جرائم الاحتلال الإسرائيلي البشعة التي ظلت متواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لمدة ثمانية أيام، لا يستطيع ضمير إنساني أن يسكت عليها سوى ضمير القادة الإسرايئليين إن وجد، لأنّهم فقدوا هذا الضمير منذ خمسة وستين عاما، عندما أقاموا وطنا لشعب تمّ تجميعه بالإغراءات المادية والوعود الدينية على أنقاض وطن شعب مستقر فيه من ألاف السنين. ورغم هذا الاغتصاب لوطن تاريخي وتشريد غالبية شعبه إلى عشرات المهاجر والمنافي، إلاّ أنّ هذا الشعب اللاجىء المشرّد أثبت امتلاكه حاسة إنسانية من المستحيل أن توجد يوما ما لدى القادة الصهاينة خاصة من اليمين المتطرف، بدليل أنّ هذا الشعب الفلسطيني قدّم منذ عام 1988 من التنازلات من أجل سلام عادل ما لا يتخيله أي تصور!!!. فقد قبل هذا الشعب في المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في ذلك العام قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 أي ما لا يزيد عن 22% من مجموع مساحة فلسطين المسروقة والمحتلة. لكنّ هولاء القادة الصهاينة يرفضون ذلك ولم يكتفوا بسرقة وطن بالكامل، لكنّهم يسعون لاعتبار دولة الاحتلال هذه على أنّها (الدولة العبرية) كخطوة عملية لمصادرة حق العودة المصادر أساسا من اللاجئين الفلسطينيين رغم قرارات الأمم المتحدة، وكذلك تمهيدا لطرد ما يزيد على مليون وربع فلسطيني بقوا في وطنهم المحتل لأنّه عندئذ لا مكان لهم في (دولة عبرية). هذا رغم أنّه حسب المصادر الإسرائيلية فأنّ ما لا يقل عن ثلاثمائة ألف شخص ممن تمّ جلبهم من دول الاتحاد السوفييتي بعد تفككه عام 1991 على أنّهم يهود، ثبت انّهم مسيحيون أبا عن جد هربوا من الفقر والحاجة، ومؤسسات التهجير الإسرائيلية تعرف ذلك، لكنها فقط تريد زيادة عدد دولة الاحتلال بأي شكل ومن أية مصادر بشرية غير عربية، وهذا ما تكرّر مع من أطلقوا عليهم (يهود الفلاشا) الذين تمّ جلبهم من أثيوبيا، وبعد وصولهم دولة الإحتلال مورست ضدهم تفرقة عنصرية بذيئة أجبرتهم على التظاهر المستمر، نادمين على مجيئهم من وطنهم الأم الحبشة حيث ولدوا ولا علاقة لأغلبهم بالديانة اليهودية سوى بعض العادات والتقاليد التي جعلت كهنة دولة الاحتلال يعتبرونهم يهودا، فقط لزيادة عدد، السكان المهم أن لا يكونوا عربا سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين.
مصائب قوم عند قوم فوائد
ورغم تفوق الآلة العسكرية الصهيونية مما يجعل (موازين القوى) مائلة لصالحها بنسبة عالية، إلا أنّ صمود الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة جعل (موازين الرعب) مائلة لصالح الشعب الفلسطيني، حيث أجبرت قوى المقاومة بإمكانياتها المحدودة ملايين من الإسرائيليين على الهروب إلى الملاجىء، حيث تفاجأوا بوصول صواريخ المقاومة على ضعفها وبدائيتها قياسا بصواريخ وطائرات الاحتلال إلى القدس وتل أبيب. وهذا درس خطير لشعب دولة الاحتلال مفاده أنّه رغم التفوق العسكري لدولتكم المجرمة، فلا أمل في راحة أو عيش رغيد طالما حقوق الشعب الفلسطيني مصادرة رغم كل تنازلاته. ورغم مصائب الشعب الفلسطيني وعدد الشهداء والجرحى والتدمير الهمجي للعديد من المؤسسات والمباني الحكومية والمنازل العائلية، إلا أنّ هناك عرب مستفيدون من هذه الحرب الإسرائيلية الإجرامية. من هم العرب المستفيدون من هذه الجرائم؟
نظام وحش سوريا هو أول المستفيدين!!!
