كان الاتفاق علي أن تكون جمعة التاسع والعشرين من يوليو هي جمعة وحدة الصف، وجمعة لم الشمل هذا ما اتفقت عليه كل التيارات والقوي السياسية بمختلف انتماءاتها السياسية والفكرية، عقدت اجتماعات عدة بين القيادات وتعاهد الجميع علي أن تكون quot;جمعة وحدة الصفquot;.

ولكن مع بزوغ فجر يوم الجمعة ومع أول شعاع لشمس مصر المحرقة ذابت الاتفاقات وبدأت تلوح وتظهر خيانة العهود وخيانة الاتفاقات بل وتعدي الأمرإلى خيانة الوطن، حيث حضر الإسلاميون يحملون أعلام دولة مجاورة وكأن علم مصر لم يعد له قيمة عندهم!!!

الخيانة لم تبدأ مع شروق الشمس ولكنها كانت قد بدأت قبل ذلك بكثير ففي الوقت الذي كان يجلس فيه قيادات السلفيين والإخوان مع القوي السياسية الأخرى كانت تطبع اليافطات التي تخون الاتفاق، أي ان الخيانة لم تأت وليدة اللحظة اونتيجة لاندفاع وحماس الشباب بل كان مبيتا لها حتي قبل الجلوس للاتفاق مع الشركاء.

إنها جمعة محاولة سرقة الثورة والسطو عليها من صناعها الحقيقيين، إنها جمعة الصدمة للقوي السياسية التي صدقت القيادات السلفية والإخوان، وكثيرا ما كتبت عن سوء نوايا هؤلاء لكن يبدوا انه لا أحد يقرأ ولا أحد يسمع، بل تمادي البعض بوصفنا بالتطرف لأننا حذرناهم من هذه التيارات.

لقد رتب للخيانة مبكرا جدا في تنظيم رحلات من جميع محافظات مصر من قبل التيارات الدينية، من أجل جلب أنصارهم من جميع مدن وقري مصر، ولا أدري من أين جاءوا بالأموال لتغطية كل هذه التكاليف؟؟؟ ولكني اعتقد إن هذا التمويل تمويل دول وليس أفراد، مما أدي لسيطرتهم علي ميدان التحرير وبفارق كبير عن القوي السياسية الأخرى بل تعدي الأمر لمحاولتهم الاحتكاك والتصادم بشباب الثورة الذين صنعوها وضحوا من اجلها!!!

السؤال الآن أين كان هؤلاء قبل الحادي عشر من فبراير لماذا لم يشاركوا بهذه القوة في من أجل إنجاح الثورة، لماذا اكتفوا بوجود رمزي لهم؟؟ لماذا لم يضحوا من أجل الثورة؟؟ ولماذا يريدون الآن السطو عليها؟

قد يقول قائل أن عدد التيارات الإسلامية هو الأكبر وهذا كذب كبير، فكثير من شباب مصر الليبرالي يعلم حقيقة التيارات الدينية ويعلم خيانتهم للاتفاقات والعهود هذا من جانب ومن جانب أخر فالشباب الليبرالي المتعلم المثقف يعلم همجية هؤلاء وميلهم للعنف وتعطشهم لسفك دماء المصريين ولذلك تجنب الملايين الذهاب للميدان خوفا من وقوع تصادمات مع هذه التيارات الهمجية والدليل علي ذلك قلة وجود المرأة في هذا اليوم.

لقد خانوا تعهداتهم واتفاقياتهم وكذبوا تصريحاتهم التي كانت كلها تدعو لدولة مدنية، لقد ظهرت نيتهم تجاه غير المسلمين بهتافاتهم إسلامية إسلامية ولا عزاء للسذج من الأقباط الذين صدقوهم وفتحوا لهم أبواب كنائسهم للترحيب بهم، ولا عزاء للأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة الذي أرسل وكيل المطرانية ليمتدح التيار الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين، وعندما كنا نعارض مثل هذه الاجتماعات كنا نهاجم من أقباط وتيارات دينية إسلامية ونتهم بأننا نريد زرع الفتن والتفريق بين المصريين!!!! أنها ضريبة يدفعها كل من بذل جهدا في دراسة هذه الحركات والتيارات فالدكتور رفعت السعيد كان ومازال يرفض مجرد الاشتراك في حوار تمثل فيه هذه التيارات الدينية، وكان يقول أنها مضيعة للوقت ونعم صدق أستاذنا رفعت السعيد.

لم يكتف الإسلاميون بخيانة الوطن وشركائهم فى الوطن من القوي السياسية بل حاولوا الوقيعة بين الجيش والقوي السياسية وهتفوا للمشير!!!! ولم لا وقد أعلنوا قبل ذلك ان الخروج عن طاعة المشير هي خروج عن طاعة الرسول!!!، وهذا ليس بغريب فقبل 25 يناير قالوا الخروج علي الحاكم هو الخروج عن الشرع، وقبل ثورة يوليو 1952 هتفوا الله مع الملك، ولا اعلم لو وصل أحدهم للحكم قد يقولون أن الخروج عليه هو خروج علي الله ورسولة وكتبة والصحابة والتاريخ والجغرافيا!!.

والآن علي التيار الليبرالي أن يستوعب الدرس جيدا، وعلي كل مصري شريف عدم الاجتماع والتنسيق والاتفاق مع هذه التيارات مستقبلا، وتحت أي مسمي فلماذا أتفق مع شخص يبيت نية مسبقة لكسر عهده معي حتي من قبل الجلوس سويا؟؟، أما الأخوة الأقباط فأدعوهم للتخلي عن سذاجتهم السياسية ولو في مرحلة واحدة من مراحل تاريخهم، والتيار الليبرالي أمامه خيارين بعد انسحابهم من جمعة الصمود. الأول التسليم بتفوق التيار الإسلامي واكتساحه لهم وإعلان عدم قدرتهم علي الوقوف أمامه، والخيار الثاني هو إعلان التحدي والصمود والدفاع عن ثورتهم التي دفع زملاء لهم الدماء من اجلها، وذلك بالإعلان عن مليونية الجمعة القادمة لتكون تحت اسم الهوية المصرية أو مصر مدنية أو أي شئ من هذا القبيل للرد وبقوة علي التيار الديني الذي يريد إغراق مصر في بحور الظلام والتخلف والرجعية.