حسنا فعل المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي عندما أختار توقيت عيد الأضحى المبارك مناسبة للهدنة التي وافق عليها النظام السوري والجيش الحر ورحب بها المجتمع الدولي، فتوقيت الهدنة يحمل رمزية دينية ومسؤولية اخلاقية لوقف مسيرة إراقة الدم السوري. لكن المراقب لا بد ان يرى ان هذه الهدنة تفتقر إلى عناصر النجاح، أولها تتعلق بالطريقة التي تم الإعلان عنها من قبل الإبراهيمي على شكل طلب إلتزام فردي ووازع إخلاقي من قبل الأطراف المتصارعة للإعلان عن الهدنة.
وثانيها: غياب الثقة الكاملة بين الأطراف المتصارعة، وهو ما يفتح المجال واسعا أمام خرق الهدنة خاصة وان العديد من الجماعات المسلحة ولاسيما جبهة النصرة أعلنت رفضها المسبق للهدنة.
ثالثا: وعلى خلفية غياب الثقة، وكذلك عدم وجود ضمانات أو أطراف دولية تشرف على تطبيق الهدنة أعلن كل من النظام والجيش الحر في بيان اعلان الهدنة الاحتفاظ بحق الرد عند أي خرق، وهو ما حصل عمليا بعد ساعات من دخول الهدنة حيز التنفيذ.
دون شك، طرح الهدنة بهذا الشكل وفي ظل هذه الحساسيات والظروف وغياب الثقة، جعل منها هدنة هشة مسبقا ومحفوفة بالمخاطر بدلا من تكون مدخلا لعملية تؤسس للحل السياسي. وعليه، هل استعجل الإبراهيمي في طرح الهدنة؟ في الواقع، ربما أراد الرجل وبعد ثلاثة أشهر من تسليم مهمته القول إنه حقق خرقا ما، وان المطلوب من كافة الأطراف هو الانخراط في حل سياسي طالما ان المعطيات المحلية والدولية تشير إلى ان الحل العسكري غير قادر على حسم الأمور. المشكلة الأساسية التي تواجهها الهدنة، هي ان النظام لا يرى في الجماعات المناهضة له بما في ذلك الجيش الحر الذي وافق على الهدنة على أنها طرف في الحل بقدر ما هي جماعات إرهابية وعصابات مسلحة وان المطلوب منها هو العودة إلى حضن النظام، في المقابل فان الجماعات المسلحة ليست في أجندتها اي حوار مع النظام، فجل هدفها هو إسقاطه وبأي ثمن كان، ولعل ما يعمق من الشرخ في هذا المجال هو الإنقسام الإقليمي والدولي الحاصلين، وعليه فان الهدنة تبدو نوع من الاختبار، نوع من الامتحان، نوع من الاستكشاف، وهي بالنسبة للنظام والجماعات المناهضة له أقرب إلى الرسائل الإعلامية والسياسية والإخلاقية في القبول بالهدنة، في حين حتى تكون الهدنة مدخلا للحل ينبغي ان تكون لها عناصر واضحة وآليات محددة، بمعنى أخر ان تكون تفصيلية على شكل خطة عمل تقبل بها الأطراف نحو إقامة حامل سياسي لها ، حامل سياسي سوري ndash; سوري يؤسس للحوار والثقة على أساس القضايا التي ينبغي ان يتم الاتفاق عليها بشأن الحل لا ان تكون مجرد هدنة لالتقاط الأنفاس وتوجيه الرسائل، لأن من شأن ذلك إدخال الأزمة في مرحلة أشد تعقيدا ودموية قد تكون بمثابة نهاية عملية لمهمة الإبراهيمي ـ
- آخر تحديث :
التعليقات