أثبتت جنازة الراحل البابا شنودة ومظاهرة حازم أبو إسماعيل عندما ذهب مع آلاف من مؤيديه للتقدم لرئاسة مصر بأن مصر بالفعل دولة دينية من الطراز الأول بمسلميها ومسيحيها، لا يوجد أى زعيم فى مصر اليوم (بإفتراض وجود زعماء) يستطيع حشد الآلاف من الناس لعمل أى شئ اللهم إلا كان الكابتن أبوتريكة كابتن وشيخ النادى الأهلي فى نفس الوقت!
مصر بها أكثر من مائة ألف مسجد (على الأقل) وآلاف الكنائس، ويجتمع المصريون مرة على الأقل فى الأسبوع للصلاة فى فى مسجد أو فى كنيسة، وهناك يستمعون إلى خطب وعظات تترواح بين نصيحة الناس بأهمية الصدق والإخلاص فى العمل وإتباع الوصايا العشر إلى أن يتحدث المشايخ والقسس عن أحوال مصر ويبدأون فى التدخل فى السياسة ويؤيدون هذا الإتجاه ويخالفون هذا الإتجاه وعادة يستمع المصريون البسطاء وغير البسطاء إلى هؤلاء المشايخ والقسس سواء أكانوا مؤهلين أم لا على أساس أنهم quot;ناس بتوع ربناquot; وأنا لا أشك فى إخلاص الأغلبية الساحقة من خطباء المساجد أو الكنائس ولكن إعتراضي الأساسي هو أن تستخدم دور العبادة للدعاية السياسية ومهاجمة الخصوم السياسيين، لأن دور العبادة تلك ملك لكل الشعب، وتخيلوا معى لو أن حزب الوفد أو حزب التجمع قد سمح لهم أن يستولوا على مساجد مصر ويبدأون فى نشر أفكارهم الليبرالية والإشتراكية؟؟ حتى الحزب الوطنى بجلالة قدره فى عزه لم يكن له 100 ألف مقر حزبى، لذلك فإن فوز الإسلاميين بالأغلبية الكاسحة فى إنتخابات مصر لم يفاجئنى لأنه لا يوجد حزب فى العالم يملك 100 ألف مقر حزبى فى بلد واحدة، وحتى إذا لم يوزع الإسلاميون نقودا أو زيتل أو سكرل ودقيقل على المواطنين، فإنهم كانوا سيحصلون على الأغلبية، لأنهم متواجدون فى كل شارع وفى كل حارة فى كل قرية فى مصر من أقصاها إلى أقصاها. وحتى إذا فشل الإسلاميون فى إدارة شئون البلاد فلن توجد فى مصر قوة سياسية تستطيع الوقوف أمامهم فى أي إنتخابات لأن المنافسة غير متكافئة، ولا أعتقد أن كل الأحزاب الرسمية مجتمعة بما فيها حزب الوفد يوجد لديهم أكثر من ألف مقر حزبي، فكيف ستنافس ألف مقر حزبى أمام مائة ألف مسجد تستخدم كمنابر سياسية للأحزاب الإسلامية؟
وبما أن الأحزاب الدينية أصبحت حقيقة واقعة سواء شئنا أم أبينا، لذا يجب أن نغير قواعد اللعبة حتى يكون التنافس شريفا، وكما تعرفون وعلى رأى توفيق الدقن: quot;أحلى من الشرف ما فيشquot;!!
أولا: أعادة توزيع مقار الحزب الوطنى والتى كانت مملوكة للحكومة بالتساوي على الأحزاب المسجلة حاليا.
ثانيا: مطالبة كل الأحزاب إسلامية وغير إسلامية أن يكون لها مقار أخرى معروفة يجتمعون فيها ويروجون لأفكارهم.
ثالثا: يتم منع خطباء المساجد وقسس الكنائس من الحديث في السياسة أو الدعاية لحزب بعينه أو مهاجمة حزب آخر. ويتم فصل أى أمام مسجد أو قسيس يخالف هذا.
...
طبعا كل هذا الكلام أصبح أوهاما لأن من يضع الدستور التشريعات والقوانين الجديدة اليوم هم الإسلاميون، وسوف يحرصون أن تكون كل القوانين التى يضعونها مفصلة على مقاسهم، (ونعود إلى مرحلة ترزية القوانين).
وعلى حد قول رئيس مصر المحتمل خيرت الشاطر بعد أن تقدم بأوراق ترشيحه : quot;أن تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر هى هدفه الأول والأخيرquot;!! وطبعا هذا كلام لم أستغربه من الأخوان، وعندما يتم تطبيق الشريعة ستخرس كل الألسنة وسوف يجمع quot;سحرة فرعونquot; كل ثعابينهم قبل أن تلتهمهم عصا موسى (ليس عمرو موسى)، اما الليبراليون الذين يتلقون أوامرهم من quot;الشيطانquot; فلم يبق لهم سوى الولولة والشكوى أو تربية اللحى وزرع الزبيبة تمهيدا للعصر الجديد.
أما بالنسبة للفنانين فسوف يسهل عليهم التحول وسوف نرى قريبا المطرب الملتحي والراقصة المنقبة، وربما نشاهد فيلم: quot;الزبيبة لا تزال فى قورتيquot;!!
وعلى العموم فقد أثبتت الأحداث بعد الثورة بأن:
المسجد أصدق إنباء من الفيس بوك
في حده الحد بين الجد واللعب!!
وها هي قافلة الأسلاميون تسير والليبراليون ما زالوا يتكلمون!!
[email protected]