أود في هذا المقال ان اطرح بعض التساؤلات للمفاوض صائب عريقات والذي قابلته مرتين في لندن ولا أحسده على مهمته الصعبة او شبه المستحيلة.

ذكر في مقابلته مع الجزيرة مؤخرا quot; ان الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني يساعد الشعب الفلسطيني ويحمي المقدساتquot;. وهذا يسجل له.

ولكن هناك عدم ارتياح في الأوساط الأردنية عما جاء في احد الوثائق المسربة التي تنسب له القول quot;نرفض اي دور أردني للأردن في القدسquot;.

لا أريد الخوض في متاهات صحة او عدم صحة الوثائق المسربة. حتى لو افترضنا ان الوثائق مزورة وتم التلاعب بها لماذا لا يقدم عريقات نفيا قاطعا واضحا. سنحت له الفرصة في مقابلة مع البي بي سي ليلة الاربعاء 26 يناير الحالي عندما سؤل بطريقة غير مباشرة عن هذه النقطة ونقاط اخرى متشابكة. كان جوابه عاما حيث قال نحن نتشاور مع مصر والآردن.

طبعا كرئيس للمفاوضين يحق له التفاوض في اطار الثوابت وبتنسيق وتشاور مع الزملاء في السلطة. ولكن قوله انه يرفض اي دور اردني في القدس فقط لارضاء تسيبي ليفني بحاجة لتوضيح حيث ان هذا الموقف يتناقض مع موقف السلطة الفلسطينية الرسمي. ويحق لنا ان نطرح بعض التساؤلات ومنها هل هذا هو رأي وموقف السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس.؟ هل شاور عريقات السلطة وزملاءه في هذا الموضوع؟ وهذا يثير التساؤل هل قال ذلك لارضاء تسيبي ليفني؟ وكيف يفسر لنا ما يلي وهل المذكورة اسمائهم بالفقرات التالية يمزحون او يكذبون؟

أولا:

في لقاءه مع الصحفيين الأردنيين بتاريخ 5 تموز 2010 أعرب الرئيس الفلسطيني عن تقديره للدور الهاشمي التاريخي في خدمة المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس لبناءها والحفاظ عليها وتقديم كل ما يلزم لها.

كما أكد عباس ان اي حل يطرح بخصوص قضية اللاجئين الفلسطينيين لن يكون بمنأى عن الدول المعنية واولها الأردن. وهذا يتنافى مع ما جاء في الوثائق المسربة.

ثانيا:

في اكتوبر 2009 نقلت الصحف أن مسؤول ملف القدس حاتم عبد القادر أشاد بالدور الأردني ملكا وحكومة وشعبا على الدور الفعال في حماية الأقصى معتبرا ذلك دليلا على حرص الأردن والهاشميين على حماية المقدسات في مدينة القدس.

ثالثا:

في مارس آذار 2010 وعلى هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري لقمة سيرت أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أهمية الدور الأردني الذي يقوده جلالة الملك عبد الله الثاني لحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس. وقال ايضا ان الدور الأردني هو مكمل للدور الفلسطيني لحماية المقدسات. واستطرد بالقول ان الأردن يقوم بدور كبير في حماية المقدسات في كافة المحافل.

رابعا

وفي التاسع من ايلول 2009 اشاد مفتي القدس والديار الفلسطينية فضيلة الشيخ محمد حسين بالدور الاردني قيادة وحكومة وشعبا في دعم ورعاية المقدسات الاسلامية في القدس ودعم صمود الشعب الفلسطيني ووقوفه معهم جنبا الى جنب في معاناتهم المستمرة جراء الاجراءات الاسرائيلية التعسفية بحقهم وشدد ان للأردن دور فاعل في القدس والمقدسات ورعايتها ومن يدخل المسجد الاقصى يلاحظ قفزة نوعية في مرافقه واركانه بفضل الرعاية المستمرة من جلالة الملك عبد الله الثاني للمقدسات الاسلامية في القدس؟

خامسا

كما ان فضيلة الشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف أشاد بالدور الفاعل الذي يقوم به الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لحماية ورعاية المقدسات الاسلامية في القدس. واضاف ان دعم ورعاية الهاشميين منذ زمن بعيد وها هو جلالته يواصل الدعم والرعاية له.

