تابعت على الهواء مباشرة مع الملايين من كافة أنحاء العالم المغامر النمساوي فيليكس باوجارتنر وهو يصعد إلي أرتفاع 128 ألف قدم وهذا أرتفاع يعتبر على حافة الفضاء الخارجي ثم يقفز من هذا الأرتفاع الرهيب ويهبط من هذا الأرتفاع ويصل للأرض في أقل خمس دقائق بسرعة سقوط سرعة تفوق سرعة الصوت أو تكاد، وشاهدت الكاميرات مسلطة على والدته والقلق مرتسما على وجهها ثم مختلطا بدموع الفرح عندما فتح الباراشوت وهبط سالما على الأرض، وعندما خرج فيليكس من المقصورة وقفز.. قفز قلبي معه، وعندما بدأ يدور بسرعة خرافية حول نفسه حبست أنفاسي للحظات حتى تماسك وتحكم في هبوطه، وعندما فتح البارشوت قلت: quot;الحمد للهquot;.
وأنا لم يكن يعنيني البتة أن يحطم فيليكس كل الأرقام القياسية التي حطمها، ولكن كنت مهتما بالتفاصيل الدقيقة والدراسات العلمية المستفيضة والتى سبقت مغامرته من دراسة الغلاف الجوي ودراسات عن درجات الحرارة وإختلاف الضغط الجوي وتأثيراته على جسم الأنسان ونقص الإكسجين في الإرتفاعات العالية وتأثير أي إشعاعات ضارة على جسم الإنسان، وهل تصدق أن عدد الذين عملوا مع فيليكس هو 300 شخص، الكثير منهم تطوعوا للإشتراك في عملية فيليكس، وكذلك تابعت بدقة الخطوات ال 36 لإختبار كل الأجهزة خطوة خطوة، وكان قائد العملية الطيار الأمريكي السابق quot;جو كيتنجرquot; وهو مغامر سابق وصاحب الرقم القياسي الذي حطمه فيليكس، وهذا موضع غاية في الجمال الإنساني والإيثار الجميل، فالرجل الذي يحمل الرقم القياسي لسرعة السقوط وإرتفاع السقوط لنصف قرن كان هو الحريص على مساعدة فيليكس لتحطيم هذا الرقم، ليس هذا فحسب بل إختاره فيليكس على أن يكون قائدا للفريق وعلى أن يقوده خطوة بخطوة قبل الهبوط، وقد يقول قائل: quot;أيه لازمة الموضوع ده كله؟quot; أو quot;يعني إستفدنا إيه من الموضوع والضجة دي كلهاquot; أو quot;دي ناس فاضيةquot;، ولكن هذا بالضبط هو سر تفوق الحضارة الغربية منذ بداية عصر النهضة، هم الذين أكتشفوا منابع النيل ومنابع نهر الأمازون، هم الذين إكتشفوا أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية، هم الذين أكتشفوا معظم الآثار المصرية وقرأوا لنا المكتوب على معابدنا عندما أكتشفوا حجر رشيد هم الذين إكتشفوا كنوز توت عنخ آمون، وهم الذين كشفوا لنا عن أبو الهول والذي ظل مطمورا تحت الرمال لقرون عديدة.
وعندما أطلقت روسيا أول قمر صناعي إلي الفضاء منذ أكثر من نصف قرن تساءل العديد من الناس :quot;يعني إستفدنا إيه من القمر الصناعي ده إللي بيلف حول الفضاء بلا هدفquot;؟؟ ولكن اليوم بدون الأقمار الصناعية ما كنا لنستطيع إستخدام التليفونات الموبايل أو مشاهدة القنوات الفضائية ومتابعة ما يحدث في العالم لحظة بلحظة وما كنا نستطيع إستخدام الإنترنت.
ومنذ نهاية حكم العرب في الأندلس ونحن نعيش عالة على العالم الغربي في إكتشافاته وأختراعاته، حتى البترول الذي نعيش اليوم عليه هم الذين إكتشفوه لنا رغم أننا كنا نجلس فوقه لملايين السنين!! لذلك نشاهد ما يحدث في الغرب كل يوم من إكتشافات ومغامرات أحيانا بإعجاب وأحيانا بإستغراب وأحيانا بإستنكار وإنكار، وأحيانا بحسد وحقد وكراهية وأحيانا ببلاهة أيضا!!

فيليكس لحظه خروجه من الكبسولة قافزا !!
تخيلت لو نشأ فيليكس في أسرة مصرية، ثم كتبت هذا السيناريو:
عمر فيلكس الآن خمس سنوات:
أبوه: ياواد يا فيليكس قلت ميت مرة تبطل تنط فوق السرير
فيليكس: أنا بأحب أنط يابابا
أبوه: إنزل من على السرير جات كسر رجلك
فيليكس: إيه عاوزني أبطل نط ليه (فيليكس مستمر في النط وأبوه يحاول أن يمسك أعصابه)
أبوه: يا إبني أنزل حتكسر سوست السرير
فيليكس يرفض التوقف عن القفز وهنا يفقد الأب أعصابه ويضربه بشدة على مؤخرته، فيليكس يبكي وينام على السرير ويحرم نط فوق السرير!!
عمر فيليكس الآن خمسة عشر سنة:
فيليكس: عندنا في رحلة في المدرسة
أم فيليكس: حتروحوا فين ياحبيبي؟
فيليكس: رايحيين رحلة في سيناء إلي دير سانت كاترين
أم فيليكس: وحتعملوا إيه في سانت كاترين دي؟
فيليكس: حنزور الدير وكمان أنا أطلع أتسلق جبل موسي هناك
أم فيليكس: وجبل موسي ده عالي أد أيه؟
فيليكس: أنا سمعت أن الجبل ياخد أربع ساعات للوصول للقمة.
أم فيليكس: ليه يا إبني التعب ده، إيه إللي حتستفيده؟
فيليكس: دي مغامرة جميلة يا ماما
أم فيليكس: مغامرة في عينك قليل الأدب، تعالي يا أبو فيليكس شوف أبنك ده إللي مش راجع إلا لما يكسر رقبته!
وبالطبع لم يتسلق فيليكس جبل موسى
...
فيليكس الآن عمره خمسة وعشرون عاما:
فيليكس: أنا رايح أقفز من طيارة تدريب في مطار إمبابة
خطيبة فيليكس: تقفز إزاي يعني ناوي تنتحر؟
فيليكس: لأ .. أنا حا أقفز بالباراشوت
خطيبة فيليكس: يانهار أبيض، باراشوت مرة واحدة، وحتستفيد إيه؟
فيليكس: أنا بأحب أقفز مش ضروري أستفيد، لكني بأستمتع
خطيبة فيليكس: تستمتع إيه ونيلة إيه ده إنت ممكن تقع على جدور رقبتك!!
فيليكس يغضب من خطيبته ولكنه يكمل الزواج رغم ذلك
....
فيليكس عمره الآن خمسة وثلاثون عاما:
فيليكس: ياواد بطل تنطيط على السرير إلهي تنكسر رقبتك!!
حسن فيليكس: أيوه يا بابا بس أنا بأحب أنط لفوق وأرجع تاني لتحت
فيليكس: تحب إيه وبتاع إيه... بطل تنطيط حبك برص!!
...
[email protected]
تابعونا على التويتر
@samybehiri