، فالقمة العربية المقبلة باتت على الأبواب، ولذلك أقترح وأنصح القادة العرب أن يستغلوها إذا ما بقوا الى حين إنعقاده على دست الحكم، ليقدموا جميعا إستقالاتهم من مناصبهم ويحلوا أحزابهم السلطوية ويتركوا السلطة ليقرر أبناء الشعب من يختارونه لأنفسهم.
ألا فليعلم الجميع حكاما وقادة بأن التعتيم الإعلامي بوقف المواقع الأخبارية والإجتماعية، أو إستخدام خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع سوف لن تجديهم نفعا، وأنهم في المحصلة سيضطرون الى ان يذرفوا الدموع الحارة بدل شعوبهم على أمجادهم الزائلة وعلى ضياعهم وتشردهم في منافي الارض بإنتظار تكبيلهم بالأصفاد وسوقهم الى نفس المشانق التي طالما نصبوها لغيرهم من أبناء شعوبهم.وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..

[email protected]