احتج أهالي هونج كونج ضد مكرمة الحكومة لأنهم وعوا آثارها الاقتصادية السلبية

شهدت مقاطعة هونج كونج مؤخرا احتجاجات ضد قرار الحكومة منحهم مكرمة بمبلغ 770 دولار أمريكي لكل مواطن، إذ اعتبر المواطنون هذا القرار محاولة غير موفقة لارتشاء دافعي الضرائب.
تفطن المواطن الواعي في هذه المدينة الصغيرة بان زيادة عرض النقد سوف تزيد من الضغط على الأسعار بحيث يفقد المواطن من القدرة الشرائية للأموال التي بحوزته أكثر مما أعطته الحكومة.
ربما تساءل بعض المواطنين هناك عما إذا كانت هناك بدائل أفضل لإنفاق هذه الأموال من طرف الحكومة مثل تحسين الخدمات العامة كالتعليم و الصحة، لكن معظمهم يدرك وجود نص دستوري يلزم الدولة بالا يزيد إنفاقها السنوي على نسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا تشريع في غاية الأهمية لان بيروقراطية الحكومة لا تستطيع أن تنفق أموال دافع الضرائب نيابة عنه و بطريقة أفضل.
كما انه لا يغيب عن وعي المواطن في هونج كونج التكلفة الإدارية العالية لجمع الضرائب التي تبتلع ثلث الأموال المخصصة للأفاق، حسب بعض التقديرات، أي أن الحكومة تحتاج لجمع 150 دولار من أموال دافعي الضرائب لتنفق بعد ذلك مائة دولار فقط، بينما يتم هدر الباقي.
اليوم و الحكومات العربية تقوم بعمليات كبرى لهدر المال العام باسم دعم المواد الأساسية و الأخذ بيد المعوزين و مساعدة التنمية الجهوية، على شعوبها أن تدرك ما أدركه شعب هونج كونج مؤخرا، أي وجود بدائل أفضل لعمليات الهدر هذه.

الدول العربية في حاجة إلى تعديل دستوري يفرض الموازنة بين الدخل و الإنفاق لدى الحكومة و يضع حدا اعلي للإنفاق كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أسوة بهونج كونج

من المهم القيام بتعديلات دستورية تفرض الموازنة السنوية للدولة مما يضع حدا للعجز و الدين العام الذي ينجر عنه. كما من المهم وضع حد اعلي للإنفاق كنسبة من الناتج المحلي. و إذا كان من الصعب استهداف نسبة 20% أسوة بهونج كونج، إذ أن النسب العربية الحالية مرتفعة و تبلغ 26% في سوريا، 29% في المغرب، 30% في تونس، 34% في مصر، 37% في الأردن و 43% في الجزائر. لكن يمكن استهداف التخفيض التدريجي لهذه النسب.
ترشيد الإنفاق الحكومي بإعطاء دور اكبر للقطاع الخاص، بما في ذلك الشركات العالمية المتخصصة في مجالات البنية التحتية و التعليم و التدريب، بالإضافة لتقديم الدعم النقدي مباشرة للفقراء عوضا عن دعم المواد الاستهلاكية التي تستفيد من معظمها الفئات الغنية و السياح الأجانب، يمكن أن يخفض بحوالي 5 نقاط مئوية من هذه النسب خلال سنة واحدة. و يمكن استهداف تخفيض ما تبقى بعد ذلك بنقطة مئوية واحدة كل سنة على مدى خمس سنوات، بحيث لا يتجاوز الإنفاق الحكومي في الدول العربية بعد هذه الفترة بكثير الحد الأعلى الذي يقره دستور هونج كونج.

[email protected]