سادسا

وبمناسبة اطلاق الملكة رانيا قبل عدة شهور مبادرة مدرستي فلسطين لتحسين البنية التعليمية في القدس، قال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض quot;ان تركيز جلالة الملك على القدس يحمل الكثير من المعاني التي تعكس بشكل صادق موقف الأردن الداعم للقضية الفلسطينية.

والسؤال: هل كل هؤلاء يمزحون ويكذبون ويخدعون؟ هل يشاركوا عريقات رأيه؟ نريد توضحيا.

وهل يمثل عريقات موقف السلطة والرئيس عباس ورئيس الوزراء سلام فياض ام انه يتحدث نيابه عن نفسه فقط؟

خدمة للمصداقية والحقيقة نطلب توضيح لا يشمله غموض او ابهام او عموميات؟

فلماذا التشكيك في موقف الأردن وتقليل أهمية دوره في الدفاع عن المقدسات وحمايتها ويرفض أي دور للأردن؟ هل الغاية ارضاء تسيبي ليفني؟ وهل شاور زملاءه في السلطة وهل شاور رجال الدين المسلم والمسيحي في المدينة؟

ومن جهة أخرى تجاهلت بعض وسائل الاعلام العربية عمدا او جهلا الدور الأردني الهام في الحفاظ على المقدسات وصيانة ودعم الاراضي المقدسة والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس. حاول البعض التقليل من أهمية الدور الأردني في الاشراف على المقدسات حتى في خطب الجمعة. هذا موقف من لهم أجندة تعمل لحساب قوى اقليمية. التشكيك في الدور الأردني ليس جديد واعتدنا عليه.

ورغم كل ذلك استمر الأردن بالدفاع عن المقدسات ودعم المقدسات وهذا الدور سيستمر حتى يتم التوصل الى اتفاق نهائي في وضع القدس.

quot;سلالة الهاشميين تمتد تاريخيا لنفس العائلة التي ينحدر منها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وقامت العائلة الهاشمية الاردنية بدور الوصاية على المقدسات منذ اوائل القرن العشرين واستمر الدعم والحماية للمقدسات حتى بعد حرب 1967quot;.

الخارجية الأميركية

وثيقة رقم 93085 عام 1994 الصادرة من دائرة الشؤون الخارجية الأميركية والتي تتعلق بالعلاقة الاميركية الاردنية أشارت الى الدور الأردني المستمر الآن وفي المستقبل في حماية وصيانة الاماكن المقدسة في القدس الشرقية.

المادة 9 من اتفاق السلام الاردني الاسرائيلي

تلزم اسرائيل باحترام الدور الاردني الخاص والمميز في العناية والاشراف على الاماكن المقدسة وعلى اسرائيل احترام هذا الدور. وتنص الاتفاقية ان اي مفاوضات للتوصل الى حل نهائي يجب ان تأخذ بعين الاعتبار الدور الاردني التاريخي. هذا الحق سوف لا يمنع الفلسطينيين من تشكيل حكومتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

ورغم ما نسب لعريقات سيستمرالأردن في تحمل المسؤوليات الكبيرة تجاه القدس. وأهمها مسؤولية أمانة وعهدة الاماكن المقدسة في هذه الفترة التاريخية المصيرية الصعبة. ومن المهم التذكير أنه تم ادراج هذه المسؤولية كبند هام في اتفاقية السلام مع اسرائيل.

الأردن يلعب دورا حيويا وتاريخيا وسوف يواصل هذا الدور الفعال البنّاء والايجابي والمتواصل تاريخيا بغض النظر عن الهزات السياسية التي تتعرض لها المنطقة وستبقى العهدة الهاشمية للمقدسات كأمانة في اعناق وضمائر الاردنيين ملكا وحكومة وشعبا.

اعلامي عربي - لندن