سؤال تقليدي ومكرر.. وحتى في حال معرفة الإجابة عنه، ينتج عنه سؤال آخر : لماذا هذا الشخص ناجح ومحظوظ، والآخر تعيس، وهذا السؤال الثاني يظل بلا إجابة، ويبدو ان سر طبيعة الحظوظ والأقدار كُتب عليه ان يبقى حبيسا في خزائن الغيب.

على سبيل المثال : ظاهرة مثيرة للإهتمام.. تجد معظم خبراء المال والإقتصاد الذين يدرسون في الجامعات ولديهم عشرات المؤلفات وكم هائل من المعلومات والخبرات والنظريات التي ترسم طريق التقدم والنجاح المالي.. ورغم هذا أكثرهم ليسوا أثرياء!

بينما تجد أغلب الأثرياء لايمتلكون أدنى خبرة إقتصادية ومع هذا هم أغنياء بحوزتهم ثروات طائلة جاءتهم هي تسعى اليهم بسهولة من دون تنظير وتفلسف إقتصادي، و نفس الأمر ينطبق على خبراء السياسة المحترفين في أرقى المعاهد والجامعات ومراكز الدراسات، اذ أكثرهم لم يستطع الحصول على منصب سياسي يتناسب مع خبراته، بينما يقفز الى المناصب والسلطة أشخاص خبراتهم بسيطة ومتواضعة في مجال السياسة!

ماهو السبب.. وأيهما أهم للنجاح الذكاء والخبرة أم الحظ؟

سؤال ينقلنا الى واحد من من أكثر أسرار الحياة غموضا وهو طبيعة الأقدار والحظوظ المرسومة للإنسان، وهل هو مسير أم مخير بالمعنى الشامل وليس الديني فقط، أرجو عدم ترديد الكلام الإنشائي البائس من قبيل : (( من جد وجد، و من زرع حصد، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم... )) الى آخر قائمة الجمل الإنشائية المجانية التي ليست لها علاقة بواقع الإنسان وكيفية نجاحه في الحياة، والغريب رغم بؤسها وتهافتها العلمي.. تعتبر لدى أكثرية الناس بمثابة قوانين صحيحة ودساتير عمل!

لو قلنا ان الحظ يأتي أولا في عملية النجاح في الحياة، فهذه الحقيقة بديهية معروفة ولم نأتي بجديد، فالحظ من دون خبرة ممكن ان يؤدي الى النجاح، ولكن خبرة من دون حظ لن تؤدي الى النجاح أبدا.

ولكن السؤال : لماذا هذا الشخص محظوظ والآخر تعيس طالما ان البشر جميعا متساوون لدى الله العادل موزع الحظوظ والأقدار؟.. واذا كانت الإجابة ان الله لايُسأل عما يفعل وهو أدري وأعلم بالمصلحة والفائدة.. فإن هذا الجواب لاينسجم مع عدالة الله التي يُفترض انها أعطت للإنسان الحرية المطلقة في مناقشة مصيره وحظوظه وأقداره وسبب خلقه ووجوده على الأرض.

ألا تلاحظون ان الحياة لعبة ولغز غامض، ولكن من حُسن الحظ اننا تتقاذفنا الإنشغالات والأحلام والأوهام عن التفكير في هذه الورطة!


[email protected]