لم تکن ثورة الشعب الايراني في شباط عام 1979 والتي اسقط على أثرها نظام الشاه، مجرد حدث عادي مر بالمنطقة مرور الکرام، وانما کان أمرا إستثنائيا إعتبره المراقبون السياسيون زلزالا بالمنطقة، هذه الثورة الکبيرة و کل تلك الدماء و التضحيات التي قدمها الشعب الايراني من أجل إسقاط نظام الشاه، للأسف صادرها الخميني و الزمرة التي التفت حوله و غيروا من محتواها و مضمونها الانساني و الاخلاقي و جعلوها جسرا للوصول الى غايات و أهداف خبيثة إمتدت تأثيراتها السلبية الى مختلف دول المنطقة و العالم. اليوم، وبعد کل تلك الاعوام التي مرت بإيران و المنطقة و العالم، نجد ان نظام ولاية الفقيه قد بات خطرا جديا يهدد امن و استقرار و سلامة المنطقة و العالم، وان المخطط المشبوه الخاص الذي وضعه هذا النظام من أجل إقامة إمبراطورية دينية تخدم مصالح الملالي و المنتفعين منهم، مازال العمل فيها مستمر على قدم و ساق وان هذا النظام يستغل کل صغيرة و کبيرة من أجل مآربه الخاصة لإنجاز مشروعه الخبيث في الامبراطورية الدينية القمعية وهو امر لاحظه و يلاحظه الجميع.

ان النظام الايراني، وبعد ان تبنى مبدأ ولاية الفقيه المرفوض على الصعيد الاسلامي بشکل واضح، بات يهدد من خلال العمل من أجل الوصول الى هدفه الکبير، الامن القومي لدول المنطقة بشکل عام و الدول العربية بشکل خاص وهو قبل أن يلحق ضررا بشعوب و بلدان المنطقة و العالم، فإنه ألحق و يلحق أضرارا فادحة بالشعب الايراني بحيث ان مستويات المعيشة لدى معظم أبناء هذا الشعب المسلم قد تدنت بشکل فظيع وان إرتفاع نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في إيران الى أکثر من 80% من الشعب الايراني، و إرتفاع نسبة البطالة و تفشي مختلف الاوضاع و الحالات السلبية داخل المجتمع الايراني، لدليل ساطع جدا على ماأقترفه و يقترفه هذا النظام من جرائم و أخطاء کبيرة لاتغتفر بحق هذا الشعب، وان الانتفاضة التي أعقبت عملية إنتخاب محمود أحمدي نجاد لولاية جديدة، کانت ردا واضحا و قويا على کل مخططات و جرائم النظام، لکن، وبعد ذلك الاسلوب القمعي البالغ القسوة الذي أتبعته الاجهزة الامنية لنظام الملالي في التصدي ومواجهة الانتفاضة البطلة، تمکن هذا النظام وللأسف خطف وقت إضافي جديد لبقائه ککابوس على صدر الشعب الايراني و تأخير إزاحته من السلطة الى إشعار آخر.

اليوم، وبعد ان نجح الشعب التونسي في ثورته و أزاح نظام الرئيس زين العابدين بن علي من الحکم و فرض إرادته الحرة، فإن أنظار الشعب الايراني قد توجهت الى هذا التغيير الکبير و ان الانباء الواردة من مختلف المدن الايرانية تتحدث عن تمني الجميع بأن يحدث نفس الشئ لديهم و ينزاح کابوس نظام ولاية الفقيه من على صدورهم، لکن، وکما هو معلوم و معروف وفق القاعدة القرآنية(لايغير الله مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم)، فإن تغيير هذا النظام القمعي لايتم عنوة او بشکل فجائي من دون سعي جدي و حثيث من جانب ابناء الشعب الايراني، واننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، ومن خلال علاقتنا القوية بمختلف أطراف المعارضة الايرانية، ندعو و نحث مختلف شرائح الشعب الايراني الى الثورة على هذا النظام لأنه واجب شرعي يتم من خلاله تغيير حاکم ظالم أشاع الفقر و الحرمان و يتم الاطفال و أعدم کل مطالب بحقه او حقوق شعبه في حياة حرة أبية وهو أيضا واجب وطني لأنه تغيير لطرف خان مبادئ الثورة التي ضحى من أجلها الشعب و صادرها من أجل أهداف ضيقة و محددة و واجب أخلاقي لأنه تغيير للفاسد الذي أضر بالمصلحة العامة و لم يحکم بالصورة التي کان يحلم بها الشعب الايراني وانما کان في واقع أمره إمتدادا لکن بشکل آخر لنفس النظام السابق.

اننا في الوقت الذي نؤکد فيه على قوة و رسوخ العلاقات التأريخية بين الشعب الايراني و الامة العربية، فإننا نطمح الى إقامة هذه العلاقة على الاصعدة الرسمية أيضا ذلك أنها ومنذ زمن الشاه ولحد اليوم مازالت تعاني من التحديد و التحجيم و التسييس، واننا واثقون أشد الوثوق من أن إمتلاك هذا الشعب لحريته الکاملة سوف يقود بالنتيجة الى إقامة علاقات متينة و طيبة و قوية بينه و بين الامة العربية بالصورة التي تخدم مصالح الطرفين و تساهم في توفير أجواء الامن و الاستقرار و الهدوء في المنطقة کي يعيش الجميع بسلام بعيدا عن ظلال و أجواء التهديدات و الحروب و الازمات، واننا متأکدون من ان إقامة هکذا علاقة لن تتم أبدا مع بقاء هکذا نظام على دست الحکم في طهران وان الاجواء الشعبية المکفهرة غضبا عارما في مختلف المدن الايرانية و ذلك الامتعاض و الاستياء الشديدين اللذين باتا واضحين على محيا کل إيراني محروم، يجب أن يوظف الان لخدمة الاهداف السامية التي يسعى من أجلها، وان الفرصة الان مواتية أکثر من أي وقت مضى خصوصا وان جميع فئات الشعب قد باتت معبأة بالروح الثورية و تطمح و تحلم بالتغيير الجذري للأوضاع المزرية في البلاد، ومن هنا، من موقعنا المرجعي و بحکم العلاقة التأريخية بين أمتنا العربية و الشعب الايراني، وبحکم العقيدة السمحاء و المصالح المشترکة التي تربطنا، فإننا ندعو الشعب الايراني لإشعال ثورة الزعفران في کل أرجاء إيران وإقامة نظام سياسي يلبي طموحاته و أمانيه و يحقق أهدافه المتباينة وان الله لعلى نصر الشعب الايراني لقدير.

*المرجع الاسلامي للشيعة العرب.