الدولة تتكون من أرض وشعب ونظام حكم، والدولة مثل جهاز الكومبيوتر الأرض والشعب هما الهارد وير ونظام الحكم هو الصوفت وير أو البرنامج الذي يدير الكومبيوتر، والكومبيوتر بدون البرنامج يصبح قطعة حديد وكذلك الدول بدون نظام حكم ملائم لها تسقط، والنماذج حولنا كثيرة من الصومال إلى السودان إلى أفغانستان، ومصر الآن تصارع لكي تجد لنفسها صوفت وير يشغلها!!

وكثير من المصريين يؤمنون إيمانا جازما بأن التاريخ والجغرافيا فى صفهم وأن مصر قد مر عليها عبر آلاف السنين الكثير من المحن ما لم يمر علي أمة أخري ورغم ذلك بقيت دولة موحدة ولها حكومة مركزية قوية دامت آلاف النسين منذ أن وحدها مينا موحد القطرين، وقد يكون فى هذا الكثير من الصحة وأن ما يحدث فى مصر الآن هو مجرد زوبعة فى فنجان ستعود بعدها الحكومة المركزية القوية تقود تلك الدولة الموحدة، وهذا وارد بالتأكيد ولكننا يجب ألا نعيش بالأمانى الطيبة فقط ولكن يجب أن نفكر بالعقل والمنطق لنرى إلى أين تذهب مصر.

مصر اليوم أشبه بمركب كبيرة تسير على غير هدى وسط أمواج هادرة ثائرة، والمصريين على المركب قد إنقسموا عدة فرق فهناك أقلية تحاول أن تقوم بخرق قاع السفينة فى أكثر من جهة دون وعي وبدون قصد أو بقصد لا يهم، وهؤلاء يقومون بقطع الطرق وإضرام النار فى المنشآت العامة والخاصة والبناء على الأراضى الزراعية بدون تراخيص وخطف السياح وبعض المجرمون منهم يقومون بخطف الأولاد والبنات وطلب فدية والبعض يقوم بسرقة السيارات أو النهب المسلح والسرقة المسلحة وأشكال من العنف والإجرام لم نشاهدها من قبل فى مصر ، وقلة قليلة أيضا تحاول أن تسدد تلك الخروق التى تقوم بها الفئة الأولي ولكن يبدو أنها منهكة وتقوم بهذا العمل من غير نفس ولا تستطيع أن تستخدم العنف المطلوب خوفا من عقاب الثوار والذين يشكلون الفئة الثالثة والتى تريد أن تزيح كابتن المركب من مكانه قبل الإتفاق على كابتن آخر ولا يستطيعون الصبر مدة شهرين حتى تصل السفينة إلى بر الأمان، وفئة رابعة مشغولة تحاول أن تضع أعلاما مخلتفة على صاري المركب ، وفئة خامسة لا نرى منها إلا زعيقا ونعيقا فى الأبواق ويقولون إلحقوا المركب حتغرق... المركب حتغرق... بدون أن يفعلوا أى شئ لمحاولة مساعدة الفئة التى تحاول أن تسد خروق المركب، كما أن الأغلبية السحقة تسكن فى قاع المركب نائمة وتشخر وكأن الأمر لا يعنيها ولا يعرفون بأن المركب حين تغرق سوف تغرق بالجميع وهؤلاء هم ما يطلق عليهم الأغلبية الصامتة أو حزب الكنبة كما يطلق عليهم مؤخرا وإن كنت أفضل أن يطلق عليهم أسم حزب السرير نظرا لأنهم نوام على السرير معظم الوقت، كما أن هناك فئة أخري قليلة هى التى تسير المركب وتغذى ماكيناته بالوقود المطلوب وتقوم بتغيير الزيوت وتشحيم الماكينات فى هدوء وبدون ضجة أى مثل الفئات عالية الصوت

