بعد ان خرج شباب مصر يوم 25 يناير بمسيرته السلميه الرائعة فى شوارع العاصمة المصرية كتبت يومها معربا عن تأييدى لهم ومطالبهم العادلة ومشيدا بما فعلوه وقلت بالحرف الواحد فى ختام مقالتى اننى انحنى تقديرا واحتراما لكل من خرج منهم فى هذه المسيرات السلمية نيابة عنا جمعيا.. ونشرت مقالتى فى اكثر من صحيفة وموقع على الانترنت.

بعدها بيوم او اثنين تبدل الحال تماما حيث انتهز البعض من اللصوص والبلطجية والانتهازيين الفرصة لاستغلال مسيرات الشباب والعمال والموظفين والغلابة والعاطلين عن العمل لسرقة المحال التجارية والبيوت وتخريب الاملاك العامة والخاصة وترويع الابرياء والاعتداء عليهم وتحقيق مصالح خاصة لهم..

وكانت المصيبة الكبرى ان انتهز البعض الفرصة لاقتحام عدد كبير من السجون المصرية وقاموا باطلاق اتباعهم واعوانهم واصدقاءهم بعد ان قتلوا الحراس وحرقوا الوف الملفات التى تحمل ادلة واثباتات جرائم الذين هربوا من السجون.

وقدرت وزارة الداخلية المصرية تعداد من خرجوا او هربوا من السجون المصرية ب 17 الف سجين من ضمنهم الوف من اعضاء الجماعات الاسلامية المتطرفة وبعض قيادات جماعة الاخوان المسلمين وعدد من الفلسطنيين التابعين لحماس!

لقد كانت البداية فى يوم 25 يناير تحرك سلمى سليم مائة فى المائة.. مسيرات سلمية اعرب المشاركين فيها من شباب مصر عن مطالبهم بطريقة متحضرة رائعة بعيدة كل البعد عن العنف.. كان الشباب يومها يتحدثون باسم مصر كلها من مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم.. عمال وموظفين وفلاحين وعاطلين عن العمل.. فقراء واغنياء.. سكان المدن والقرى.. كانت مسيراتهم وطنية صادقة خالصة لصالح الوطن وكل ابناءه..ولكن عندما رأى الانتهازيون واصحاب المصالح الخاصة وطيور الظلام ان الشباب بدأوا يحققون بعض التقدم والنجاح وان الشعب المصرى بدأ يستجيب لدعوتهم بالانضمام لمسيراتهم لصدق ونبل اهدافهم..

تراجع هؤلاء الفوضويين عن رفضهم العلنى للمشاركة وقرروا فجأة الانضمام الى الشباب حتى يظهروا فى الصورة ويقومون بسرقة الاضواء منهم وونسب اى نجاح يحققه الشباب الى انفسهم..بل والادهى انهم راحوا يتحدثون الى وسائل الاعلام العالمى ويعرضون مطالبهم وشروطهم كما لو انهم حصلوا على تفويض رسمى من الشعب المصرى للتحدث باسمهم او كما لو انهم هم الذين حركوا الثورة ومسيرات الاحتجاج ضد النظام المصرى وليس الشباب المصرى.. بل وبلغت خيانتهم للوطن وشباب مصر وشعبها ان ممثلين عنهم قاموا سرا بزيارة السفارة الامريكية فى القاهرة خلال الايام الماضية واجروا حوارا لا يعرف احد تفاصيله مع كبار المسئولين فيها رغم انهم علنا يسبون الامريكان ويلعنون جدودهم وجدود اباءهم يوميا فى صحفهم ومواقعهم على شبكة الانترنت!!

ان ما فعلته جماعة الاخوان المسلمون لثورة الشباب المصرى ومحاولتهم المستميتة فى الظهور ووضع انفسهم فى الصفوف الامامية حتى يبدون كما لو انهم هم قادة الثورة ضد النظام اليكتاتورى البوليسى الذى يحكم مصر اقل ما يمكن وصفه بانه يعد انتهازية وخيانة للشباب وكل مصرى خرج طواعية الى الشوارع خلال الايام الماضية بسبب الغلاء او البطالة او صعوبة الحياة او من المعاملة غير الانسانية التى يتعامل بها البوليس فى مصر او لاى سبب اخر.

