يدخل فرانسيسكو خاوير روجو رئيس مجلس الشيوخ الاسباني مقر البرلمان في 12 يوليو الحالي ويبدأ كلامه بالعبارات التالية:
laquo;سيداتي وساداتي: قبل أن ندخل في جدول اعمال اليوم، سنصوت على بيان حول مخيم أشرف للاجئين:
يعرب مجلس الشيوخ الإسباني وعبر هذا البيان عن عميق قلقه إزاء الأخبار الواردة حول استخدام العنف ضد سكان مخيم اللاجئين في أشرف كما يعرب عن اشمئزازه إزاء أعمال العنف التي أدت إلى موت أناسraquo;.

ويتابع رئيس مجلس الشيوخ: laquo;.. ويطالب مجلس الشيوخ الإسباني الحكومة العراقية أن تسمح للمراقبين الدوليين المستقلين بالوصول إلى مخيم أشرف لكي يتمكنوا من الالمام بشكل كامل بالوضع هناك.. مجلس الشيوخ الإسباني يرى أن الحل لا يكمن في استخدام العنف ضد سكان اشرف العزل، ويحمل الحكومة العراقية المسؤولية عن احترام الحقوق الإنسانية للمقيمين في هذا المخيمraquo;.

والقرار الذي تم التصويت عليه في مجلس الشيوخ الاسباني والذي يدعو إلى إيجاد حل سلمي ودائم للوضع في اشرف، يكتسب اهمية بالغة خصوصا عندما نعلم ان هذا البيان تم التصويت عليه غداة تبني المحكمة الإسبانية العامة في حكمها الصادر يوم 11 يوليو الحالي الشكوى ضد من اعطى الاوامر بتنفيذ المجزرة البشعة ضد المجاهدين في أشرف يوم 8 أبريل 2011 ومنفذيها، وهي المجزرة التي أوقعت 36 شهيدًا و350 جريحًا اغلبهم سقطوا بالرصاص الحي والمباشر.

وعلى أساس هذا الحكم فان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومباشرة بعد تنحيه عن منصب رئاسة الوزراء وسحب حصانته القضائية يستدعى تلقائيًا للمثول أمام المحكمة الاسبانية. كما استدعت المحكمة للمثول أمامها يوم أكتوبر المقبل كلا من قائد القوة البرية للجيش العراقي والذي كان يتولى القيادة الميدانية لمجزرة أشرف يوم 8 أبريل الماضي ومقدم آمر فوج القمع في أشرف وكذلك ضابط برتبة رائد في القوات المسلحة العراقية قام بشخصه خلال مجزرة 8 أبريل بإطلاق الرصاص الحي المباشر بهدف استهداف وقتل اكبر عدد ممكن من سكان أشرف كما يظهر جليا في التسجيلات المصورة والوثائق والادلة الدامغة. كما دعت المحكمة السيد أد ميلكرت الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق والسيد إستراون إستيفنسون رئيس هيئة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي إلى الإدلاء بشهاداتهما أمام المحكمة.

إن قرار مجلس الشيوخ الاسباني وبعد يوم واحد فقط من اصدار قرار المحكمة الاسبانية يؤكد وجود ارادة سياسية ايضا وراء هذا القرار القضائي. وهذه الارادة السياسية لا توجد فقط في بلد اوروبي كإسبانيا فحسب بل موجودة أيضا في العراق، أي بؤرة الأزمة ذاتها والمركز الذي يتواجد فيه المجرمون والشهود والضحايا.

ويصف القيادي في القائمة العراقية رئيس تيار المستقبل الدكتور ظافر العاني قرار المحمكة الاسبانية بأنه (قرار ملزم)، داعيًا الحكومة العراقية الى التعاون مع المحكمة الاسبانية وتسليم المطلوبين لمنحهم فرصة للدفاع عن انفسهم. كما وتعتبر لجنة حقوق الإنسان النيابية في الوقت نفسه قرار المحكمة الاسبانية بانه laquo;سينعكس سلبيا على مجمل العملية السياسيةraquo; مؤكدة أن laquo;ما حدث من تعامل في معسكر أشرف في 8 أبريل شكل خرقا صارخا للاتفاقيات الدولية، مما دعا المحاكم الدولية الى بحث هذا الموضوع واصدار أحكام بحق رئيس مجلس الوزراء بصفته القائد العام للقوات المسلحة، اضافة الى بعض القادة العسكريينrdquo;.

ويستمر مسلسل اتخاذ المواقف من قبل السلطات البرلمانية والسياسية العراقية لتصل إلى الدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق، حيث يؤكد في مقابلته مع قناة الحرة الفضائية يوم 25 يوليو laquo;...تعلمون الذي حصل في معسكر أشرف اليوم وهناك قرار صدر في محكمة اسبانية اليس كذلك؟ وبعض الضباط.. نعم اليوم القرار واضح يعني استدعاء رئيس الوزراء الى المحكمة يوم 3/10 هذا الذي سمعناه في الاعلام وهناك أيضا استدعاء لبعض الضباط الذين نفذوا (مجزرة بحق اعضاء مجاهدي خلق المقيمين في أشرف). الضابط عندما ينفذ القرار السياسي في اطار القرار السياسي غير مسؤول عنه ولكن عندما يتجاوز هذا القرار السياسي (سيكون مسؤولا عنه)raquo;.

إن المتهمين المطاردين من قبل المحكمة من ضمنهم رئيس الوزراء العراقي وحسب المعلومات المنشورة كانوا طبعا يستسهلون الأمر في البداية لكن الأمور سارت بعكس توقعاتهم وحسب ما افادت مصادر قريبة من المتهمين المطاردين لوسائل الاعلام العربية: laquo;ان مقربين منهم نصحوهم بعدم استسهال قرار المحكمة الاسبانية لانه قد يتحول الى مواجهة في وقت لاحقraquo;.

يقال ان احد المسؤولين المتورطين في هذا الشأن quot;انتابته موجة غضب شديدة واخذ يجري اتصالات مع المختصين في القانون من اجل الوقوف على تداعيات القرار والحكم المذكور، وقام بعد ذلك بتشكيل لجنة لمتابعة قرار المحكمة الاسبانيةraquo;. ونحن ايضا نقول ان الامر يجب ان يؤخذ على محمل الجد، وعلى المتورطين في المجزرة ان يتحسسوا رؤوسهم وان يتيقنوا تماما انه لا مجال للاستسهال الامر وما ضاع حق وراءه مطالب.

خبير ستراتيجي إيراني
[email protected]