اثبت الرئيس ساركوزي ووزير خارجيته الان جوبيه ومن ناصرهما من احزاب ووقف مؤيدا لهما من شرائح الراي العام الفرنسي في اتخاذ زمام المبادرة لايقاف نزيف الدم الليبي الذي يهدر ويراق ويسفك على يد نظام العقيد القذافي، انهم حقا الورثة الحقيقيون لقيم الثورة الفرنسية وشعاراتها الثلاثة الخالدة، الحرية والمساواة والاخاء، ولم يتاخر المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الامن في احتضان المبادرة التي بدأت فرنسية، ثم وصلت الى المجلس فرنسية بريطانية، ومتوازيا مع هذه المبادرة جاءت المؤازة العربية المتمثلة في قرار الجامعة العربية مدعوما بمباركة من المؤتمر الاسلامي، يطلبان الهيئة الاممية ان تقف في وجه القوة العاتية التي يستخدمها نظام الاخ العقيد في ضرب ابناء شعبه وارغامهم القبول به حاكما ابديا، لانه لم يكتف بان يمتد حكمه عليهم اثنين و اربعين سنة عجفاء غبراء، انفق خلالها ثروات الشعب الليبي بسفه وعبث، واستخدم الة القمع البوليسي في اسكات الناس، وقاد المعارضين الى المشانق، والوقوف امام المحاكم الصورية التي تحكم عليهم بالاعدام، بل وطارد عددا كثيرا منهم في عواصم العالم مرسلا وراءهم القتلة المأجورين من عصابات المافيا المحلية التي يقودها او المافيا العالمية التي تحالف معها، الذين قاموا بازهاق ارواحهم وسفك دمائهم فوق ارصفة كل من روما وباريس ولندن وبرلين واثينا وبيرت وغيرها وغيرها.
وقد بدأ الامر في المدن الليبية بمظاهرات سلمية احتجاجية، استقبلتها كتائب القذافي في كل من طرابلس وبنغازي والزاوية ومصراته بسيل من الرصاص الحارق الخارق، الذي اطاح في كل شارع بعدد من الشهداء، ولكن شرارة الثورة التي انطلقت، لم يعد ممكنا ان يطفئها الرصاص، فقد هجم الثوار بصدور عارية على مراكز الشرطة وعلى بعض المعسكرات ومخازن سلاح القذافي يفتكون منها السلاح، ويحيلون المظاهرة السلمية الاحتجاجية التي اراد جلاوزة القذافي ايقافها بقوة الرصاص، الى حرب تحرير شعبية تنطلق في درب الثورة والنضال، وطريق الفداء والتضحية، حتى تحقق النصر باذن الله.
نعم، جاء القرار الدولي الذي يامر بحضر الطيران على السلاح الجوي الليبي، وحماية المواطنين، ليحدث انقلابا في ميزان القوة بين عناصر الثورة وكتائب ابناء القذافي والترسانة العسكرية التي ظل يراكم فيها السلاح، على مدى اربعة عقود ونيف، يشتريه بالاف المليارات، ويذخره لمثل هذا اليوم، اي لاستخدامه في اخماد انتفاضة الشعب،وضد عناصر من الشباب، لا يملكون الا الايمان بقضيتهم، وقطع سلاح اغتصبوها من عدوهم، وبعض العناصر الشريفة في الجيش التي انضمت اليهم، فكان يمكن ان يسحقهم القذافي، ويسحق المدن التي انطلقوا منها، ويقتل كل فرد في الاحياء السكنية التي ينتمون اليها، وهذا ما فعله مع مدن صغيرة وقرى ثائرة وقعت في قبضته فاحالها الى انقاض، مثل زوارة والزاوية، ولكن المجزرة الكبرى كانت ستحدث في عاصمة الانتفاضة، وهي مدينة بنغازي، فقد عمد، استباقا لقرار مجلس الامن ،الى حشد كل ما كان يستطيع حشده من قوة، وانتقل بها على حين بغتة من الثوار الذين كانوا يحاربونه في مدينة اجدابيا، على بعد 160 كيلو متر غرب بنغازي، الى ابواب مدينة بنغازي مستخدما وسائل النقل البحري وربما طرقا صحراوية لم يكن الثوار على علم بها، حتى وصل بهذا الحشد من الدبابات والمصفحات وراجمات الصواريخ، الى مشارف بنغازي ولم يكن يفصله عنها غير 50 كيلو مترا، وانتقلت صرخات الاستنجاد من قادة بنغازي وتردد ت اصداءها في مدن العالم التي تضم مناصرين ومؤيدين لهؤلاء الثوار، ولم يكن موعد الطلعات الجوية لطائرات الحلفاء قد بدات قصفها، وكان تاخير ليلة واحدة، سيجعل هذا الحشد العسكري الذي ارسله القذافي بتعليمات مشددة بدك بنغازي على رؤوس اهلها، مصرحا قبلها في خطاب له، بانه لن تاخذه شفقة ولا رحمة، بمن اسماهم الارجاس واهل الدنس والجرذان من عملاء وخونة، وكانت مأثرة اخرى لسركوزي ان بادر وقبل انعقاد الجلسة التي دعا اليها في الاليزيه لحشد التاييد للقرار، الى تلبية هذه الاستغاتة وامر وقبل انعقاد الاجتماع، بانطلاق الطائرات التي قصفت الحشد العسكري الذي كان يهدد بدمار بنغازي وقتل اهلها، واحالة دباباته ومصفحاته وراجماته وقواعد صواريخه الى رماد.