إنّ مقارنة جرائم الوحش الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بجرائم الوحش البعثي الأسدي بحق الشعب السوري، تجعل الوحشان في مرتبة واحدة ونوعية جرائمهما تكاد تثبت أنّهما درسا وتخرجا من نفس المدرسة الإجرامية بدرجة امتياز مع مرتبة الخزي والعار. إنّ وحش سوريا هو المستفيد الوحيد من العرب العاربة والمستعربة من جرائم الوحش الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وذلك لأسباب عدّة أهمها:
أولا: انشغال العالم بملف جرائم الوحش الإسرائيلي وكيفية الوصول إلى تهدئة بين الضحية والقاتل، وبالتالي فلا أحد يتابع جرائم وحش سوريا بحق الشعب السوري، لأنّ غالبية العالم يهمّه أمن دولة الاحتلال، فهذا الأمن له الأولوية على أمن الشعب السوري، لذلك ما عدنا نسمع منذ بداية الجرائم الإسرائيلية أية ادانات لجرائم وحش سوريا، أوأية تحركات لوقفها أو دعم الثوار السوريين الذين اتسعت قاعدة قوى ثورتهم بعد تشكيل الإئتلاف الجديد بقيادة الدكتور أحمد الخطيب.
ثانيا:فرح وحش سوريا من جرائم الوحش الإسرائيلي في قطاع غزة، لأن الوحش السوري لا يعتبرها جرائم موجهة ومرتكبة بحق الشعب الفلسطيني بل بحق حركة حماس التي تحكم القطاع منفردة وتمردت على جرائمة وخرجت قيادتها من سوريا تضامنا مع الثورة السورية. لذلك ليس غريبا أنه في نفس الوقت، قامت عصابات وحش سوريا بمداهمة بيوت قادة حماس في دمشق ومصادرة كافة محتوياتها، وتصعيد عصابات العميل أحمد جبريل عملياتها ضد فلسطينيي مخيم اليرموك، حيث تجاوز عدد القتلى المئات بالإضافة إلى أعداد هائلة من المعتقلين والمفقودين. وقد بدأ نظام وحش الممانع لديمقراطية الشعب السوري والمقاوم لحريته وكرامته وإعادة ثروته المنهوبة بالمليارات، يفصح علانية عن عدائه أيضا مع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، إذ أعلنت وزارة التربية والتعليم السورية في التاسع من نوفمبر 2012 استثناء الفلسطينيين من التعيين في الوظائف العامة لديها ، وهذا بداية الإفصاح عن قرارات أخرى لاستثناءات وحرمانات عديدية للاجئين االفلسطينيين، علما أنّ الشبكة الدولية للحقوق والتنمية أكّدت وقوع 1112 ضحية من المخيمات الفلسطينية، وأكثر من 22450 معتقلا وألاف الجرحى، وأكثر من 2540 مفقودا ونحو 11745 فرّوا خارج سوريا.
وهكذا يستمر وحش سوريا في ممارسة جرائمه ضد الشعب السوري التي لا تختلف في النوع والحجم وآلة القتل عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وهذا يفسّر التماثل والتشابه بين المجرمين الإسرائيلي ووحش سوريا،وحرص هذا الوحش على التهدئة وحفظ أمن وهدوء الحدود مع شقيقه الإسرائيلي. الفرق الوحيد هو أنّ المجرم الإسرائيلي خاف على شعبه من صواريخ حماس وفصائل المقاومة رغم فارق القوة العسكرية فقبل بوقف اجتياحه وقصفه الوحشي بينما مجرم سوريا مستمر منذ مارس 2011 في قصف الشعب السوري بكل ما يملك من قوة وسلاح، دفاعا عن ماذا؟ إنّه يدافع عن استمرار سيطرة عائلته وأخواله وعصاباته على مقدرات الشعب السوري خاصة الاقتصادية والمالية، التي حوّلتهم من فقراء تعساء كغالبية الشعب السوري إلى أصحاب إمبراطورية إقتصادية ضخمة على حساب نهب وسرقة ثروة غالبية الشعب السوري. وبالتالي فعلا (إنّ مصائب قوم عند قوم فوائد) وأيضا (عدو عاقل خير من صديق جاهل).
[email protected]
التعليقات