عندما بدأت أحداث تونس وظهر فى الأفق أن هناك شئ سيحدث فى مصر قال مسئولى الحكومة وقتها أن مصر ليست تونس، كما قيل فى ليبيا أن ليبيا ليست مصر وتونس وهكذا يقال أيضا فى سوريا منذ شهور، والآن بعد إكتساح الإسلاميين للإنتخابات البرلمانية فى مصر وفجأة حلوا محل الحزب الوطنى فى كل أنحاء مصر، ليس هذا فقط بل لقد بدأ السلفيون منهم (حتى قبل توليهم السلطة رسميا) فى تطبيق مفهومهم للشريعة الإسلامية فبدأوا فى الإعتداء على الميكروباصات فى الزقازيق للفصل بين الرجال والنساء وعلى حلاقى السيدات فى القليوبية وحلاقى الرجال فى بورسعيد (الذين يحلقون ذقون الزبائن) وقاموا بتكسير التماثيل (الأصنام) وأشجار أعياد الميلاد فى بعض المحلات، والليبراليين الذين لم يفيقوا من صدمة الهزيمة، أصبحوا يقولون وهم يشاهدون (باليه كسارة البندق) فى دار الأوبرا المصرية :quot;أن مصر ليست إيرانquot;، وأنا معهم تماما فى هذا فمصر ليست إيران ولكنها ستكون أسوأ من إيران، إيران من أكبر مصدرى البترول فى العالم وتجلس على ثالث أكبر إحتياطى بترولى فى العالم، لذلك ممكن أن تجرب فى شعبها أى شئ (بفلوسها) حكم دينى ماشى، حكم الشاه ماشى، حكم العسكر ماشى، كل هذا جائز فلديهم رفاهية الدخل البترولى الذى يتزايد سنويا بلا عقل، أما مصر فليس لديها الآن سوى شوية جلاليب وذقون وأحجبة وشعارات لا تسمن ولا تغنى من جوع.
...
ولكى نعرف كيف يفكر الأخوان وموقفهم من الفن على سبيل المثال ( وهم أرحم كثيرا من السلفيين بالطبع)، ففى حديث (الحقيقة) لوائل الأبراشى مع محمد يسرى رئيس حزب الأخوان، عندما سأله عن الفن، قال له: نحن ضد الفن الهابط، يعنى ليه ما نعملش أفلام زى :
Gon with the Wind amp; The Deer Hunter
وقد قالها رئيس حزب الأخوان باللغة الإنجليزية، ولم يكلف خاطره ويترجمها للعربية حتى يفهم معناها معظم المصريين الذين إنتخبوه والذين لم ينتخبوه، وضحكت أنا وصديقى الليبرالى عندما سمعناه يتكلم عن أفلام بمستوى (ذهب مع الريح) و (صائد الغزلان)،وفهمنا أن الأخوان هم من سيقررون إن كانت الأفلام الجماهيرية لمحمد سعد أو عادل أمام أو محمد هنيدى فى مستوى (ذهب مع الريح) أم لا؟ وأقول أنهم أرحم من السلفيين الذين يرغبون فى إغلاق باب الفن بالضبة والمفتاح.
ومن أجمل النكات التى سمعتها مؤخرا عن موقف الإسلاميين من الفن:
quot;قالوا لفنانة رقص شرقى: إيه ناوية تعملي إيه... الأخوان وصلوا الحكم؟ قالت: حأشتغل معاهم طبعا!
قالوا لها: إزاى؟ قالت: همه مش حيعملوا مسلسلات دينية كثير؟ قالوا لها: أكيد؟ قالت: خلاص .. حأرقص مع الكفار!!quot;
....
فهل يصبح هذا مصير الكتاب والفنانين والأدباء والموسيقيين فى مصر أن quot;يرقصوا مع الكفارquot; أو يعملوا أفلام فى مستوى ذهب مع الريح؟؟ أم آن الأوان لكى نشاهد الراقصة المنقبة والمطرب الملتحى؟ لأ بجد ؟ مذا ستفعل مئات الآلاف من الأسر التى تعيش على الفن والأدب ؟ بل وماذا سيفعل الملايين الذين يرتزقون على السياحة؟

كاركاتير ممتاز لمصطفى حسين مأخوذ من جريدة الأخبار(هل قام المصريون بالثورة لمنع البكينى والخمور)؟؟ (العبارة دى من عندى)
hellip;hellip;hellip;hellip;hellip;hellip;hellip;
المعركة قادمة .. قادمة .. وستكون عنيفة ، وأعنف المعارك سوف تكون بين السلفيين والأخوان، ، فالأخوان (على سبيل المثال) يريدون السماح للسياح بالشرب داخل غرف فنادقهم والسلفيون يريدون منع الشرب بتاتا، الأخوان لا يمانعون فى أن يرتدى السياح المايوه الشرعى، ولكن السلفيون لا يريدون أن يروا أى أمرأة على الشاطئ وفى أسوأ الأحوال يمكن عمل شواطئ خاصة بالسيدات، الأخوان لا يمانعون فى الإحتفاظ بمعاهدة كامب دافيد، ولكن السلفيون يريدون عمل كتائبquot;إستشهاديةquot; إنتحارية لتحرير القدس. الأخوان يؤمنون يالإقتصاد الحر، ولكن السلفيون يؤمنون بأن ما حدش بينام من غير عشاء!! ورغم ذلك فالأخوان المسلمون لهم نفس أجندة السلفيين (وهى إقامة الخلافة الإسلامية) ولكن الأخوان سياسيون بطبيعتهم وأكثر دهاء وتخلوا عن إستخدام العنف لأسباب سياسية ولكن لا يزال شعارهم يحمل سيفيين متقاطعين وكلمة quot;أعدواquot; (أعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ورباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) أما شعار الحزب الجديد فقد تخلوا عن السيفيين المتقاطعين وكذلك تخلوا عن كلمة quot;أعدواquot; وإستبدلوها بشعار جديد (الحرية والعدالة نحمل الخير لمصر) ، أماالسلفيون فأحسن مايقال عنهم (إللى فى قلبهم على لسانهم) وهم بطبيعتهم رومانسيون يذكروننى بالييورتان فى أوروبا فى القرنين السادس عشر والسابع عشر، والذين تخيلوا أنهم يستطيعون إرغام الناس على تطبيق صارم للدين (أو تطبيق نقى ndash; بيور)، وبالفعل صعدوا لحكم إنجلترا بعد الحرب الأهلية الإنجليزية الأولى (1642- 1646 )، ولكن الناس بعد ذلك بطبيعتها عادت للتطبيق الطبيعى للدين كجزء من الحياة وليس كل الحياة.