قإلي أين تسير مركب مصر؟ بمقدار ما كنت متفائلا فى أوائل ثورة 25 يناير بمقدار ما أصبحت متشائما الآن، ولا يوجد خبر يفرح القلب يجئ من مصر الآن، ففي هذا الأسبوع قرأت تقريرا فى جريدة الديلي تليجراف اللندنية بأن مصر على وشك الإفلاس وأن البنك الدولى يتوقع أن على مصر تدبير مبلغ 12 مليار دولار على الأقل حتى تستطيع الوفاء بإلتزامتها الدولية، وأن شروط الإقراض من المؤسسات الدولية سوف تكون شديدة القسوة بحيث سوف تزيد الإضطرابات الداخلية، فهل مصر على وشك السقوط؟ سؤال قد يبدو متشائما ولكن لا بد من طرحه على أوسع مجال حتى نرى كيف نتفادى هذا السقوط، ولكن ماهي دلائل ومؤشرات هذا السقوط؟
أولا: عندما تغلق مئات المصانع ويتشرد عمالها بسبب الإضرابات أو بسبب كساد الأسواق ألا يعنى هذا سقوطا؟
ثانيا: عندما يطفش معظم السياح (أحد الدخول الأساسية لمصر) وتصدر دولا كثيرا تحذيرات لمواطنيها بعدم زيارة مصر خوفا على حياتهم، وعندما يفقد ملايين العمال والموظفين العاملين فى مجال السياحة وظائفهم بدون أى أمل فى توظف قريب ألا يعد هذا سقوطا؟
ثالثا: ومادمنا نتكلم عن السياحة ، فعندما يقرر المشرعون الإسلاميون الجدد ما سوف يلبسه ويشربه السياح ويتدخلون فى حياتهم الشخصية أثناء حضورهم للإستمتاع بالسياحة ويقولون بسذاجة شديدة :أن إللى خلقنا مش حينسانا، وأننا لن نطعم أولادنا من نقود الدعارة، لأنهم لا يفكرون إلا بنصفهم السفلي فقط، ألا يعتبر هذا سقوطا؟
رابعا: عندما نرى مواطنين عاديين يقطعون أهم الطرق فى مصر لتحقيق مطالب خاصة ولكي يلووا أذرع الحكومة وتستجيب الحكومة لهم بدلا من القبض عليهم بتهمة قطع الطرق، ألا يعد هذا سقوطا؟
خامسا: وعندما نري المجرمين يخطفون الناس لطلب فدية ويشجعهم رجال الأمن على التفاوض مع المجرمين على حجم الفدية بدون أى تدخل شرطة، ألا يعد هذا سقوطا؟
سادسا: عندما تسرق سيارتك وتذهب لعمل بلاغ فى قسم الشرطة فيقوم رجال الشرطة بعمل محضر بدون نفس ويقولون لك :quot;خللي الثورة تنفعكمquot; ألا يعد هذا سقوطا؟
سابعا: عندما تسلب أرضك وبيتك ولا تحرك الشرطة ساكنا ألا يعنى هذا سقوطا؟
ثامنا: عندما يتم حرق كنيستك ويقتل أولادك ثم يتم التصالح بين الجانى والضحية وتمر الحوادث بدون عقاب، ألا يعد هذا سقوطا؟
تاسعا: عندما يتصارع رجال يقولون أنهم quot;بتوع ربناquot; على منصب الرئاسة ويستخدمون فى هذا كل أنواع الرشاوى والكذب والتمويل الخارجي بل ويهددون أنهم لو سقطوا فى الإنتخابات فسوف يكون الدم للركب، ألا يعد هذا سقوطا؟
عاشرا: عندما يتم ترشيح الكابتن أبو تريكة للجنة كتابة الدستور ويعتذر، ألا يعد هذا سقوطا؟
حادي عشر: عندما يصبح خمس مساحة مصر (سيناء) لا تسيطر عليها تماما الأجهزة الأمنية، ألا يعد هذا سقوطا؟
ثاني عشر: عندما أحذر إبنتي التى تعيش فى أمريكا من قضاء أجازتها الصيفية فى مصر لخوفي علي سلامتها، ألا يعد هذا سقوطا؟
...
إذن فما هو الحل لتجنب السقوط، إن لم يكن قد تم السقوط بالفعل؟
هذه هى الحلول فى رايى:
أولا: أن يتم عمل الإنتخابات الرئاسية فى موعدها.
ثانيا: أن يتم تأجيل كتابة الدستور لما بعد إنتخابات الرئاسة
ثالثا: أن يكون هناك فترة إنتقالية مدتها سنتين أو ثلاث سنوات يتم خلالها كتابة الدستور عن طريق خبراء دستورين وخبراء قانون، وأرجو إستبعاد الكابتن أبو تريكة (مع كل التقدير والاحترام لتاريخة الكروى)، ولا بأس من تعيين الكابتن شيكابالا!!
رابعا: بعد الفترة الإنتقالية والموافقة على الدستور الجديد يتم عمل إنتخابات جديدة لمجلس الشعب وكذلك إنتخابات رئاسية جديدة
خامسا: تحسين علاقات مصر بالسعودية وقطر والإمارات والصين والبرازيل لأنها الدول الوحيدة فى العالم والتى لديها فوائض نقدية ممكن أن الإستدانة منها
سادسا: تسهيل و تشجيع المصريين للعمل بالخارج والإتفاق مع دول الخليج لأخذ أكبر عدد من المصريين للعمل لديهم، لأن تحويلات المصريين بالخارج هى التى ما زالت تسير المركب المصرية
سابعا: إفهام أعضاء مجلس الشعب بكافة إنتمائتهم بأن قطاع السياحة هو خط أحمر لايمكن المساس به وأن السياح لديهم فرص حول العالم كله بكل المغريات، لذلك لا نري سياحا يذهبون للسعودية أو إيران أو أفغانستان أو باكستان والصومال واليمن والسودان وكوريا الشمالية لأن تلك الدول تتدخل فى حركة السياح وتتدخل فى مأكلهم ومشربهم وأمنهم ولا نريد لمصرأن تصبح مثل تلك الدول، مصر طول عمرها ترحب بالأجانب، إذا بدأنا معاملتهم معاملة الجواسيس ومعاملة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقل على السياحة السلام ومرحبا بخمسة ملايين مصري عاطل سوف يكونون نواة لثورة الجياع
ثامنا: يجب على المجلس العسكرى ووزارة الداخلية أن تبدأ بحزم وبعنف لتطبيق القوانين على قطاع الطرق وخاطفي الناس وحارقي المنشآت العامة والخاصة ومعطلي المصانع ولا مانع من محاكمتهم أمام محاكم عسكرية سريعة لكي يتعظ الآخرون.
....
وكل أملي أن يعمل كل المصريون على أن تصل المركب إلى بر الأمان قبل التنافس على الرئاسة والمناصب، لأنه إذا سقطت مصر فلن يجد الرئيس القادم بلدا يحكمه!!

[email protected]