ما أعلنه سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في قلب زيارته للعاصمة الإيطالية روما وفي يوم وصول طلائع فريق المراقبين الدوليين للعاصمة السورية دمشق من ضرورة التوجه الدولي الشامل لتسليح المعارضة السورية الحرة وحماية الشعب السوري وخذلان المنتظم الدولي للشعب السوري، هو من طراز المواقف التاريخية الكبرى والمصيرية لقائد عربي حر يستشرف المستقبل ويتطلع برؤية ثاقبة صوب مساحات قوادم الأيام التي لا تسمح أبدا بإنتصار سيف إرهاب النظام السوري على دماء الأحرار و المضحين العبيطة التي طرزت تاريخ المقاومة الوطنية السورية بأحرف من نور، وغيرت تماما ونهائيا مسارات الأوضاع وتطوراتها في الشرق القديم بأسره، لم يعد من المنطقي ولا المعقول ولا المقبول أبدا أن تعود الأوضاع في سوريا للمربع الأول، كما أنه أمر مجافي ومخالف تماما لمنطق التاريخ أن لا تترك كل التطورات الدموية والإنتهاكات المرعبة لحقوق الإنسان والجرائم الفظيعة التي إقترفها النظام من قتل شامل وإعدامات بالجملة وتدمير للمدن الثائرة مؤثراتها الميدانية المباشرة على الوضع السوري أو أن تسمح بنفاذ جلد قادة النظام من العقوبات الجزائية التي تنتظرهم والتي لن يفلتوا منها مهما مارسوا من الأعيب ومناورات خبيثة ومهما تمت حمايتهم من قوى الشر والعدوان ومافيا الدولية المعروفة المنطلقة من موسكو تحديدا.

لقد أعلنها سمو أمير دولة قطر وبشجاعة أدبية رائعة، وبلسان عربي مبين، بأنه لا مساومة أبدا مع القتلة والمجرمين، ولافائدة إطلاقا من أية خطط ومشاريع ومبادرات دولية بائسة ليست في حقيقتها المعلنة والصريحة إلا مناورات خبيثة لإطالة عمر الجريمة وتغليف ممارسات بشار الأسد و نظامه بغطاء من السوليفان الناعم الذي يفضح أكثر مما يستر، موقف دولة قطر وعلى لسان أميرها يمثل مرحلة اللاعودة المطلقة في نبذ وعزل وملاحقة نظام القتلة السوري، وهو موقف إنساني شامل وصريح يتجاوز في حقيقته كل إشكاليات البروتوكول والدبلوماسية الرثة المنافقة التي تبطن عكس ما تظهر.

وهو موقف صريح و معبر جدا ولا يمكن التلاعب على حبال كلماته ولا المراوغة في تفسير معانيه، إنه أقوى موقف عربي واضح و محدد بثوابت حماية الشعب السوري والدفاع عن ثورته والعمل على تعزيزها وإنجاحها مما يفرح الشهداء في عليين،ويدخل البهجة على قلوب الثكالى والأرامل والمشردين، ويوفر دفعات الأمل وإشراقات المستقبل للمجاهدين الذين يقاومون بصدورهم العارية أسلحة نظام الجريمة الفتاكة وبقلوب عامرة بإيمان الأحرار والمضحين الذين إشتروا الآخرة بالدنيا وجعلوا من أجسادهم الطاهرة بمثابة مشاريع شهادة دائمة ومستمرة من أجل حرية وإنعتاق وخلاص الشعب السوري الذي ليس له سوى الله سبحانه وتعالى وحفنة من أحرار العالم وفي طليعتهم قادة الخليج العربي الذين تشكل مواقفهم قطب الرحى في دعم ثوار سوريا، لقد أعلنها أمير قطر مدوية وصريحة بأنه لاعودة للماضي أبدا، ولا توجد أي إمكانية واقعية لإعادة تأهيل القتلة والمجرمين والتآمر على حرية الشعب السوري، وقد أكد الشيخ حمد بموقف تاريخي سيذكره له التاريخ بأنه لاخيار للأحرار سوى دعم قوافل الحرية السورية المنطلقة قاطرتها بقوة لتغير واقع الشرق بأسره، كلمات حرة وواثقة ووعد عربي أصيل ووقوف رائع مع الحق، وتقريع لاذع للنفاق الدولي الذي يحزن ويقيم الدنيا ولا يقعدها على إنتهاك لحقوق الحيوانات بينما يغمض العيون وبسادية غريبة عن مذابح أهلنا وأشقائنا وإخوتنا في المدن السورية الحرة الثائرة المنتفضة.

إنه بطبيعة الحال الموقف المتناقض تماما مع مواقف وكلاء الولي الإيراني الفقيه في العراق والذين يزعمون أنهم اليوم يقودون العمل القومي بينما يتضامنون بشكل نعلن مع قاتل أطفال الشام ومقطع أصابعهم، ويمارسون مختلف الوسائل والمبررات والمراوغات من أجل حماية القتلة ومنع تسليح الجيش السوري الحر، بينما يحولون العراق للأسف لترسانة لتسليح وإمداد نظام القتل والجريمة في دمشق ماديا وتسليحيا ومعنويا في موقف متخاذل وبشع سيتوقف عنده التاريخ كثيرا وهو يذكر هذه المرحلة الصعبة والدامية من تاريخ الحرية في الشام، لقد تحولت كلمات وتصريحات أمير دولة قطر لخارطة طريق تحررية مستقبلية للشعب السوري، وسينصر الله من ينصره، وسيخذل المجرمين، وقد كان حقا علينا نصر المؤمنين، وشكرا ياسمو أمير قطر، لقد وجهت بكلماتك الواثقة والصريحة رصاصة الرحمة على مجرمي وسفاحي الشرق القديم الذين حانت لحظة حسابهم... والرجال مواقف عز وكرامة.

[email protected]