ويبدو أن هناك فرقا بيننا وبين أوروبا يتراواح بين 300 ndash; 500 سنة، ولكن هل يجب أن ننتظر مئات السنين حتى نصل لتلك الحقيقة التى توصل لها من سبقونا إلى الإيمان بمدنية الدولة وبفصل الكنيسة عن الحكم، أو بفصل الدين عن السياسة، ولكن معظم الإسلاميون يؤمنون بالإلتزام الحرفى بكل ما كان يفعله الصحابة فى عصر الرسول، ونسوا أو تناسوا أننا لسنا فى عصر الرسول، فرغم أنهم قالوا أن الديموقراطية كفر فإنهم إشتركوا فى العملية الديموقراطية وفازوا بأغلبية أكثر مما كان يتخيل الجميع، ورغم أنهم قالوا لنا لا تتشبهوا بالكفار والنصارى واليهود وتشبهوا فقط بالرسول وأصحابه، إلا أنهم يركبون الطائرات والسيارات وهى وسائل لم يركبها الرسول وصحبه، وهم إستخدموا أحدث وسائل تكنولوجيا الكفار واليهود والنصارى من فيس بوك وإنترنت وكومبيوتر وهى أشياء لم يعرفها الرسول وصحبه، وينامون على أسرة وفى التكييف ويرتدون الساعات الثمينة وهى أشياء لم يستعملها الرسول، ولهم قنوات تليفزيونية وقد حاول زعماؤهم الأولون من الوهابيين بتدمير مبنى التليفزيون بالسعودية عند بدء الإرسال فى الستينييات، والرسول وصحبه لم يكن لديهم قناة تليفزيونية، وإذا عددنا الأشياء التى نتشبه فيها بالكفار يوميا لإحتجنا مجلدات.
والإسلاميون يهتمون بالأشياء الشكلية: مثل تربية اللحية: وهم يعرفون أن أباجهل كانت له لحية أيضا، والحجاب والنقاب: وأيضا أمرأة أبولهب (حمالة الحطب) كانت ترتدى الحجاب، ويرتدون الجلباب: وأبو لهب أيضا كان يرتدى نفس الجلباب (وإن أخذ بعضهم نيو لوك بمناسبة الإنتخابات ولبسوا البدلة والكرافتة)، ويهاجمون أمريكا والغرب ليل نهر ويرسلون أولادهم وبناتهم إلى الجامعة الأمريكية وبعض المقتدرين يرسلونهم إلى أمريكا والغرب، ويطالبوننا بالتداوى بالطب العربى القديم ولكن عندما يجد الجد ويمرضون فيهرعون إلى المستشفى وياحبذا لو كان مستشفى (جون هو بكنز) أو (كليفلاند) فى أمريكا.
...
ومرة أخرى إلى الذين يعتقدون أن مصر ليست إيران، يجب أن يرجعوا لكى يشاهدوا صور إيران فى السبعينييات قبل وصول الإسلاميين إلى الحكم، وكل الذين ساندوا الثورة الإيرانية إما تم إعدامهم أو هربوا من إيران، فعلى سبيل المثال quot;الحسن بنى صدرquot; وكان ممسكا بيد الخمينى وهو يهبط من طائرته منتصرا عائدا من باريس وأصبح بالفعل أول رئيس جمهورية منتخب فى إيران، ولكنه لم يصلح للإستمرار مع الإسلاميين وهرب من إيران مرتديا نقاب أمرأة ويعيش الآن فى أوروبا منفيا بعد أن كان أحد زعماء الثورة التى أطاحت بالشاه.
...
والإسلاميون أعلنوها صراحة مرارا :quot;إللى مش عاجبه حكم الإسلاميين يسيب مصرquot; وهم فى ذلك مثل الذى يقول لأمرأته بعد معركة غير متكافئة :quot;لو مش عاجبك إتفضلى على بيت أبوكى ... الباب يفوت جملquot;!!
وعلى العموم سنة 2012 ستكون سنة كبيسة بكل معنى الكلمة!!

[email protected]