أنا عراقي ولدت في عائلة عربية - شيعية ، وحسب المنطق الطائفي يُفترض أن أكون متعاطفاً مع نظام بشار الأسد الشيعي ايضا ، لكن منطق العدالة والقيم جعلني منذ لحظة دخول سورية قبل 20 عاما ومكوثي فيها حوالي 7 سنوات كانت من أجمل سنين العمر .. منذ تلك اللحظة وأنا منحاز لحرية الشعب السوري وكرامته ، وضد نظام الأسد الإجرامي ، علما ان هذا النظام لايمثل الشرفاء من أبناء الطائفة العلوية الكرام ، ومنذ أكثر من خمسة أعوام كتبت معلنا رأيي المعارضة لهذا النظام ، وقامت العديد من مواقع المعارضة السورية بإعادة نشر مقالاتي المنشورة في إيلاف عن سورية ونظامها.

ماأريد التذكير به هو الدور الحضاري لسورية الذي غطت عليه إعلاميا - وليس أكاديميا - سمعة حضارة وادي الرافدين في العراق ، والحضارة الفرعونية ، وكذلك ساهم نظام الأسد بتشويه صورة الشعب السوري وزاد في التعتيم الإعلامي على تاريخ البلاد الحضاري.

كانت سورية جزءا من حضارة بلاد الشام ، وتميزت بأدوار كبيرة عبر التاريخ ، ويكفي ان نذكر ان العاصمة دمشق تعد من أقدم مدن العالم حيث يقدر عمرها حوالي تسعة آلاف سنة ، مما يعني وجود الحياة المدنية في تلك الحقبة وقبلها وبعدها خصوصا ان أرض سورية الزراعية ومناخها العذب ساعد على نشوء الحضارة والمدنية فيها .

وحدثت الإنتكاسة الكبرى للحضارة السورية لحظة الغزو الإسلامي القادم من الصحراء الذي دمر ركائز الحياة المدنية هناك ، وإستعبد شعبها وسبا نسائها ، ثم تحولت سورية على يد الأمويين الى إمبراطورية إستعمارية تضطهد وتفتك بشعوب العالم وتقتلها وتنهب ثرواتها وتسبي نسائها بإسم الفتوحات الإسلامية!

الحقبة التاريخية المضيئة في تاريخ سورية المعاصر .. كانت في زمن الإستعمار الفرنسي الذي أحدث نقلة حضارية في المجتمع وطهره مما علق به من مخلفات الإستعمار العثماني ثم حصل جلاء فرنسا ، وبدء سلسلة الإنقلابات العسكرية وتوالي الكوارث على هذا الشعب الطيب المسكين!

يمتاز الشعب السوري قياسا الى الشعوب العربية .. بالهدوء والعقل التجاري الماهر ، والمواطن السوري عموما يتصف بالتواضع والمسالمة ، والإنفتاح على الآخرين ، وقياسا للمجتمعات العربية لايشعر المواطن العربي بالغربة فيها ليس بسبب الشعارات القومية للنظام السوري ، وانما بسبب طبيعة المجتمع المنفتح في علاقاته الإنسانية ، وأكبر دليل على روعة المجتمع السوري هو الأمان الموجود فيه ، وقلة وتدني نسبة الجريمة رغم حالة الفقر الشديد جدا ، لكن مع هذا حافظ هذا الشعب على قيمه وتوازنه.

غدا .. ستشرق شمس الحرية والكرامة على سورية ، وستكون الثورة السورية أجمل هدية لأحرار العالم ، وسيكتب الشعب صفحات أعظم ثورة شعبية في تاريخ الشعوب العربية على الإطلاق سحقت واحدا من أبشع النظم القمعية الوحشية.

[email protected]