من متابعة و تحليل نهج التصريحات الكلامية التي بات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي يغرد بها من خلال المناسبات التي يختارها و الأجواء التي يحيط نفسه بها، تتكرر و تستنسخ من جديد أساليب بناء الزعامة الإستبدادية الدكتاتورية بمفاهيمها المتخلفة و المغلقة وبأطرها السوداوية العجفاء، فضمن الأحاديث التي أدلى بها المالكي أمام الوفد الإعلامي الكويتي الذي زار العراق مؤخرا وكانت زيارته بروتوكولية محضة إعتمدت اللقاء بالقيادات العراقية ولم تتواصل مع القطاعات الإعلامية العراقية، أدلى رئيس الحكومة البغدادية الخضراء ثمة أقوال غريبة يستنتج منها المتابع و المحلل الموضوعي إستكشاف طبيعة العقلية السلطوية لزعيم حزب الدعوة / المقر العام، وهي عقلية لم تخرج بطبيعة الحال عن الأطر الفكرية السائدة في الشرق القديم من إنتهاج للفردية و من إعتبار الزعيم الحزبي مركز الكون و الأب القائد والذي يفكر نيابة عن الجميع بل و يستشرف المستقبل بفيوض غيبية لا تتوفر لدى الناس العاديين !، المهم إن الرفيق نوري دام ظله و أستطالت بركاته و إفاضاته أكد في حديثه بأن أجواء التوتر الأخيرة بين حكومة بغداد وحكومة كردستان قد أدت كما قال لهرب رؤوس الأموال الإستثمارية من كردستان و بأن الإستثمار هناك قد تناقص بنسبة 70% !! و بأن أحدا لايريد أن يغامر في منطقة يتصارع عليها الإيرانيون و الأتراك إضافة لحكومة بغداد!! ومن تتبع ثنايا القول وخلفياته الموضوعية وظلاله المختفية يمكن القول بأن رئيس حكومة الخضراء تقلقه كثيرا بل تقض مضاجعه بشكل مؤلم عملية التنمية والتطور الإستثماري الناجحة في كردستان والذي جعلته يشكل حالة تطورية واضحة في العراق يشار لها بالبنان وحيث تحولت كردستان لمنطقة جذب للشركات الغربية و الشرقية ولورشة عمل ناجحة حتى أن عاصمة كردستان الجنوبية وهي ( أربيل ) قد رشحت لتكون عاصمة للسياحة ( العربية ) عام 2013!! لاحظوا ( السياحة العربية )!!! مما يعني أشياء كثيرة و مثيرة و مقلقة لنفسيات البعض من الفاشلين، مع ملاحظة بأن عاصمة العراق ودرة الشرق القديم وزهرة الحضارة الإسلامية بغداد المنصور قد تراجع وهجها وكادت تندثر سمعتها بسبب أحوال الخراب الشامل التي تعيشها في بلد تجاوزت ميزانيته المائة مليار دولار وفي ظل فشل إداري وقيادي مقيم و مستمر لا سبيل للخروج منه !! والمالكي في ( فرحته ) المغلفة بالحرص الأبوي المزيف لتعثر التنمية في كردستان بسبب التهديدات الحربية القائمة بين المركز و الإقليم إنما يذكرني و يعيد ذاكرتي النشطة تحديدا لعام 1990 وبعد قيام الرئيس السابق صدام حسين بغزو وإحتلال دولة الكويت وقيام جحافل المحتلين وقتذاك بنهب العاصمة الكويتية الجميلة وتدمير معالمها و تحويلها لأرض خراب ينعق بوم التخلف في أرجائها، فقد تم سؤال صدام حسين عن السبب في تخريب الكويت بالشكل الذي تم فأجاب صدام إجابة غريبة تفضح عن مكنونات نفسيته الحاقدة وتبرمه من جمال العاصمة الكويتية مقارنة بالمدن العراقية بما فيها بغداد التي أصابت حروب صدام الكثير من معالمها وحياتها و طبيعتها، وحيث كانت إجابة الرئيس الذي كان ( بأنه لايجوز أن تكون مدينة أو محافظة عراقية اجمل من العاصمة بغداد )!!!! فتأملوا حالة الغباء التاريخية والغير مسبوقة ! فبدلا من التفكير بإرتقاء و تطوير بغداد لتصبح أجمل من مدن و عواصم الجوار فإذا به يشرع في تخريب و تقبيح الجميل من أجل الوصول لحالة الخراب بدل التعمير و الإرتقاء!!! و أعتقد أن الروابط الفكرية بين عقليتي صدام البائد ونوري السائد أضحت أكثر من واضحة، فنوري يتمنى خراب التنمية في كردستان لكي لا تفضح سوءة نظامه وإدارته أمام الفروق الميدانية الهائلة في التطور بين حكومتي بغداد وكردستان وهي رؤية بات العراقيون الأحرار يقارنون خلالها بين الوضعين، كما أن المالكي لايرتاح كثيرا للإنجازات الإدارية الكردية التي أثبتت نجاحها التنموي الهائل في وقت باتت عاصمة العراق تغرق فيه بالأوحال و الأمطار و تعيش شوارعها أرقى عصور الأهمال و التردي و تتحول تدريجيا لمدينة أشباح لا بل أن التصنيفات الدولية قد جعلت بغداد تتربع على عرش أسوأ المدن في العالم معيشة!!! وهو إنجاز كبير يحفظ و يؤرشف لحكومة دولة القانون ( دام ظلها الوارف )!!.. في معالجة المسألتين الكويتية و الكردية ملامح تشابه كبير!!، فالديكتاتورية في العراق أفواه.. و أرانب.. وعقليات حاكمة.. و مآسي مستقبلية كامنة...!. فماهو رأيكم.. دام ظلكم ؟.

[email protected]