أنا مثل مئات الألاف مِن المتابعين لجريدة إيلاف الإلكترونية. أوقات كثيرة تعجبني مقالاتها وندواتها المتمثلة في أسئلة الإستفتاء التي تطرحها على المتابعين لها. وحتى ما لا يعحبني فهو يجذبني لمتابعته، ذلك هو الإبداع الصحفي، لكن ما تتميز به هو الصدق ومحاولة تحري الحقيقة في طرحها للمواضيع المتنوعة.

جريدة إيلاف لا تحاول أن تكون أداة في أيادي خفية لتخدير أو تغييب القارئ، لأنها تعرف أن ثروتها هو هذا القارئ الواعي الذي بَدء يُدرك ويَرفض كثير مِن الجرائد التقليدية التي تُخدر شعوبها لمصالح خفية وأيادي تعمل مِن وراء الستار.

إيلاف، جريدة منفتحة على كل المدارس والتوجهات، رغم المحاذير التي تضعها القوانين الدولية والقوانين المحلية، إلا أنها علمتنا أن التفرد والتميز الإنساني مِن أجل نضوج وتطور المجتمعات يتطلب طرح الرأي والرأي الآخر.

إيلاف لم تفرض عليّ يوماً أن أكتب في أي موضوع ما، ولم تضع سداً أمام كتاباتي، إلا ما لا تقبل نشره مِن لساني الطويل، أنا أعترف أن قلمي لاذع، وكلماتي حادة، أمام كمْ الغباء الإداري وتفشي سياسة القطعنة.

لكن التهمة الحقيقية التي توجه إلى جريدة إيلاف والمسئولين عنها هي صناعتها للثورات الحديثة في عالمنا العربي.

بكل جدارة تستحق أن يتم محاكمتها ويتم إتهامها بهذه التهمة، ألا وهي: صنع الثورات الحديثة.

middot; إيلاف متهمة بثورة فكرية أمام العادات الإجتماعية البالية التي قللت مِن شأن الإنسان في كثير مِن البلدان.

middot; إيلاف متهمة بثورة عقائدية في كل العبادات التي لا تخدم إنسانية الإنسان، أو تفرض تديناً شكلياً، يأتي بعده ممارسات لا تفيد البشرية مِن هؤلاء المتدينيين الشكليين.

middot; إيلاف متهمة بصناعة ثورة في سياسة المؤسسات الدينية على مختلف أنواعها وتفريعاتها، تلك السياسات التي تبتعد بعيداً عن ممارسات الإنسانية وتبغي أن تتسيد ممارسات بشرية بإسم النصوص المقدسة، تضع السبت والنص فوق مصلحة الإنسان.

middot; إيلاف متهمة بالدفاع عن الأقليات العقائدية والعرقية والإيدولوجية في وطننا، فكمْ دَافعت عن المطحونين والمحرومين مِن ممارسة حياتهم الطبيعة سواء بهائيين، أو شيعة أو سنة في البلاد الشيعية، أو أعراق تم تجنيبها مثل الأمازيغ أو النوبة أو الأقباط، وغيرهم.

middot; إيلاف فعلاً متهمة بصناعة ثورة ضخمة للدفاع عن النساء في عالمنا العربي، فبين يوم وأخر، تجد المقالات التحريضية التي تثير الرأي ضد مَن يتعاملون مع النساء على أنهن ناقصات عقل ودين.

السؤال الذي يظل قائماً:

إلى أي مدى إيلاف متهمة بصنع الثورات الحديثة في عالمنا المعاصر؟

وما هي الرؤية التي يمكن أن تقدمها في الفترة القادمة لمزيد مِن هذه الثورات، حتى نكون شعوبا أكثر تقدماً وأكثر إنسانية؟

إنه سؤال مِن قارئ إلى القراء الأعزاء.

[email protected]