يقول المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر في كتابه (المشرق العربي المعاصر: من البداوة إلى الدولة الحديثة) ص 265:

إن قيام إمارة شرقي الأردن، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمخططات البريطانية ndash; الصهيونية في المشرق العربي، وإحاطة الوطن القومي اليهودي بسلسلة من الدويلات الطائفية والبدوية، التي يسهل على إسرائيل القضاء عليها، والتوسع على حسابها، كما استولت على الضفة الغربية عام 1967.

الأردن محطة انطلاق

لم تكن البقعة الجغرافية التي يمثلها الأردن اليوم، إلا ممراً للذهاب إلى مكان آخر. ليس للأردن دولة لها جذور في التاريخ يعاد إليها. وكان مؤسس الدولة الأردنية طارئاً على البلاد، ويحكمها بموافقة بريطانية. وكان المؤسس يعتقد أن عمان محطة إلى مملكة واسعة، وهي مملكة quot;بلاد الشامquot; (سوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن). لكن المحطة تحولت إلى دولة مستمرة.

ويقول الباحث والمؤرخ الأردني هاني حوارني في كتابه (تاريخ الحياة النيابية الأردنية 1929-1957) ص 28، 32:

من المعروف أن الأردن منذ عام 1929 ndash; 1947 ، شهد قيام خمس مجالس تشريعية، حيث استخدمت هذه المجالس كغطاء لتمرير مشاريع وحدوية ndash; كما قال كامل محمود خلة في كتابه (التطور السياسي للمملكة الأردنية الهاشمية)، ص 154، 155- تخدم مصالح الأوساط الحاكمة، مما تسبب في توتير العلاقات مع الأقطار والشعوب العربية المجاورة (فلسطين، سوريا، ولبنان). ومن هذه المشاريع مشروع 13/5/1938 القاضي بتوحيد الأردن وفلسطين، تحت الانتداب البريطاني، ومشروع quot;سوريا الكبرىquot;، الذي أثار طرحه في آذار 1943، قلق ومعارضة الشعبين السوري، واللبناني.

دعوة وحدة quot;سوريا الكبرىquot;

أما المؤرخ يوسف خوري، فيقول في بحثه (المشاريع الوحدوية العربية 1913-1989) ص 106:

كان المؤسس عبد الله بن الحسين الأول، يدعو إلى وحدة quot;سوريا الطبيعيةquot; أو quot;سوريا الكبرىquot;. ففي 1941 ، صدر قرار مجلس الوزراء الأردني رقم 337 ، لتحقيق الوحدة السورية، واعتبار الأردن جزءاً من quot;سوريا الكبرىquot; كما اقترحت بريطانيا وفرنسا، ورغب الهاشميون في ذلك الوقت، وسعوا إلى تحقيق هذا الهدف، لتوسيع دائرة مُلكهم، لتشمل سوريا، والأردن، وفلسطين. وقال القرار المذكور حرفياً :

quot;إن البلاد السورية بحكم وضعها الجغرافي، ومواردها الطبيعية لا تتحمل ndash; وعلى الأخص من الناحية الاقتصادية ndash; أن تعيش إلا كياناً واحداً تتساند أجزاؤه معاً. ولقد دلَّت الحوادث السابقة، على أن أي حاجز يفصل بين هذه الأجزاء، من شأنه أن يسبب قلقاً واضطراباً في الحياة السياسية، ويؤثر في الناحية الاقتصادية تأثيراً سيئاً، يساعد على بث الدسائس من جانب الدول المعادية.quot;

طُرفة quot;المملكة العربية المتحدةquot; !

وفي عام 1972 ، كانت عين الهاشميين ndash; كما هي دائماً - على فلسطين، فطالبوا بضمها إلى الأردن ndash; كوطن بديل غير معلن للفلسطينيينndash; تحت مسمى quot;المملكة العربية المتحدةquot;. وبناؤها الطريف الأقرب الى النكتة، يتم على الشكل التالي:

1-يصبح الأردن بضم مع ما تبقى من فلسطين بعد 1967 quot;المملكة العربية المتحدةquot;!

2- رئيس الدولة هو الملك الهاشمي الحالي (وهذا مفروغ منه، وبدون ذلك لا وحدة مع أي قطر عربي!)

3-هناك جيش واحد قائده الملك. (وهذا مفروغ منه، وبدون ذلك لا وحدة مع أي قطر عربي!)

4-المرحلة الجديدة، ستكفل إعادة تنظيم البيت الأردني ndash; الفلسطيني، على الصورة التي تحقق له المزيد من القوة الذاتية، والقدرة على العمل لبلوغ طموحاته وأمانيه ، كما قال خطاب الملك حسين للشعب الأردني بهذا الخصوص، في 16/2/1972.

5-يقدم الهاشميون الأردن دائماً - ليس كما قال الملك عبد الله الثاني (الأردن للأردنيين) - للعرب جميعاً. وكما قال الملك حسين في خطابة المذكور للشعب الأردني، فإن الأردن من العرب وللعرب أجمعين.

ولكن هذا المشروع فشل، ولم تتم إقامة طُرفة quot;المملكة العربية المتحدةquot;. وكانت النخب الفلسطينية، تنظر إلى حال الشعب الأردني البائس المنهوب، ولا تريد أن تكون تحت السلطة الفاسدة نفسها.

لا وحدة بغير الهاشميين

ولنعلم جيداً، أن الهاشميين، يرفضون الوحدة رفضاً تاماً، ويقاوموها كما قاموا quot;وحدة مصر وسورياquot; عام 1958، ووحدة quot;جنوب اليمن وشمالهquot; عام 1990، وحاربوا الى جانب الإمام المخلوع آنذاك، إلا إذا كانت تحت قيادتهم ومُلكهم. فالمُلك والتمليك هو الأساس، وهو الشرط الأول والأخير، للوحدة التي ينادون بها، ويحلمون بتحقيقها دائماً.

فهل يمكن للثورة السورية الحالية، أن تحقق وحدة quot;بلاد الشامquot; السياسية، كما كانت قبل 1918؟

وهل الثورة السورية الحالية، سوف تمتد الى الأردن، ولبنان، وفلسطين، فيما بعد، خاصة وأنها بدأت في الأردن منذ بداية هذا العام 2012، تحقيقاً لحلم الملك عبد الله الأول، في إقامة quot;سوريا الكبرىquot;؟

إن النظام البوليسي الهاشمي، لا يختلف عن النظام البوليسي الأسدي الحالي، وربما كان النظام البوليسي الهاشمي أشد وأفتك عند الحاجة، وكما كان في 1957، و 1989، فهل لا مخرج للأردن الى النور إلا حسم الجيش، حتى لا تتكرر المأساة السورية الحالية، وعندها سينال الجيش من quot;المكارم الشعبيةquot; أكثر بكثير مما نال وسينال من quot;المكارم الملكيةquot; التي نادى الأحرار في الأمس بإلغائها ؟!

السلام عليكم.