يرتكب مجلس النواب العراقي جريمة دستورية تصل لحد النحر التام لكل ماهو دستوري وقانوني وديمقراطي في عراقاليوم من خلال محاولة تبنيه قانون مجلس السياسات العليا. ومع نظرة بسيطة للاسماء المرشحة لرئاسة وعضوية المجلس سيجد المراقب ان في ذلك خرق دستوري لاجدال فيه خاصة اذا تم الاصرار ان يمرر هذا القانون من خلال مجلس النواب, حيث سيكون حينها الجاني الاول بحق الدستور وهذا مبرر اكثرمن كافي لالغاء مجلس النواب وفقدان شرعية ومبررات وجوده.
مما لاشك فيه ان هناك حقائق انتخابية لايمكن تجاوزها من ضمنها ان منصب رئيس الوزراء كان من حصة الائتلاف الوطني العراقي كاستحقاق انتخابي دون منازع او quot; كرم سياسي quot; كما يصرحبه البعض بل ان السيد المالكي وصل الى منصبه من خلال استحقاق انتخابي كونه مرشح القائمة الاكبر وايضا من خلال قائمته التي حصلت على اعلى الاصوات داخل الائتلاف ويضاف لذلك حصوله وبشكل شخصي على اعلى نسبة اصوات على مستوى البلد, وفي نفس الوقت لابد من الاشارة بان الدكتورعلاوي هو رئيس ثاني اكبر قائمة في البرلمان وطالما تشكلت حكومة تحت عنوان الشراكة الوطنية فلابد مثل هذه الحالةان تاخذ العراقية كقائمة ورئيسها الدكتور علاوي استحقاقه الفعلي في الحكومة , وفينظرة بسيطة ممكن تثبيت ان العراقية اخذت مناصب رئيسية ووزارية اكبر من حجمها وذلك لان التعامل معها تم على اساس تمثيل مكون طائفي, لذلك كان الاجدر ان يرشح علاوي لمنصب النائب الثاني لرئيس الجمهورية بدلا عن طارق الهاشمي واعتقد ان ذلك لو حدث لجنب العملية السياسية الكثير من المعضلات والمعرقلات التي تواجهها الان وايضا لاثبتت صحة شعارات القائمة العراقية بانها قائمة وطنية وليس طائفية بالفعل وليس بمجرد القول.
بعد اعلان نتائج الانتخابات كنت قد كتبت مقالة أشرت فيها ان علاوي هواكبر الخاسرين بهذه الانتخابات والسبب كان بمثابة قراءة مسبقة لتركيبة قائمته ولحقائق الامور فيها وايضا حقيقة مراكز القوة كما أشرت الى ذلك في اكثر من لقا ءوخاصة في قناتي العراقية والرشيد. واذا كان لابد من البحث عن حلول لهذا الموضوع باعتباره واقع لايمكن تجاوزه في الوقت الحالي , فيجب ان لايدفع ذلك باتجاه خرقدستوري صارخ , لان مجرد قراءة بسيطة للبنود المعلنة لتشكيل هذا المجلس سيجد المراقب نفسه يبحث في تشكيل حكومة ثانية في البلد بكل سماتها و مستلزماتها وشروطها التامة !!وهذه في واقع الامر صناعة كارثية بكل معنى للحرف من هذه الكلمة يضاف الىذلك نوع من quot; كسر العظم الدستوري quot; مع الاصرار على تمرير هذه الكارثة من خلال التصويت في مجلس النواب.
جوهر المشكلة ان الدكتورعلاوي خرج الخاسر الاكبر ودون منصب شخصي! لذلك كان الاتفاق في اربيل لتأسيس مثل هكذا مجلس ولكن هذا الاتفاق هو اتفاق سياسي يجب ان لاينحني له الدستور بل اذا كان لابد منتمريره فيجب ان يكون من خلال ضبط هذه الاتفاقات وتنفيذها خارج قاعة البرلمان وليس من خلال البرلمان. اما مفردة مثل quot; تكيف الدستور quot; والتي تم استخدامها في جلسة نقاشات مجلس النواب حول نفس الموضوع ففيها الكثير من المغالطات وايضا محاولة التجاوز على الدستور والاهم الضحك على الذقون , وهذا يحط بشكل كبير من مكانة وقيمة الدستور ويرجعه الى مجرد quot; ورقة نكتبها وقت مانريد ونمزقها وقت ما نريدquot; كما كان يقول صدام في عقد الثمانينات.
من الواضح أن هذا الموضوع اصبح ازمة تبحث عن حزمة حلول لكن ليس من نوع بدعة التكيف الدستوري التي تم تناولها في تلك الجلسة , بل حل واقعي ومنطقي ومعقول لان اعضاء هذا المجلس المرتقب هم الرئاسات الثلاثة , فكيف يكون رئيس فوق رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب !! هذه ايضا أشكالية كبيرة لايمكن تجاوزها او العبور عليها. ثم اذاكان هذا المجلس تشريعي فماذا بقي للبرلمان وان كان تنفيذي فماذا بقي لمجلس الوزراءواذا كان تشريفي فماذا بقي لرئيس الجمهورية؟ المفارقة المؤلمة ان في حالتي نجاحاو فشل اخراج موضوع المجلس في البرلمان ستكون هناك مجموعة مشاكل وتقاطعات أنيه ومستقبلية, والمشكلة الاخرى ان موضوع المجلس يطرح في هذا الوقت الذي تم فيه ترشيق الحكومة و الغاء حوالي 16 وزارة من خلال تصويت مجلس النواب نفسه وليس غيره.وحيث اصبح من الواضح ان الترهل بالمناصب والامتيازات المالية يشكل عبئا ضاغطا على امكانيات عمل واداء الحكومة. اعتقد ان الحل الاسلم بتخفيف صلاحيات المجلسوامتيازاته وبشكل كبير وجوهري وان يخرج للنور خارج قاعة البرلمان , او تحدث المعجزة حيث يتم الاتفاق الطوعي على الغاء الموضوعمن الاصل , وان يقدم طارق الهاشمي استقالته ويتقدم علاوي بديلا عنه كنائب ثاني لرئيس الجمهورية. وهذا سيكون أروع أنواع التكيف العراقي والانساني والوطني.واعتقد بتصوري هذا سيرى البعض اني ليس حالما فحسب بل اكثر من quot; بطران quot;كما يقال في الكلام العراقي الدارج.
التعليقات