هذا جزء من اخبار الملحمة التي يقودها الشعب الليبي ضد حكم الطغيان، واخبار الهبة العالمية الانسانية لانقاذه، من دول وروساء وسياسيين رأوا انه لا يليق باهل الحس الانساني ان يقفوا ساكتين عاجزين عن العمل عندما يكون دما برئيا يراق على يد نظام دموي اجرامي.
وننتقل الان الى جانب يدعو للضحك والسخرية والاستهزاء، وهو قيام بعض العناصر في العالم العربي، وفي القاهرة حيث اقيم، يدعون الوطنية والقومية، ولعل لبعضهم مواقف سابقة من هذا النوع من الوطنية والقومية تتصل بمؤازرة صدام واعوانه، فهي بالتاكيد وطنية معفرة بتراب الطغيان مشوهة بدما ء الابريا ء، وارادوا استخدام هذه الوطنية والقومية، في قضية الشعب الليبي، فعقد بعضهم مؤتمرا، بين اسمائه رجل مشهود له بالعمل صفا الى صف مع اللجان الثورية الليبية، يدعي انه صاحب منصب قيادي في اتحاد المحامين العرب، وما هو غرض المؤتمر ايها الاخوة الوطنيون القوميون من اهل الشرف والنخوة؟ انه، كما يقولون، ايقاف العدوان الذي تقوم به دول الغرب مثل امريكا وفرنسا وبريطانيا على الشعب الليبي، ولكن هذا الذي تسمونه عدوانا، يقول لهم الشعب الليبي، لم يكن غير عون انساني لولاه لقضى نصف الشعب الليبي تحت قصف طائرات القذافي ودباباته، لا يهم، ليمت الشعب الليبي الذي يريدون الدود عن كرامته المجروحة من قبل الفرنسيين، وهكذا للاسف الشديد، نجد في العالم العربي من يعتبر هؤلاء الناس من مدعي الوطنية والقومية الوالغين مع ازلامهم اعضاءاللجان الثورية في دم الشعب الليبي، انهم حقا اهل دعاوى شريفة نقية، وهم للاسف مثال للتشوه الانساني، والتناقض المرضي، وقد اشرت في مقالة سابقة الى بعض من اصدروا البيانات لشجب وادانة الامم المتحدة ومجلس الامن والجامعة العربية، لماذا؟ لانها بادرت الى حماية دماء المواطنين الليبيين وهي بيانات اصدرها اناس معروفون بعلاقتهم المشبوهة بالنظام الليبي، بل وقاموا ايضا بتنظيم المظاهرات المؤيدة للنظام الليبي، احداها قامت باعتراض بانكي مون امين عام الهيئة الاممية عندما اراد زيارة ميدان التحرير، وقد قام بالتوقيع على واحد من هذه البيانات اناس ياسف الانسان لاصطفافهم مع هؤلاء الناس بينهم حمدي قنديل ورشاد ابو شاور
انه جانب مضحك عبثي، ومؤسف ان نرى هذا الموقف الذي يتخذه اناس ينسبون الى قطاع الثقافة فبئس بها من ثقافة تمجد اراقة الدماء وتشيد بالطغيان والطغاة، وابشر كل عملاء النظام الليبي ممن ينخرطون، ماجورين او غير ماجرون، في عملية العلاقات العامة والدعاية له والدفاع عن رموزه املا في الاستفادةمن خزائن ماله مستقبلا، ان الثورة في طريقها الى احراز النصر، وعلاماته قد بدأت تملا الافق لمن لا يملك عينين يبصر بهما، وهو نظام صار ينتمي الى الماضي، واهل الثورة هم فقط من ينتمون الى المستقبل، نعم انها اقواس نصر تلوح في اخر الطريق، تنطلق نحوها الشعوب العربية الثائرة، ارها تلوح لثوار ليبيا، واراها تلوح لثوار اليمن، واراها تلوح لثوار سوريا، واراها تلوح لثوار الاردن، وسيصل اليها كل هؤلاء الثوار قريبا جدا باذن الله، كما سبقهم للوصول اليها ثوار تونس وثوار مصر، وليبق اهل الوطنية الكاذبة الفاجرة الساقطة، المصطفين مع الطغاة والمجرمين، في انحطاطهم حتى يغمرهم السيل الذي سيغمر اسيادهم وعندها سيعرف هؤلاء الساقطون اي منقلب ينقلبون.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات