بدأت المعركة الحقيقية للتطهير والإطاحة برؤوس الفساد الآن في مصر. قرارات مرسي الأخيرة بإحالة النائب العام إلى التقاعد وتعين نائب جديد، ومن ثم إعادة التحقيقات في دماء الشهداء التي سالت وخرج منها جميع المتهمين براءة بأمر القضاء المصري،تضع مصر ما بعد الثورة والآن علي بداية الطريق الصحيح والفعال.. بعد مسيرة طويلة سوداء غلب فيها الظلم واختفت منها العدالة وصال وجال الفساد حتي أنهك المصريين، بل وكاد أن يطيح بمرسي نفسه قبل شهور قليلة. نعم الرئيس مرسي تأخر وتردد كثيرا في اتخاذ قرارات ثورية للإطاحة برموز النظام السابق، ورد الاعتبار للثورة وللشهداء، وهذا بالضبط ما دفع أجنحة الفلول إلى التصعيد ضده،والسخرية منه، بل قاموا بتسخير برامجهم الفضائية، وكل إمكانياتهم المادية، من أجل بلبلة الرأي العام وخلط الأوراق،وبالفعل نجحوا في تشتيت الأفكار وتميع الرؤى،حتي أننا لم نعد نميز بين المرشد العام للإخوان ولا بين الرئيس المصري المنتخب. هكذا استمر التطاول، وتأججت المعارك،وكانت القسوة بالغة تجاه كل ما يفعله مرسي، أي تجاه الفعل وعكس الفعل، فعندما عزل النائب العام الذي لا يلقي ترحيب ولا قبول من المصريين، هاجت كل القوي المعارضة التي يطلق عليه القوي السياسية أوفي تسمية أخري النخبة السياسية واتهمته بانه يتعدى علي السلطة القضائية بالرغم من كل الشكوك القوية التي أشارات إلى أن هناك عدد من القضاة ليسوا بعيدين عن موقع الشبهات، لكن رئيس نادي القضاة المستشار احمد الزند كان صريحا وقويا في تنزيه القضاة عن أي شبهات وكان يقول إن القضاة يطهرون انفسهم بأنفسهم، عندئذ تراجع الرئيس عن قراره بإقالة النائب العام فعادت نفس القوي لتتهمه من جديد بالضعف وبأنه هو نفسه مبارك ولا أي تغير قد حدث بعد الثورة. إذن تحرك الرئيس مرسي مفعلاً لصلاحياته في هذا الوقت الحرج من مسيرة الثورة المصرية. وإطاحته بالنائب العام هي تصب في مصلحة الثورة بل هي نقلة نوعية وزخم جديد يشد من عضدد الثورة التي كانت تعيش في غرفة الإنعاش. شكوك كثيرة تحيط بأفعال القوي السياسية المصرية،فالواجب كان يلزمها أن تقف وراء مرسي لتدعيمه والاعتراف به رئيسا وتزليل العقبات من أمامه، الم يروا كيف سارت الانتخابات الفرنسية وبعدها الأمريكية، لكن للأسف المعارضة المصرية لم تستوعب الدرس و ظلت تسلك طريق المعارضة لكل شئ وأى شئ ولم تقدم بديل، أي بديل،وحجتها دائما أن مصر في ظل حكم مرسي ستعود إلى الوراء مع أن الحقيقة الراسخة إن مصر قبل مرسي كانت تعيش بالفعل في العصور الوسطي، الم تكشف حادثة قطار الصعيد الأخيرة علي أن مصر لم تعرف بعد أن هناك اختراع يمكن في حالة مرور قطار أن يغلق quot;المزلقان quot;لتجنب مرور الناس وتعرضهم للموت.
لكن ماذا عن تهديدات الأحزاب المصرية الشكلية ورموز المعارضة المتصدرين المشهد الآن؟ بكل تأكيد ليست لها أي ثقل شعبي، وهي منفصلة تماما عن القاعدة الجماهيرية،أما كفاحها الحنجوري خلف الميكروفونات في فنادق الخمس نجوم فلن ينطلي علي ذكاء الشعب المصري، معروف عنهم انهم يفتقدون الروح الثورية ولا عمل لهم إلا السهر في الفضائيات في الليل والنوم في النهار.
لم تستطيع هذه القوي السياسية أن تتضامن أثناء الانتخابات الرئاسية المصرية وتتحد من أجل اختيار مرشح واحد ينوب عنها، كل مرشح منهم كان يطمع في الحكم أبو الفتوح وحمدين صباحي وعمر موسي، إذن كيف تجمعوا ليتفقوا الآن؟ وكيف يثق فيهم الشعب؟ بعد أن انكشفوا أمامه وهم يبحثون عن مصلحتهم وليس مصلحة الشعب!
بهذا المشهد الجديد بدأ التفاؤل يدب ولو قليلاً في نفوس الثوار، وها هي الاعتبارات قد عادت للشهداء بصرف معاشات لهم تليق بالتضحية الكبيرة التي بذلوها ليس فقط في إزاحة مبارك بل في تنصيب مرسي نفسه رئيسا لمصر.
يجب أيضا في نفس السياق الإشادة بما حققته المؤسسة الرئاسية في مصر من حقن دماء الفلسطينيين بقليل فقط من الوقت، فقد أظهرت للعالم سياسية مغايرة تماما عن سياسة مبارك التي كانت تنحاز إلى كل ما هو ضد الفلسطينيين بل وضد أبناء الشعب المصري انفسهم.
- آخر تحديث :
التعليقات