قابلتها مع إبنتى الكبرى بمدينة إسطنبول فى الشهر الماضى، شقراء جميلة دقيقة الملامح مبتسمة دائما وتبتسم معها عيناها الزرقاوان، تخرجت هى وإبنتى العام الماضى من نفس الجامعة فى أمريكا، وتحمل نفس إسم إبنتى (سارة)، وهى تهوى الدراسات الشرقية وتعشق الحياة فى الشرق الأوسط، وهى تقوم حاليا بتدريس اللغة الإنجليزية فى إحدى المدن التركية الصغيرة، وقد سبق لها أن أمضت فصلا دراسيا فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة لدراسة اللغة العربية، وقالت لى أنها إستمتعت كثيرا بالحياة فى القاهرة، وسألتها ما هو أفضل شئ أعجبك فى القاهرة فقالت لى أن معظم الناس كانوا ودودين جدا معى وانها عشقت الأكلات الشعبية المصرية: الفول والطعمية والكشرى والبسبوسة وأم على.
وسألتها (كونها أمريكية) ما هو أكثر ما ضايقك فى القاهرة، فردت على الفور بدون تردد: quot;التحرش الجنسىquot; وقالت لى أنها أحيانا كانت تبكى من كثر ما تعرضت للتحرش الجنسى، بالرغم من أنها حاولت أن تخفف من هذا التحرش الجنسى بأن قررت أرتداء الحجاب ولبس ملابس لا تكشف أى شئ من جسمها بالرغم من حرارة الصيف إلا أن التحرش الجنسى لم يتوقف. وفوجئت بها تسألنى عن السبب فى أن التحرش الجنسى أصبح ظاهرة فى مصر؟
فقلت لها على الفور أيضا: السبب هو التزمت الدينى الظاهرى والشكلى.
وسألتها عما إذا كانت تعرضت للتحرش الجنسى فى أسطنبول، فقالت أبدا لم يحدث أبدا بالرغم من ندرة الحجاب فى إسطنبول وإنعدام النقاب!!
وخجلت من (سارة) الأمريكية عندما سألتنى عن حالة التحرش الجنسى الجماعى والتى إقتربت من الإغتصاب الجماعى فى ميدان التحرير فى عز أيام ثورة 25 يناير والتى حدثت لمذيعة التليفزيون الأمريكية الشهيرة والتى كانت فضيحة عالمية شوهت وأساءت لسمعة مصر وسمعة ثورتها ثم محاولة الإغتصاب والتحرش الجنسى للصحفية الأوربية مؤخرا فى شارع محمد محمود بالقاهرة.
...
الجنس والطعام هما أقوى الغرائز لدى الإنسان والحيوان وبدونهما تنعدم الحياة على الأرض، فلو على سبيل المثال قرر سكان الأرض التوقف عن الطعام لمدة شهر أو تزيد قليلا لأختفت الحياة على وجه الأرض، ولو قرر سكان الأرض التوقف عن ممارسة الجنس لإختفت الحياة على وجه الأرض أيضا. لذلك فإن أى محاولة لإنكار أو كبت الغريزة الجنسية فإن هذا يكون له آثار سلبية مميتة.
وأيام كنت فى جامعة القاهرة لم تكن هناك فتاة محجبة واحدة وكانت بعض الفتيات ترتدى فساتين فوق الركبة، ورغم ذلك كانت ظاهرة التحرش الجنسى وجرائم الإغتصاب نادرة الحدوث. وكنا نذهب إلى الشواطئ فى ميامى وسيدى بشر والمعمورة وستانلى وكانت الفتيات ترتدى المايوهات، وكان شاطئ المعمورة الوحيد الذى يسمح بإرتداء المايوه البكينى، ورغم ذلك لم يكن هناك تحرش جنسى جماعى بالشكل المرضى الموجود حاليا فى مصر.
