ربما أكثر الأمور تعقيدا هي الحالة الكردية في سوريا ومجمل التطورات التي تحصل في واقع الثورة السورية دون بصمة كردية ويمكن اعتبارها بانها اكثر القضايا تشابكاً هي التي لا تجد الحلول إلا من وجهة نظر واحدة وتحتاج في ذات الوقت إلى طرح الكثير من الأسئلة التي تتلقى إجابات فردية فمهما بلغت النية الحسنة في الإجابة لا يمكن أن تحمل إلا جزء من الحقيقة فقط،أما الحقيقة كلها فلا تتولد كما لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال تبادل وجهات النظر وأمتحان صلابة وترابط الوقائع وعلاقتها ببعضها وأيضاً رؤية الجانب الذي يفضي بأن الحياة تطورت ولا يمكننا الحكم على الامور برؤية الماضي.
التحدي الحقيقي ينشطر في واقع الحواري الكردي-الكردي إلى النزع في أطر المفهوم الطرحي لدى البعض وأعتراض الآخر لها دون مسوغ لكل منهما في دليل الطرح والتعارض، متزامناً مع تطور الأوضاع في سوريا ووصولها إلى قاعدة الطلاق بين الشعب والنظام بعد أن مكن النظام كل جهوده العسكرية في تصفية الأحتجاجات السلمية المنادية بالديمقراطية،في ظل تصاعدها وبروز معها وفي ترتيب متفاوت خروج المعارضة السورية داخليا وخارجياً لتبني الحل الامثل في الازمة السورية الراهنة مع أرجحية الخلاف في الرأي والرأي الآخر وانقسام المعارضة بين صفوف وكتل متنازعة،والحالة الكردية ليست ببعيدة عن مثيلتها العربية رغم الاختلاف التنظيمي منها عن الحالة العربية ولكنها بقيت أسيرة الخلاف في صفوفها التنيظيمة رغم أيقانها بان حالة التصدع في صفوف المعارضة العربية بدأت تميل للشفاء بعقد مؤتمرات عديدة كان الحضور الكردي شبه معدوماً أو على هامش منه.
رغم كل ذلك تبقى الامور رهن الحركة الكردية من ساسة ومثقفين وشباب منتفض بتنسيقياته والداعم للثورة في سوريا هذا الأخير الذي اعتبر الصمت جزء من خيبة الأمل،وكان قراراه التظاهر وبشكل اسبوعي مع أنطلاق شرارة الأحتجاجات في سوريا المنادية بالديمقراطية والحرية لتتحول مطالب المحتجين إلى إسقاط النظام بعد أن نزفت سوريا دماً سببه تجاهل السلطة لإرادة الشعب وإصرارها على الحل الأمني وإراقة الدماء،مع أرتفاع صوت الشعب السوري للمطالبة بحريته تحرك الشباب الكردي في سوريا تضامناً ومؤكداً بأن ما يصيب سوريا شعباً يصيبه كقومية ثانية تعيش على أرضها التاريخيةquot;سورياquot;.
الأقصاء الكردي ndash;الكردي
ربما علينا التركيز على حالة الإقصاء التي فرضها التشتت الداخلي الحزبي- الحزبي والتي دعت إليه أحزابنا الكردية في حوار أثنت على نفسها في تسميةquot; أحدى عشر حزباًquot; وحوار مع الذات دون الألتفاف على المحور الاساسي لفئة الشباب صاحب الحق والمسؤولية في تحريك الشارع الكردي في سوريا،ومن اجل تحديد مضمون الحوار لا بد لنا من الوقوف على الاخطاء والنواقص التي شابت مسيرة أحزابنا الكردية في الفترة منذ أنطلاق الثورة في سورياquot;15 آذارquot; فجعل الحوار قاصراً على أداء دورها خلال هذه الفترة،وبأعتبار أن الأمر يعني كل من له علاقة بالهم العام ، السياسي والثقافي ورؤية الشباب،لذلك يفترض أن يساهم الكثيرون في أبداء الرأي ،وان يتحملوا عبء المسؤولية،لأن النتائج التي ستترتب من الخطورة إلى درجة تطال مصير الكرد وكل فرد فيها وعلى كافة المستويات ،كما وتؤثرعلى الحاضر والمستقبل معاً،مما يستوجب موقفاً واضحاً لأحزابنا الكردية ، وايضاً تجاوزاً للخلافات الثانوية التي ميزت المرحلة الماضية بين اطراف يفترض بها أن تكون في خندق واحد.
ومما يزيد في أهمية الموضوع الآن وفي خطورته بأن الشباب الكردي المنتفض والذي يجابه مصيراً مجهولاً في حركته الأحتجاجية هو الموضوع الاكثر ألحاحاً ونرى بأنه المستهدف بالذات من خلال فرض أجندات حزبية لا تخدم سوى ضيقاً من الفراغ الذي يعانيه الحوار الكردي وحركته السياسية ،وتلمسنا ذل من خلال الاسابيع الأخيرة من التظاهرات في المدن الكردية في سوريا،وبأعتبار أن فئة الشباب تمثل الجبهة الخلفية والعمق الحقيقي لقدرة أي شعب على الصمود والأستمرار،لذلك سيعمل الكثير من أجل شل فاعلية الشباب وأرباك تحركهم ،وخاصة بأن الآخرين يدركون ما للشباب من قدرة واهمية على الرفض والمجابهة وعلى التحريض والتعبئة في ظل الأزمة السورية الحالية.
ولان جوهر الثورات الشعبية تاريخياً هم الشباب وادراكهم الحقيقي للأخطاروالتحديات التي تواجههم وتواجه مصير الشعب الكردي في سوريا أن كان الصمت ظالاً يخيم على الحراك السياسي ومن خلالها نستطيع قراءة افكارهم وطموحهم المستقبلي، ومن قولهم الجهير او الرامز نلتقط الهموم،كما نحس المخاوف،مخاوف الأيام القادمة ،كما نقرأ من خلالها التحديات التي يدبرها السلطة بأساليب مختلفة وزرع أجنداتها مستغلة الفراغ الذي خلفه تناقض الآراء والصراع الفكري وأملاء الرأي في صفوف شبابنا الكرد،وهكذا يصبح الثورة الشبابية الكردية مواجهة واسعة وكبيرة بين خيارين وإرادتين،خيار وطني دافعه الحرية والكرامة والخصوصية الكردية ضمن الوطن السوري، وخيار التبعية الحزبية الذي يريد أجندات خاصة ورؤية ضيقة للمطالب الثورية،ومن خلال صراع الإرادتين تتحدد المواقف ويحكم عليها.
وبذلك تتجاوز الفئة الشابة المنتفضة مجرد تسجيل مواقف أو البراعات الحزبية والأسلوبية،لأن حقيقتهم كفئة تتجلى في رفض ما يريد السلطة فرضه وتكريسه وفي انتهاج فعل مغاير لمسار الحزبية وتبعيتها، بل تحريض القوة الحية الكردية في المجتمع لكي يختار ما يعبر عن مصلحتها وطموحها.
فإذا كان طموح الشباب وعاء يأبى الأمتلاء ولا يعرف الهدوء أو الاستقرار وهو دائم البحث عن اجوبة على أسئلة الحياة المتجددة ولأن الاجوبة الجاهزة والسهلة عاجزة ومرفوضة في آن واحد، لذا لا بد أن تكون هناك تجدد وأشراك حي وكثيف لتلك الطموح في أي حوار كان لا ان يكون هناك تجاهل لإرادة فئة لها الأحقية في الحوار والمشاركة.
- آخر تحديث :
التعليقات