يعلن جميع المتنفذين في العملية السياسية أن هناك أزمة في العراق، ثم يقترحون حلول لهذه الأزمة.
ولا شك في أخلاصهم لتجاوز هذه الأزمة ولكنهم يقعون في نفس خطأ الذين سبقوهم في تقديم الحلول، أذ تقتصر هذه أيضا على شعارات متداولة في الشارع العراقي، من أزمة خدمات الى فساد مالي، بطالة وأمية و تعليم وأمن والقائمة تطول ولا مقترحات حلول حقيقية وواقعية وقدم أحد القائمين على العملية، برنامج النقاط الثمان، هي الأخرة لم تكن سوى شعارات جيدة لأعتصام ساحة التحرير، وما يجري في بغداد وأربيل من حوارات فسوف لن تأتي بجديد و ستبقى المماحكات بين الكتل السياسية المتنفذة المستفيدة مستمرة تحت عناوين و مسميات جديدة.والكل يأخذ المقسوم من الكعكة العراقية والمثال العراقي يقول شيلني واشيلك ويعني أسكت عما أسرقه- بضم الهمزة- وأسكت عما تسرقه، اما أمام العالم فتجري المعارك الدونكيشوتية بين هذا وذاك من تصريحات وبلاغات وأجتماعات الخ.

ألأزمة بدأت مع ألأطاحة بالنظام السابق على أيدي القوات الأميركية والأطاحة في نفس الوقت مع ما كان قد تبقى من كيان دولة، ووضع الحاكم الأميركي بريمر خطته لأقامة الدولة العراقية الجديدة، ليس على أساس وجود شعب عراقي، بل على وجود مكونات بمجموعها تشكل الشعب العراقي وأسس مجلس الحكم على أساس هذه المكونات، وقد سبقه الى ذلك طريقة الففتي،ففتي الفاشلة في كوردستان العراق.

وهكذا كان البيت الشيعي والبيت السني والبيت الكوردستاني وأنظم الحزب الشيوعي أنذاك الى البيت الشيعي بأعتبار أن قائد الحزب الشيوعي شيعي، وبدأت عملية توزيع الحصص الوزارية ووكلاء الوزراء والسفراءو كبار الموظفين وفقا لعدد الشيعة والسنة والكورد. وأصبح الوزير ممثلا لكتله داخل مجلس الوزراء وليس راعيا لشؤون كل العراقيين،و صرح السيد رئيس الوزراء أنه لا يستطيع التدخل لأصلاح عمل الوزارات لآنه لم يختار الوزراء بل أختارتهم كتلهم السياسية، دولة كيانات وليست دولة الشعب والهوية العراقية.

وما يسمى حكومة الشراكة الوطنية ما هو سوى حكومة المحاصصة، وعندما يجري الحديث عن ترشيق الوزارة يشار باستمرار على ضرورة حفظ التوازن بين الكتل المختلفة وفقا لحصصها، بينما يغرق البلد في فوضى لم يعشها العراق منذ قيام دولته في العشرينات حتى يومنا هذا.

حكومة المشاركة الوطنية ما هي سوى خدعة كبيرة للتنصل من المسؤولية عن تدهور الأوضاع بالرغم من الدخل النفطي الكبير مما لم يشهده العراق قبل اليوم، التدهور الحاصل في الخدمات والزراعة و الصناعة والتعليم على مختلف أصعدته من محو الأمية هذه الأفة الكبيرة الى التعليم الجامعي والثقافة، وأنتشار الفساد بميليارات الدولارات التي تختفي في بنوك العالم المختلفة و بأسماء مختلفة.

الخروج من هذه ألأزمات يتطلب أعادة النظر بكثير من ألأمور وبدئها السؤال أي دولة للعراق، دولة شعب عراقي لمكوناته حقوقها الخاصة أم دولة مكونات كما أن المجموعات السياسية المتحكمة بالعملية السياسية أعجز و أضعف من أن تتمكن من ألأجابة أن لم تكن في مصلحة قياديها ألأبقاء على هذه الأزمات، و سيبقى العراق يدور في خط حلزوني هابط للتدهورحتى يحزم أهل العراق قرارهم بأخذ حقهم.