واقع مر و عيسر يعيشه اليوم الشعب المصري للمطالة سلميا و حضاريا بمغادرة الرئيس حسني مبارك لحكمه الديناصوري، بعدما إنتقل الشعب المصري في التعبير عن مطلبه من جمعة الغضب إلى جمعة الرحيل، ليصل اليوم إلى مرحلة الصمود فيما سمي بأسبوع الصمود، فثورة الشباب المصري لإرغام مبارك على الرحيل و الإستسلام إلى إرادة الشعب قد مرت بثلاثة مراحل إلى حد الساعة...غضب ثم رحيل ثم صمود و نرجوا ألا تصل إلى مرحلة العصيان المدني و التحول إلى مواجهة مباشرة مع النظام، و هنا سيقع الشباب في فخ المناورات السياسية، و تعم الفوضى.

الظاهر أن المراحل الثلاث التي وصلت إليها ثورة الشباب المصري ضد المعمر الرئيس حسني مبارك لم تكن مسطرة بل تظهر بأنها عشوائية (و نتمنى أن تكون كذلك )، فإن كانت مسطرة فالأمر مختلف تماما؟؟

غير أن ما ميز و أدهش العالم اليوم خلال المراحل الثلاث التي عاشها الشارع المصري في القاهرة و بالتحديد في ميدان التحرير هو إستعانة النظام المصري بجمال و خيول لقهر إرادة الشعب في التغيير، و مواجهة النظام بشعارات و إحتجاجات...فنظام حسني مبارك يبدو أنه لم يتمكن من إقناع أركان الجيش بإطلاق الرصاص و الدبابات على المتظاهرين، ليجد حل بسيطا و تهريجي يتمثل في إطلاقه لترسانة خيول و جمال لقمع المحتجين دهسا و ترويعا، و هذا ما حدث في ميدان التحرير، فالخطة نفذتها مجموعات سميت بالبلطجية المدفوعي الأجر، و تم التبرء منها من قبل المسؤولون في النظام و هذا كان متوقع.

فالمعركة بين شباب الفايسوبك كما سميوا و بلطجية الجمال قد إنتهت بالإعتذار الرسمي من قبل رئيس الحكومة المصرية أحمد شفيق الذي قال أنه سيتخد إجراءات و يفتح تحقيق ضد هؤولاء البلطجية ركاب الخيول و الجمال الذين روعوا الشعب، و أدهشوا العالم و ووسائل الإعلام الدولية و المحلليلن...فلا احد كان يتصور مواجهة من هذا النوع في أحد الثورات التي يعيشها العالم العربي اليوم في القرن ال21..فالنظام المصري قد فشل في إحداث التوازن في الشارع من خلال محاولته لإبراز أصوات مطالبة ببقاء الرئيس مبارك.

فسيناريوهات خروج أو بقاء الرئيس حسني مبارك في الحكم قد تم الإختلاف حولها و الظاهر أن الرئيس المصري يريد ربح الوقت الكافي لتنظيم شؤونه لا شؤون البلاد كما إدعى و هو يخاط شعبه بأنه إن رحل ستعم الفوضى...فأي فوضة يتحدث عنها الرئيس المصري أكثر من التي عشناها و الجمال و الخيول تغزوا شوارع القاهرة و السبب هو إصراره على تمتيد عمره في حكم قد إنتهى و طويت صفحاته.

لكن الكلمة الأخيرة في بقاءه أو مغادرته للحكم سيحدد بالتراضي أو الإرغام مع البيت الأبيض الأمريكي و إسرائيل، و لا داعي هنا لسرد الأسباب و العوامل المعروفة حتى عند الصغار..

لكن التاريخ لن يمحي ثورة الشباب المصري الذي نجح إلى حد الساعة في الخروج من موقع الهدوء إلى الغضب، ثم المطالبة بالرحيل و ها هو اليوم ينتقل إلى مرحلة الصمود الثوري، و هي مرحلة إستراتيجية و قد تكون حاسمة لإحداث التغيير و الإستجابة لمطلب الجماهير المصرية التي ترفض كل المناورات التي بادر بها النظام المصري منذ إندلاع ثورة 25 يناير في محاولة لإسكات غضب الشعب الذي ليس في حاجة إلى إحداث منصب نائب للرئيس أو تعديل حكومي أو تمثيلية مسرحية عنوانها محاربة الفساد و تعديل في قيادة الحزب الحاكم...فمطلب الشعب المصري واضح تماما و شعاره رحيل الرئيس مبارك و تغيير جذري في النظام الذي حكم مصر لعقود.
[email protected]