إحتفل الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتزعمه السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان العراق، في السادس عشر من هذا الشهر بالذكرى ال 65 لتأسيسه، وكان له منذ ستينات القرن الماضي علاقات طيبة مع طهران، عدا فترات قصيره شابها الفتور، سرعان ما إستعادت حيويتها خاصة بعد إنتفاضة ربيع 1991 وصدور القرار الاممي الخاص بمنطقة حظر الطيران وحماية الشعب الكردي.
لقد ادى سقوط النظام الدكتاتوري الى تراجع دور الاحزاب الكردية من الحليف الاول الى الصف الثاني بالنسبه لصانعي القرار في طهران التي اصبحت تتمتع بنفوذ واسع النطاق داخل العراق، وصل الى حد تعيين رئيس الجمهوريه ورئيس الوزراء كما حدث في اعقاب الانتخابات البرلمانيه الاخيره عام 2010 في إنقلاب على الدستور وتحت سمع وابصار الاداره الامريكيه الديموقراطيه، التي إستسلمت للأمر الواقع وتركت الشعب العراقي يدفع ثمن أكبر خرق للدستور وللاعراف الديموقراطيه، من خلال حرمان الكتله العراقيه الفائزه من حقها في تشكيل الحكومه خلال الفتره القانونيه الدستوريه.
تراجع الدور الكردي يبدوا واضحا من خلال اللامبالات التي تمارسها حكومة السيد المالكي تجاه الورقه الكرديه التي إحتوت مطاليب الجانب الكردي التسعه عشر، والتي تم إهمالها بالكامل رغم الاتفاق عليها قبيل تشكيل الحكومه الحاليه، إضافة وبالتزامن مع القصف الايراني للقرى والقصبات الكرديه وإختراق الحدود الى عمق المناطق السكنيه، بدأت حكومة المالكي، الصامته ازاء خرق الحدود العراقيه، باثارة المشاكل في المناطق المتنازع عليها، كان نتيجتها أكثر من (500) قتيل وتهجير (1500) عائله كرديه حسب تصريحات الجانب الكردي، الذي اعلن ايضا عن الكشف ومصادرة أكداس من العتاد والاسلحه العائده لحركة انصار الاسلام المحضوره، ومن الواضح ان السماح للمجموعات المسلحه التابعه للحركه بالتنقل عبر الحدود العراقيه الايرانيه، يشكل التهديد اليومي القائم ضد الاداره الكرديه، إذ يعني فيما يعنيه تفجير الوضع الامني والسلام النسبي الذي يتمتع به إقليم كردستان. ولكي تكتمل صورة نهاية شهر العسل بين اربيل وطهران لابد من الاشاره الى تباين المواقف بين الطرفين والذي يبدو جليا في الموقف مما يجري في سوريه، ففي الوقت الذي لا يخفي فيه الجانب الكردي، الديموقراطي الكردستاني تحديدا، تذمره وامتعاضه من النظام الحاكم في دمشق وتعاطفه مع الشعب السوري عامة والكرد خاصه، تقوم طهران بكل مافي وسعها لحماية النظام ودعمه وتعتبر معركته مع المعارضه السوريه، معركتها مع امريكا والسعوديه وتركيا والخ، وهي فعلا احدى المعارك الفاصله التي سترسم مستقبلا خارطة المنطقه والقوى الفاعله فيها، ولذا فالموقف الكردي، البارزاني والديموقراطي الكردستاني، غير مقبول ومرفوض قطعا، فبالنسبه لطهران أما ان تكون في صفها او في صف أعدائها ولا منطقه وسطى في مفهوم صانعي القرار هناك، ليس هذا هو المرفوض الوحيد لطهران، فما يصب الزيت أكثر على نار الفتور الكردي الايراني، هو ما تعتقده طهران تجاوزا للخطوط الحمر، وهو التقارب الكردي التركي الذي اصبح اكبر من ان يحتمل خاصة مع تنامي حجم التبادل التجاري بين الاقليم وتركيا وتعاظم الدور التركي في عملية تشييد البنى التحتيه الاساسيه في اقليم كردستان حيث تساهم اكثر من (500) شركه تركيه مسجله قانونيا فيها.
من الواضح ان السيد البارزاني على خلاف حليفه السيد الطالباني ( الأخوه الأعداء) لم يبني ويحسم موقفه لصالح مراكز القرار في طهران، وان محاولاته للاحتفاظ بقدر من الاستقلاليه والحياد في المواقف والصراعات الجاريه، لا تلقي أي ترحيب في طهران وهذا للاترحيب سيلقي بضلاله القاتمه لا على علاقات الحزب الديموقراطي الكردستاني بايران فحسب وإنما على إقليم كردستان وتجربته الفيدراليه، خاصة مع وجود سلطه حليفه لطهران في بغداد، ومع سكوت الاداره الامريكيه الديموقراطيه وعجزها عن إتخاذ أي إجراء لحماية العراق والعراقيين من الاطماع الاقليميه، هذا إذا لم يكن العراق تعويضا لايران مقابل خسارتها لسوريه!
السؤال: هو الى متى سيتمكن السيد البارزاني من الاحتفاظ باستقلاليته واستقلالية القرار الكردي العراقي؟ وهل سيلجأ الى قدرات حليفه الطالباني الذي يتمتع بعلاقات متميزه مع طهران لانقاذ ما يمكن انقاذه ان صح التعبير؟ أم سيعتمد على الجماهير الكرديه والعراقيه ويقوم بتجسير الهوه بينه وبين فصائل المعارضه الوطنيه في كردستان ويعيد النظر في تحالفاته الاستراتيجية العراقيه الحاليه والتي لم تعد تجدي نفعا لبناء جبهه عراقيه وطنيه جديده قادره على حماية العراق وكردستانه وحماية إستقلاله الوطني وبناء مستقبل افضل؟
الامر متروك للسيد البارزاني، رئيس اقليم كردستان العراق، الذي لابد وان يعلم أكثر من أي شخص اخر، بان شهر العسل بين اربيل وطهران قد انتهى.
bull;كاتب عراقي
- آخر تحديث :
التعليقات