يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال صفحتنا على فيسبوك
إضغط هنا للإشتراك
ماذا لو قامت إسرائيل بهجمة برية کبيرة جدا على غزة؟ ماذا لو نجحت في إغتيال معظم قادة حماس و استولت او دمرت ترسانتها الصاروخية؟ هل ستنتهي المشکلة بالنسبة للإسرائيليين؟ قطعا أن المشکلة من الممکن أن تحل جزئيا و بصورة مؤقتة، لکنها ستعود من جديد وهذه المرة قد تکون بصورة أخرى، صورة قد يحتاج الاسرائيليون الکثير من الوقت و الکثير من الضحايا و القرابين حتى يفکوا شيئا من رموزها.
عندما ذهب الزعيم الفلسطيني الراحل الى الامم المتحدة و هو يحمل غصن زيتون و يدشن لمرحلة جديدة يکون الحوار و طاولة المفاوضات بديلا عن البندقية و الدم، لايبدو أن المجتمع الدولي بصورة عامة، و اسرائيل بصورة خاصة، فهمت و استوعبت مضمون رسالة عرفات، وانما فسروها أيضا تفسيرا خاطئا و حتى خطيرا.
السلام الذي قصده ياسر عرفات، کان سلاما واقعيا و حقيقيا، سلاما يبنى على الارض و تمتد جذوره الى داخل قلوب و أرواح و نفوس الفلسطينيين و الاسرائيليين، وليس سلاما يوقع على الاوراق فقط و يصفق له داخل القاعات و الاروقة المغلقة و يکون شأنا خاصا بالساسة لوحدهم دون أصحاب الشأن الحقيقيين من الشعبين الفلسطيني و الاسرائيلي، کما هو الحال الان.
حرکة حماس و جهاد و أي تنظيم او إتجاه فلسطيني متطرف، يمکن إعتباره إمتداد و إستمرار لسلام ناقص کسيح و مشوه کالسلام الحالي الذي أصرت اسرائيل من دون غيرها على إبقائه عاجزا و ذليلا و حائرا خلف الابواب المغلقة، وقطعا فإن مضي اسرائيل قدما في تعاملها الماکر و الخبيث مع عملية السلام و إعتمادها على منطق طاولة المفاوضات التي لاجذور او اساس لها في الواقع، ولاتمتلك عمقا او إمتدادا داخل الاوساط الشعبية، فإنها تبني قصورا في الهواء، وتحفر في نفس الوقت و بإياديها الکثير من القبور المفتوحة الجاهزة التي تنتظر جثثا اسرائيلية.
الرهان على القوة، هو المبدأ الذي تفضل اسرائيل التعاطي و التعامل به مع خصومها، وهي بذلك تراهن على إبقاء جذوة الکراهية و الاحقاد و الضغائن قائمة بين شعوب المنطقة العربية المسلمة من جانب، والشعب الاسرائيلي من جانب آخر، رهان اسرائيل الخاسر هذا قضى على نظام الشاه و جاء بحزب العدالة و التنمية في ترکيا، مثلما أنتج أيضا الحرکات و الاتجاهات المتطرفة داخل الجسد الفلسطيني، ولايزال للموضوع صلة، ومخطئة تکون اسرائيل ان ظنت ان المناخ الدولي الحالي هو أفضل من مناخ العقود الماضية، فکلما تقدم الزمان تعقدت المشکلة أکثر و صار حلها أبعد، ودائما فإن البادئ هو الاظلم، وان اسرائيل وهي في قمة تفوقها و في ذروة إحساسها و نشوتها بالنصر فإنها وفي تلك اللحظة بالذات أکثر خوفا و رعبا من القادم من الايام و تعلم علم اليقين بأن الطرف الاخر الذي يبدو خاسرا في ظاهره لايأبه لخسارته و يصر على الاستمرار في لعبة طاحونة الموت و الفناء و في هذا الخضم هناك فاتورة طويلة عريضة على کل الذي يقترف من جرائم و إنتهاکات بحق أناس أبرياء جالسون في بيوتهم و تحصدهم أمطار الموت الاسرائيلية، هذه الفاتورة ستدفع حتما ذات يوم واسرائيل لوحدها فقط ستدفعها مهما طال الزمن.
التعليقات