الناخب في كافة دول العالم يعطي صوته وينتخب الشخص الذي عند وصوله لقبة البرلمان، سيكون ممثلا ومدافعا وراعيا لمصالح ناخبيه في دائرتة الانتخابية وعموم الوطن. لذلك غالبا ما يكون نجاح النائب نتيجة ثقة الناخبين فيه عبر مسيرته الحياتية في دائرته الانتخابية، وبالتالي يعمل جهده طوال الفترة البرلمانية لتعزيز هذه الثقة ونيل المزيد من الاحترام والمصداقية لدى هؤلاء الناخبين، فتكون كافة جهوده موجهة للدفاع عن مصالح الناخبين والوطن عموما، متناسيا المصلحة الشخصية والدوافع الذاتية.

خيبة الناخب الأردني في نوابه
هذه القاعدة شبه العالمبة لدى كافة الشعوب وبرلمانتهم الديمقراطية، حاد عنها وتناساها النواب الأردنيون في دورة البرلمان الأردني الحالية، من خلال صراعهم وقتالهم المستميت قبل أسابيع قليلة لتمرير قانون خاص بامتيازات شخصية لحضراتهم، عندما صوتّوا باغلبية فائقة لتمرير مشروع قانون خاص بمنحهم جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة، أي من هذه الدورة البرلمانية حتى اللحد. ولم يحظّ أي مشروع قانون اقترحوه سابقا بهذا التأييد وهذه الأغلبية، وهم بهذا يدللون أو يعطون ناخبهم الأردني عدة أسباب لخيبته فيهم وسحب الثقة منهم:
1 . لأنّ هذا الجواز الدبلوماسي لا علاقة له بمصالح الناخب الأردني الذي غالبا لا يستطيع دخول غالبية بلدان العالم بدون تأشيرة دخول مسبقة، وبالتالي فهذا النائب عبر مشروع هذا القرار يدلل بوضوح أنّه شخص أناني نرجسي بشكل منفّر لا يراعي أية مبادىء أخلاقية أو مشاعر إنسانية لمن أعطاه الثقة وانتخبه وأوصله لقبة البرلمان، لأنّه لا يتميز مطلقا عن المواطن الأردني العادي كي يتمتع بهذا الجواز الدبلوماسي مدى الحياة. وفعلا من حق المواطن الأردني أن يصيح عاليا في وجهه: من أنت أيها الأناني كي تطالب بهذا الجواز مدى الحياة؟ وبماذا تتميز عني خاصة أنّ صوتي من أوصلك للبرلمان؟
2 . أمر مفهوم وطبيعي أن تمنح الدولة النائب جوازا دبلوماسيا طوال فترة دورته البرلمانية أما مدى الحياة فلم يفكر فيها أو يحصل عليها أي نائب في أعرق الديمقراطيات العالمية. هذا بالإضافة إلى أنّ هذا القانون لو تمّ تمريره ليصبح ساري المفعول سيقلل من قيمة الجواز الدبلوماسي الأردني الذي عندئذ سيحمله كل سنة أو سنتين حوالي 120 مواطنا أردنيا بالإضافة للعاملين الأردنيين في الحقل الدبلوماسي فعلا، مما سيجعل عدد الجوازات الدبلوماسية الأردنية أكثر من الهم على قلب المواطن الأردني، وبالتالي ليس بعيدا أن تعيد بعض الدول النظر في أساليب التعامل مع حملة الجواز الدبلوماسي الأردني عندما تعرف أنّه قد تمّ منحه لكل من هبّ ودبّ تحت قبة الربلمان ربما أحيانا لدورة لم تتعدّ عدة شهور أو سنة وعدة شهور عندما نتذكر عمر أي برلمان أردني، فهذا البرلمان الحالي هو صاحب الرقم 16 منذ عودة الحياة البرلمانية والتعددية السياسية عام 1989.
3 . الملاحظ أنّ هذه الخطوة النرجسية المصلحية ذات الطابع الشخصي يستقتل النواب الحاليون لتمريرها قبل فضّ دورتهم النيابية الحالية، مما يعني أنهم باحثون عن مصلحة شخصية وليس مصلحة الوطن والمواطن، خاصة أنّها ترافقت مع التفكير في طرح مشروع قانون آخر وهو منحهم رواتب تقاعدية مدى الحياة حتى لوكانت خدمته في البرلمان لا تتعدى أحيانا دورة برلمانية لعدة شهور، وراتب تقاعدي حسب راتبه وامتيازاته كنائب تكلفة باهظة لخزينة الدولة وحياة المواطن الأردني، لا يستحقها هذا النائب حتى لوكانت خدمته في البرلمان عدة سنوات، فهو قد أوصله الناخب لقبة البرلمان لخدمة الشعب والوطن وليس بحثا عن امتيازات شخصية وعائلية تشكّل عبئا على ميزانية الدولة.

لا أسف على رحيل هكذا مجلس نواب
وهذا الرأي ليس من عندياتي أو رايي الشخصي بل هو خلاصة متابعتي لما يطرح من آراء وتعليقات نسبة عالية من المواطنين الأردنيين الذين أغضبهم لدرجة الحنق اقتراح النواب الديلوماسي هذا، ففتحوا كافة ملفات هذا المجلس الذي أطلقوا عليه صفة تمييزية ( مجلس نواب إل 111 )، مذكّرين أنّ هذا المجلس أعطى الثقة لحكومة باسم عوض الله بغالبية 111 صوتا قبل أن يقيلها الملك عبد الله الثاني نتيجة الغضب الشعبي من أدائها وما هو منسوب لها من قضايا وملفات عالقة حتى الآن، وبعضها متهم فيها هذا المجلس خاصة ملف إدارة الفوسفات الجاري التحقيق فيه الآن.
وسوف يرحل هذا المجلس سواء بانتهاء صلاحياته البرلمانية أو بحلّه من قبل العاهل الأردني، وغالبا سوف يرفض مجلس الأعيان الأردني جوازه الدبلوماسي هذا، رغم كافة اشكال الابتزاز التي يمارسها النواب الدبلوماسيون هؤلاء. وبالتالي فعلينا كعرب عبر هذه التجربة البرلمانية الرديئة، أنّ نعرف أنّ الفساد ليس دوما من الأجهزة الحكومية أو المتنفذين فقط، ولكن ممن ينتخبهم الشعب فيخيبوا أمله، ركضا وراء مصالحهم الشخصية وليس مصلحة الشعب الذي انتخبهم..وحسب رغبة غالبية الشعب الأردني فليرحل هذا المجلس الدبلوماسي حسب رغبة الغالبية الشعبية الأردنية، وحبّذا بترحيل أو بإنهاء خدماته بقرار ملكي يلبي رغبة الشعب الأردني المنكوب بهؤلاء النواب، وبالتالي فليعرف الناخب الأردني مستقبلا لمن يصوّت!!!.