للاسف الشديد لقد اعطى ظهور الاخوان البارز فى الاعلام العالمى وتواجدهم المكثف وسط مسيرات الشباب الاخيرة صورة مغلوطة للعالم عن واقع الشارع والمجتمع المصرى المعتدل غير المتعصب جعلتهم يتصورون ان مصر بدون مبارك والنظام الحالى سوف تسقط فى يد الاخوان المسلمين وتصبح دولة متطرفة مثل ايران لا شاغل لها سوى تحدى العالم والحروب ونشر التعصب والتطرف.

احزننى اننى لم اقرأ خلال الايام الماضية صحيفة استرالية او اجنبية الا ووجدت بها مقالة او اكثر يتمنى كاتبها ان يحكم مصر خلفا لمبارك الجيش المصرى وليس البرادعى او سعد الدين ابراهيم او ايمن نور او اى مصرى اخر.. لماذا ؟ تخوفا من تولى الاخوان المسلمين الحكم وما قد يترتب على هذا الامر من الغاء اتفاقيات السلام مع اسرائيل ومن ثم حدوث حروب وكوراث فى منطقة الشرق الاوسط باكملها.

خلاصة الكلام : 1- يجب ان يدرك الشعب المصرى ان الاخوان المسلمين يعتبرون بمثابة quot;بعبعquot; حقيقى ليس فقط لاسرائيل او المعتدلين فى مصر من مسلمين ومسيحيين وانما لمعظم دول العالم فيما عدا تركيا وربما باكستان والصومال وافغانستان وحفنة اخرى قليلة من دول العالم ولذلك لايريدون الضغط على مبارك بالدرجة الكافية التى تجعله يرحل فورا تلبية لمطالب الغالبية من المصريين. كما ان وجودهم فى الصفوف الامامية ومحاولتهم الغبية التحدث باسم المصريين بدون وجه حق او تفويض من احد يخدم مصلحة النظام بالدرجة الاولى.

2- اذا كان الاخوان المسلمون فى مصر يهمهم حقا مصلحة الوطن والشعب عليهم ان يتخلوا علانية وصراحة عن اجندتهم الدينية ويتوقفوا تماما عن المتاجرة بالاسلام اواستخدامه لتحقيق اغراضهم السياسية. يجب عليهم ترك الاسلام لشيوخ الازهر ورجال الدين الاسلامى ووضع اياديهم مع ايادى بقية ابناء الوطن من مسيحيين ومسلمين وعلمانيين باخلاص وصدق من اجل تحقيق التغير المطلوب التى نحلم به جمعيا وبناء مصر الحرة الديمقراطية العادلة السمحه التى تحترم حقوق ابناءها وادميتهم وانسانيتهم ولا تفرق بينهم بسبب اديانهم او ميولهم السياسية او الفكرية.

3- حسنا فعل الرئيس مبارك لاختياره عمر سليمان لكى يكون نائبا له وربما رئيسا لمصر من بعده حتى تتم عملية اعادة بناء البيت المصرى وتستقر الامور والاوضاع الداخلية واثق ان الرجل وفى ومخلص ومحب لوطنه ويهمه بالدرجة الاولى مصلحته ولااعرف مبررات واسباب البعض داخل مصر لكى يعترضوا عليه.. مصر بعد مبارك تحتاج الى رجل قوى يقضى على الفوضى والتسيب والفساد ويكون قادرا فى نفس الوقت على توحيد الشعب وقيادة البلد الى الامام بقوة وثبات وثقة لكى تلحق بركب الدول الاخرى المتقدمة.

4- فى اعتقادى الشخصى ان نظام الرئيس مبارك انتهى وفقد شرعيته منذ يوم 25 يناير الماضى حتى لو استمر لاسبوع او شهر او شهرين اخرين..وارى ان عهدا جديدا بدأ بالفعل فى مصر رغم قتامة وسواد اللحظة ودمويتها وقسوتها.. ولذا ارى عودة الناس الى اعمالهم مرة اخرى فورا امرا حيويا وهاما جدا حتى لايخرب الاقتصاد المصرى ويشهر اصحاب الاعمال الصغيرة والكبيرة افلاسهم ويزداد الفقر والبؤس والبطالة ومعاناة الناس اكثر واكثر.

استراليا

[email protected]