غريب أن تتم مؤاخذة النائب الكويتي(وليد الطباطبائي)، لكونه حضر أمسية رمضانية أقامها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في باريس، وغريب أيضا أن تصنف مشارکة الطباطبائي في الامسية المذکورة على أنه عمل يضر بالکويت و يسئ الى علاقاتها مع دولة مجاورة لها، تلك الامسية التي حضرها أيضا برلمانيون من المغرب و الاردن و فلسطين و موريتانيا و دول أخرى، وکانت مناسبة لطرح العديد من المشاکل و القضايا التي تهم الامة الاسلامية و تعمل على توحيد صفها ضد أعدائها و خصومها، رغم ان المحور الرئيسي لتلك الامسية کانت تترکز على معاناة سکان مخيم أشرف الذين سبق وان تعرضوا لعدة هجمات عسکرية مباغتة من جانب القوات العراقية بدعم و تحريض إيراني مکشوف و ليس بخاف على أحد، وقضية أشرف قد إکتسبت بعدا عالميا سيما بعد أن قامت القوات العراقية بهجوم عنيف ضدهم و قتلت على أثره 36 و جرحت أکثر من 350 فردا آخرين منهم، لکنه قطعا ليس کما صورت مقالة خاصة منشورة في صحيفة کويتية في يوم 16 آب/أغسطس الماضي تحت عنوان(ماذا يفعل وليد معquot;مجاهدي خلقquot;؟!)، والذي يزعم فيه أنهاquot;أي المنظمةquot;، تقوم بإرتکاب (أعمال شغب مدروسة و مدفوعة الاجر في دولة مجاورة هي إيران) و تستطرد أکثر لتقول (مع مايرافق ذلك من صور بالهواتف النقالة لمجموعات تتظاهر و تختفي، ويتم تصوير قتلى مزيفين و اعتداءات في استديوهات سينمائية و غير ذلك من لزوم الثورات المعلبة، تحت عنوان مايسمى بquot;الربيع الايرانيquot;)، الحق أن هذا الکلام الغريب الذي کتب اساسا دفاعا عن استقلالية الکويت و قرارها السياسي، قد جاء مناقضا لها تماما، فهوquot;أي هذا المقالquot;، يطعن في الانتفاضة الايرانية الکبيرة التي إندلعت في إيران منذ عام 2009، و لفتت أنظار العالم کله بل وان هذه الانتفاضة قد دفعت الى حالة من الانقسام داخل النظام الحاکم في إيران نفسها، ولم تقم منظمة مجاهدي خلق بتصوير مشاهد مزيفة او مفتعلة او مسجلة داخل استديوهات سينمائية، فقد تجاوز الامر بالانتفاضة الايرانية تلك الحدود و الاعتبارات بل وحتى أن کبار المسؤولين في النظام الايراني قد إتهموا منظمة مجاهدي خلق بقيادة تلك الانتفاضة( أي قيادة الجماهير المنتفضة)، وليس کما تزعم تلك المقالة بإفتعال اعمال شغب مدروسة و مدفوعة الاجر، هذه المقالة التي تطلق لنفسها العنان کي تتهجم على منظمة مجاهدي خلق بسياق و نهج و اسلوب هو اقرب مايکون من ذلك الاسلوب الشديد للنظام الايراني نفسه، وبعد أن بدأت دول الاتحاد الاوربي إعادة النظر في مواقفها حيال منظمة مجاهدي خلق و قامت بإخراجها من لائحة الارهاب التي وضعت اساسا فيه من أجل(إحتواء)و(تأهيل)النظام الايراني من جانب الولايات المتحدة الامريکية عام 1995، بل وان مسألة إعادة النظر في تلك القضية قد وصلت الى واشنطن نفسها حيث تجري الان رحى مناقشات حامية الوطيس في اروقة وزارة الخارجية الامريکية و في الکونغرس و مجلس النواب أيضا، من أجل إعادة النظر في القانون الذي أصدرته وزارة الخارجية الامريکية عام 1995، ويسعى النظام الايراني ومن خلال لوبي أمريکي تابع له بذل کل مافي وسعه من أجل الحيلولة دون ذلك. ونعود للنائب الکويتي وليد الطباطبائي، الذي لم يکن حضوره إلا لإعتبارات انسانية واسلامية بحتة تنطلق من نظرته الى الجانب الانساني لقضية أشرف و الخطر الکبير الذي يهدد حياة 3400 فردا من سکان مخيم أشرف، فهل حضور الطباطبائي الانساني و الاسلامي لهکذا امسية عمل إرهابي؟ وهل أن من قام بتجنيد الکويتيين للتجسس على شعبهم و وطنهم، قد أدى عملا نبيلا و هو برئ من صفة الارهاب و التخريب؟

الذي يذکر الارهاب، الاجدر به أن يذکر ماذا فعل و يفعل النظام الايراني في البلدان العربية بصورة عامة و في العراق و البحرين و اليمن و السعودية بل وحتى الکويت نفسها؟ وان طرح مزاعم بخصوص دور لمنظمة مجاهدي خلق في الانتفاضة الشعبانية و کذلك ضد الشعب الکويتي و ربط ذلك بأمر آخر ملفت للنظر هو( ماارتکبوه من جرائم انسانية في إيران)، انه بصراحة مقال غريب من نوعه يسعى لإظهار النظام الايراني بمظهر الحمل الوديع فيما يتم إظهار مخالفيه وکأنهم قطعان من الذئاب المفترسة إنها بحق(لقسمة ضيزى)! لکن، والحق يقال، صدمت کثيرا من هذه المقالة التي تتصيد في أجواء سليمة وفرتها دولة الکويت من أجل نظام مثير للشبهات و الشکوك و القلاقل و الفتن، بل انني عندما قرأت هذه المقالة(وانا أتقن اللغة الفارسية تماما)، تذکرت مقالات صحف أبرار و رسالت و کيهان التي ليس لها من هم سوى التسبيح و التحميد و التهليل بمکاسب و کرامات نظام ولاية الفقيه في الوقت الذي يتعرض الشعب الايراني لأصعب و أعقد اوضاع سياسية إقتصادية إجتماعية مرت به، بديهي جدا أن لايکون هذا المقال من أجل الکويت بل و حتى ان الکويت براء منه.