المقال الذي كتبته قبل يومين في ايلاف تحت عنوان هل يتابع المسؤول ويفهم معنى خطبة المرجعية لايام الجمع، حمل اكثر من معنى في حدود مساحة تصحيح الاخطاء وكيفية ترميم البيت العراقي في الاطار الجمعي التعاوني، ومن جانب اخر فقد ركزت في المقال على الاسس الكفيلة بأصلاح الوضع المتردي في العراق انطلاقا من خطبة السيد احمد الصافي الذي حددت ابعاد المشكلة العراقية وبالأخص تهاون وتقاعس الكثير من المسؤولين في الدولة والحكومة، وأعطت الحق كل الحق للمواطن العراقي في ان يطلب مايشاء ضمن المشروعية الدستورية التي كفلت حقه المطلق، وقد وردتني عدة ردود تعبر وللاسف عن نظرة ضيقة وفيها بعض التوتر والانحيازية والتفرقة على الاساس الطائفي البغيض، وتتهمني بعضا من هذه الردود في كوني اروج للمذهب الشيعي ولسماحة السيد علي السيستاني، علما بأن المقال لم يتطرق مطلقا لا للشيعة ولا للسيد السيستاني، انما جاء في كل معانيه معبرا عن دلالات التقاعس الوظيفي وسرقة المال العام وانعدام الثقة بين المسؤول والشعب ومن ثم الدعوة لايقاض الضمائر والتحلي بالروح الوطنية والانسانية التي تخدم العراق والعراقيين.

انني في الوقت الذي تحمست للرد على تلك الردود انما اردت ان اجعل من هذا الرد بمثابة مناقشة لقضية افتعلت بعد الاحتلال لاهداف وغايات محددة وكادت ان تقتل شعب العراق، الا وهي تمسك البعض بالطائفية البغيضة، فبعض الردود التي وردتني كانت وللاسف تحمل او تعبر عن هذا النفس، في حين جاءتني ردود اخرى تؤيد ماجاء به المقال وتتمنى ان ينهج الجميع ذات النهج الذي حمله خطاب السيد الصافي في الحدود الاصلاحية، في حين عبرت بعض الردود عن تجاوبها لما جاء به المقال بعد ان عرف كتابها انفسهم انهم من اشقائنا العرب السنة، وكم افرحني ذلك واكد قناعتي التي طالما راهنت عليها في اسوء الظروف التي مر بها العراق من ان العراقيين سوف لن ينساقوا الى هاوية الظلام المفتعل وسوف ينتصرون فعلا للحق كونهم عراقيون يجمعهم دين واحد هو الاسلام ويتعاملون بمنتهى الاحترام لكل المذاهب الاسلامية دون تفرقة تذكر، وللعلم والحقيقة، فأن من نبهني الى خطبة الجمعة المعنية في المقال وفي اتصال هاتفي هو صديق عزيز اكن له منتهى الاحترام وهو من اخوتنا من المذهب السني، وقال لي بالحرف الواحد اقرأ خطبة الجمعة فقد تشكل لك فكرة مقال، لأنها خطبة مهمة في معالجة الشأن العراقي، هذه هي الروح العراقية السمحاء والتي تعبر خير تعبير عن صدق العراقيين في مشاعرهم تجاه بعضهم البعض ودون التحيز لهذا المذهب او ذاك، وفي المقابل فأنا عندما اكتب او اتحدث او اناقش، لايمتلكني اي شعور ذاتي حول انتمائي المذهبي الذي يسيطر على افكاري من منطلق انحيازي، فلا امقت هذا الاتجاه فقط، بل اعتبره حالة شاذة تشتتنا نحن العراقيين وتبعدنا عن قيمنا ومبادئنا الاسلامية ومعاني الرسالة المحمدية السمحاء.

اليوم وفي هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها البلد يجب ان نتحسب لكل الاخطار التي يمكن ان تواجهنا، ولازالت خيوط المؤامرات تحاك ضد العراق، وتفكر كل دوائر المؤامرات باساليب مبتكرة بل وبعضها قديم لكنه مجرب لقتل العراق وشعبه الوفي، ومن بين اهم هذه الاساليب هي الطائفية، فأستغلالها في تقدير تلك الدوائر يمكن ان يشق الصف العراقي ويشتت البلد، وفي ذلك دلالة على ضعف القيم وتهاون الارادات وتفكك التلاحم، وهذا من المؤكد لايرتضيه اي عراقي مهما كان انتمائه لأنه سحق وتدمير لكل تأريخه وحضارته واصالته، ومن يرتضي بهذا الحال من العراقيين لا قدر الله فينبغي ان يسحق هو اولا ويشطب من سجل الشرفاء الذين كانوا ومايزالون هم سند العراق في الآخاء والتلاحم والتكاتف بغض النظر عن الدين او المذهب او القومية.

خلاصة القول، سأكتب عن اية ظاهرة ايجابية ومن منطلق وطني لايوقفني اي سبب كان يتعلق بمصدر هذه الظاهرة، سواء اكان شيعيا ام سنيا، صابئيا ام ازيديا، مسيحيا ام يهوديا، عربيا ام كرديا او تركمانيا، المهم ان تكون نابعة من الحس العراقي والانتماء الوطني ومعبرةعن المصلحة الوطنية والارادة الشعبية ورافضة لأي شكل من اشكال الطائفية والعنصرية، فليس لدي اي انحياز على الاطلاق لأي من المكونات المذكورة، انما انحيازي الوحيد الذي لا احيد عنه مهما كان الثمن، هو انحيازي للوطن والشعب فقط.

كاتب ومحلل سياسي ndash; عمان

[email protected]