من المفاهيم ليست خاطئة فقط، بل خطرة أيضا مفهوم التسامح الذي يطرح لمحاربة التعصب الديني، ومكمن خطورته إنه يستبطن إدانة الآخر المغاير المختلف، وينظر الى حريته في المعتقد على إنها جريمة تتطلب الغفران والتسامح معها!

ولانعرف التسامح على ماذا ؟.. المسيحي على ماذا يسامح المسلم، والمسلم عن أي شيء يسامح المسيحي، واليهودي والهندوسي والسيخ والبوذة، والمختلفون طائفيا.. عن أي الجرائم يسامح بعضهم البعض؟

وهل حرية العقيدة الدينية جريمة حتى تطلق دعوات التعايش والتسامح بين الأديان؟

تكرار ترديد هذا المفهوم على العكس مما يعتقد الذين يتحدثون به ويدعون اليه.. سوف لن يساهم في التخفيف من مشاعر الكراهية والتعصب، بل سيدخل في وعي ولاوعي الأفراد والجماعات قناعة إحتكار الحقيقة والإيمان وانهم يسيرون في الطريق الصواب، وسيضخم لديهم مشاعر التعصب أكثر عندما ينظرون الى أصحاب الديانات الأخرى من منظور الغافر المتسامح الذي يرى نفسه من موقع القوة والإقتدار يصدر مراسيم العفو عن المخطئين أبناء الطوائف والديانات المغايرة له.

فالتسامح يفترض وجود طرف ضعيف مخطيء يستحق الشفقة عليه من قبل الطرف القوي الذي يحتكر الحقيقة والإيمان، بينما في العقيدة الدينية لاوجود لمثل هذه التقسيمات، ولعل إحدى مشاكل التعامل مع حرية المعتقد يتم التعامل معها بمصطلحات غريبة عليها ولاتناسبها مثل : التعايش والتسامح وغيرها.

ماعدا العقائد المتطرفة الإرهابية.. يحق لكل إنسان إختيار العقيدة الدينية التي يقتنع بها كطريق ووسيلة الى الله.. لذا أدعو الى إستبدال مفهوم التسامح بمفهوم إحترام حرية المعتقد بإعتبارها جزءا من حق الإنسان الحر الواعي الذي يختار أفكاره وقناعاته من دون التعرض للمضايقات والإعتداء والتكفير والنظرة الفوقية له التي تصدر مراسيم العفو والتسامح.


[email protected]