لو لم أكن من ضمن كتابها المتطوعين (من حرقة القلب ووجع الضمير)، ولو لم أجلب لها بعض وجع الراس وبعض الشتائم التي طالتني وطالتها في أحايين كثيرة من بعض قرائنا الأعزاء الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، رغم كثرة المادحين والمناصرين المنصفين، بالمقابل، ولو كنت فقط من قرائها المُدمنين، بحكم الهواية والمهنة، لكنت أول من يبعث لإيلاف بطاقة تهنئة ساخنة في يوم ميلادها المجيد، ولخصصتُ تهنئتي وإعجابي وتقديري واحترامي لمخترعها الرائد المغامر الشجاع عثمان العمير، ولشددتُ على يده وعلى أيدي جميع قادة أبوابها وصفحاتها، وجميع محرريها المناضلين في أروقتها الداخلية والخارجية، مهنأهم جميعا على الفتح العظيم الذي حققوه في تاريخ إعلامنا العربي المديد. وعليه، فإن تهنئتي هذه ستكون من إيلاف إلى إيلاف، مع التحية والتقدير والعرفان والاعتزاز.
أول صحيفة إلكترونية في العالم العربي. حين ظهرت في 21 مايو / أيار 2001 ضحكنا كثيرا، وقلنا إن هذا المغامر الجريء عثمان العمير مقدم على مجزرة يذبح فيها تاريخه الطويل من النجاح واللمعان والاقتدار. فمن الذي سيقرأ، ومن الذي سيكتب، ومن الذي سيتابع صحيفة على الإنترنيت في وطن أكثر من ثلاثة أرباع ناسه إما أميون لا يقرأون، أو فقراء لا يملكون ثمن رغيف خبز، وبالتالي فإن صحيفة على الإنترنيت لن تكون لهم بأكثر من عبث وترف وبطر يتسلى به موسرون في منازلهم كومبيوترات وشبكات إنترنيت، والأهم من كل ذلك لديهم كهرباء.
وها جاء الوقت الذي أثبت فيه عثمان العمير أننا جميعا كنا قاصرين عن رؤية الغد، وعاجزين عن قراءة الطالع، وأن فقراء الوطن، قبل أثريائهم، يلجأون لألف وسيلة ووسيلة لمتابعة إيلاف، في المقاهي والمنازل والمكاتب، وحتى في محلات بيع الخضرة والفواكه في أسواقنا الشعبية المتناثرة في المدن العربية والقرى، من المغرب إلى الخليج.
يأتيك الخبر ساخنا وعلى الفور، ربما أسخن من فضائية، وأسرع من وكالة أنباء. ونعلم أن كل جريدة عربية، أو إذاعة، أو محطة تلفزيون، أو وكالة أنباء، محكومة بخيوط وقيود وحدود إن جاوزتها فقد َأكثرُ من مدير ٍ ومحرر فيها رؤوسَهم. أما إيلاف، وهذه شهادة ملموسة ومعاشة ولا تحتاج إلا برهنة، فهي فاتحة أبوابها لكل حادث ولكل حديث، خيرا أو شرا، أبيض أو أسود، أحمر أو أخضر، لا ينحاز محررها لملك دون ملك، ولا ضد رئيس دون رئيس.
وأهم ما يجعل إيلاف دفقة دافئة في قلوبنا المظلمة الحزينة أنها لا تعود إلى وراء. دائما منحازة إلى الغد،، إلى طلائع الفجر الجديد الذي يبزغ، رويدا رويدا، في حقولنا وعلى سطوح منازلنا، من درعا إلى مصراته، ولا يرد نوره غير المكابرين الواهمين الذين لا يقرأون الغد كما قرأه عثمان العمير قبل عشر سنوات. مبروك لإيلاف عيدُها، ومبروك لقرائها وأحبائها الذين صاروا يعدون بالملايين.
- آخر تحديث :
التعليقات