اجتماعات الرئيس المصري حسني مبارك بالحكومة الجديدة في مقر رئاسته بمصر الجديدة لبحث الأوضاع الداخلية، بحضور نائبه عمر سليمان والدكتور أحمد شفيق رئيس الوزراء والدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشورى صفوت الشريف ووزير الدفاع والإنتاج الحربي حسين طنطاوي، قد تؤدي الى أِمتصاص مؤقت للأنتفاضة المصرية الشعبية.

قديمة كانت أو جديدة، فأن لعبة مبارك الحالية (المُهيأة له) ولنظامه المهتري هي التعلق بألافكارالأمريكية الداعية للتحول السلمي للسلطة وتجزئة مشاركة المعارضة في تحكيم وتعديل بعض فقرات الدستور ونفخ الحياة فيه وتقديمه بصور ديمقراطية، في وقت تقوم فيه قوات الحرس القديم من المنتفعين بتُمييع وتُخدير وأجهاظ أي تحول لثورة حقيقية لتغيير النظام بأساليب الخداع والتسويف، ووفق سقف زمني يحدده العسكر، يتم فيه أمتصاص النقمة الشعبية وأِنهاء الأنتفاضة.

أمتصاص النقمة الشعبية هو الهدف الأول في لعبة مبارك وعصاه السحرية التي تباركها وترعاها مؤسسات سياسية أمريكية أعلامية لتحريك العملاء والخدم الأساسيين في لعبة التخدير للحفاظ على ماتبقى من النظام المهتري. بدأت اللعبة بخطاب، ثم بتعيين شخصي لعمر سليمان نائباً للرئيس مبارك، حلّ الوزارة القائمة وتشكيل أخرى، تعيين شخصي لرئيس وزراء، التنازل عن الحكم في شهر سبتمبر أيلول من هذه السنة، عدم ترشيح نفسه أو نجله جمال للأنتخابات القادمة، ودعوة المعارضة الشعبية للأجتماع لغرض الأستماع الى مطاليبها بعد مقتل أكثر من 450 مواطن مصري، وأنتهت اللعبة بأجتماع الشلة القديمة الجديدة وتخصيصها علاوة بنسبة 15% لمعالجة الظروف الطارئة والحالة المعاشية للعمال والموظفين. وقد تُرضي لعبة النظام المصري بعض الأوساط، كما قد يطمئن الوفد الأسرائيلي السري الذي أجتمعَ مع عمر سليمان وأِنبهر بقدراته السياسية في معالجة الموقف. ولكن سيبقى غموض اللعبة القادمة ومناورات النظام خافية وصياغتها غير معروفة حيث ترسم بدقة خلف الاسوار.

حرب أستنزاف الأرادة الشعبية ليست تكتيكاً جديداً والألعاب المفبركة للعديد من الأنظمة السياسية تتوجه مباشرة الى التحكيم والتشاور وتعديل الدستور ونصوصه الوضعية لأصلاح النظام في تعهد للحفاظ على حقوق المواطنين الأساسية وتنفيذ أرادتهم، وكأن المشاركين في هذه اللعبة أكتشفوا البارود فجأة. فما يفترض بالدستور هو خدمة مصالح الشعب العامة ورعايتها.فأين تم دفن دستور الدولة كل هذه السنوات؟ رحيل الاصيل وتنصيب الوكيل وشخصيات عسكرية وأِعلامية مصرية حكومية ممولة لم يكن لها يوماً مُشاركة حقيقية في نقد وتصحيح مفاهيم خاطئة، هي جزء من اللعبة المُقدرة التي تأمل بغسل أدمغة المصريين ل 30 سنة أخرى من النهب والسرقة والفساد وتسليم البلاد لأرادة أجنبية جنتْ منها الأسرة الحاكمة مابين 50 الى 70 بليون دولار. مازالت أحلام طبقة عسكرية تُغذي نظام مهترئ وتنفخ فيه الأمل وبأستمراره. وكما عيّن بعد الأنتفاضة عمر سليمان نائباَ لرئيس الجمهورية، عيّنَ الرئيس مبارك السيد حسام بدراوي امينا عاما للحزب وللجنة السياسات، لتبقى نفس الطبقة تحكم مصر حكماً بوليسياً بعيون الأستخبارات وأجهاض أي حركة أصلاحية يبغيها الشباب المنتفض في الحركة الشعبية. لقد تعلمت الشعوب المضطهدة ألأعيب الأنظمة السياسية، وبدأت الغشاوة عن العيون تزول تدريجياً لرؤية حقيقة تخدير زمني دام 30 سنة لحلقة الحكم والزبانية المرتزقة وأبتكاراتهم لأنواع التأمر الداخلي والتخويف الخارجي.

في الاسبوع الماضي سمحت أسرائيل للجيش المصري بنشر كتيبتين تتألف من rlm;800rlm; جندي بالقرب من رفح المقسمة بين سيناء وقطاع غزة للمرة الاولى منذ توقيع معاهدة السلام عامrlm;1979rlm;، وسماح القيادة الأسرائيلية على هذا الأنتشار ليس سببه تزايد تهديد البدو بعد تفجير محطة للغاز في سيناء، بقدر ماهو السعي الى عدم وقف امدادات الغاز من مصر الي إسرائيلrlm; والتخويف بردود الفعل الخارجية. وحتى في حالة تغيير النظام في مصر فأن إسرائيل لايمكن ان تسمح لأي أدارة مصرية بانتهاك معاهدة السلام بينها وبين مصر. وواقع الحال، يدعونا للقول بأنه لاتوجد قناعة مصرية لقاعدة جماهرية واسعة بأمكانها تنفيذ تهديد الغاء معاهدة السلامrlm;.
هذا ماستكشفه ألاحداث....أنه قدر مصر وشعبها المناضل.

باحث سياسي وأُستاذ جامعي