ولماذا نذهب بعيدا، فى شرم الشيخ والغردقة ترتدى السائحات المايوهات البكينى الساخنة، ورغم ذلك لم نسمع عن ظاهرة تحرش جنسى أو إغتصاب جماعى للسائحات هناك.
..
فلماذا يحدث هذا؟ رغم أن الداعين لتعميم لبس الحجاب وحتى النقاب حجتهم فى هذا أن فى هذا حماية للفتاة وصون عفتها، وأن فى هذا يحجب عنها تحرش الأولاد الوحشين؟؟؟
وأنا أعرف كثيرا من الفتيات قد إرتدين الحجاب كخط دفاع ضد التحرش الجنسى ولكن هذا لم يمنع التحرش بل على العكس زادت حوادث التحرش والإغتصاب حتى يمكن أن نطلق على quot;القاهرةquot; أنها أصبحت عاصمة التحرش الجنسى فى العالم.
وأنا قرأت وسمعت عن حالات تحرش جنسى ليس فقط ضد الفتيات والنساء ولكن أيضا ضد الأطفال من الجنسين فى أكثر البلاد تزمتا وتشددا من الناحية الدينية فى الخليج، ناهيك عن زنا المحارم والأقارب والمثلية الجنسية والمنتشر أيضا فى أكثر المجتمعات تزمتا.
وكلما زاد كبت الجنس كلما زادت أعمال التحرش الجنسى، هذه معادلة صحيحة تماما فى كل زمان ومكان، وما قرأناه مؤخرا عن أن بعض رجال الكنيسة الكاثوليكية مارسوا التحرش الجنسى ضد الأطفال ما هو إلا تأكيد لتلك النظرية، لأن رجال الكنيسة هؤلاء حاولوا أن ينسوا أنهم بشر ولهم غريزة جنسية ويعيشوا حياة تبتل وزهد عن الجنس ولكن كان الجنس أقوى من إرادة وزهد بعض المرضى منهم.
...
والحقيقة أن الكبت الجنسى يبدأ منذ الطفولة عندما يبدأ فى فصل الأولاد عن البنات فى المدرسة وفي الشارع وفى كل نواحى الحياة، وكلما زاد هذا الفصل زادت بالتبعية ظواهر التحرش الجنسى والإغتصاب.
...
هل تذكرون إغنية محمد رشدى:
كعب الغزال يامتحنى بدم الغزال
ما تبطل تمشى بحنية ليقوم زلزال
؟؟؟
رغم أنه لم يشاهد من الفتاة سوى كعب رجلها إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يتغزل فيها
وقديما كانت النساء والفتيات يلبسن الخلخال فى أقدامهن للفت نظر الرجل، وتذكرون أيضا أحد أفلام الأبيض والأسود الشهيرة quot;رنة الخلخالquot; بطولة برلنتى عبد الحميد عندما كانت فى عزها، كانت توقف الشارع على رجل عندما كانت تسير ويسمع الجميع رنة خلخالها!!
إذا فما هو الحل؟ إذا كان لا الحجاب نافع ولا النقاب حتى نافع؟
...
الحل فى تقديرى يبدأ فى المنزل والمدرسة:
إذا إحترمنا الفتاة فى المنزل فسيتم إحترامها فى الشارع والمواصلات العامة، والأهم فى تقديرى هو السماح بالإختلاط بين البنات والأولاد فى المدارس فى سن مبكرة قبل الجامعة، ودائما أتساءل كيف نسمح بالإختلاط بين الأولاد والبنات فى الجامعة من سن 18 حتى سن 23 ولا نسمح بالإختلاط فى مراحل التعليم قبل هذا؟؟
وأود أن أقترح أيضا أن تخلع البنات الحجاب والنقاب ولو سنة على سبيل التجربة وأنا مقتنع تماما بأنه لو حدث هذا فسوف تخسر القاهرة مركزها الأول كعاصمة quot;التحرش الجنسىquot; فى العالم!!
التعليقات