منذ بداية الثورة السورية وانطلاقها من حوران قبل ثلاثة عشر شهرا، وكانت ما تسمى المعارضة السورية كعب آخيل في هذه الثورة. ودون الدخول في تفاصيل مسيرة المعارضة اثناء الثورة، لأننا ككتاب كتبنا عنها الكثير، لكنها استطاعت تشكيل المجلس الوطني السوري والذي كان الشارع ينتظره، في الواقع هناك بداهة بسيطة تناساها كثر منا، وهي أن الشعب بدماءه الطاهرة كان ينتظر تشكيل المجلس الوطني، وهي أن هذا الانتظار مبني على معاناة شعبية أولا وعلى معايشة لحظية دموية لما يحدث، واثمان تدفع من دماء شبابنا واطفالنا، أن هذا الشعب لو لم يكن ينتظر من المجلس هذا دورا مشابها للمجلس الانتقالي الليبي لما طالب بتشكيله أصلا، ولما رفع لافتات تقول المجلس الوطني يمثلني! الشعب طالب بتشكيل مجلس لكي يؤمن له الحماية الدولية على الغرار الليبي، والشعب يعرف أيضا بالمقابل أن إسرائيل تدعم هذا النظام، لايوجد طفل في سورية لا يعرف هذه البداهة إلا جماعة معارضة لا للتدخل الخارجي، والتي كان يتزعمها منذ بدء الثورة في الخارج ما يسمى بمجموعة هيئة التنسيق، وفي الداخل أيضا عقدوا مؤتمرات تحت هذه اليافطة، ولكن الذي حدث أنه بعدما تشكل هذا المجلس، وضع هذا المطلب الاساس على الرف، بفعل وجود مجموعة قيادية في المجلس هي ضد طلب التدخل العسكري، وانشغلت بالآن معا لتقوية مواقعها داخل هذه الهيئات القيادية، وشعبنا يذبح على مرآى من العالم الحر وغير الحر، ولولا موقفي الاشقاء في قطر والسعودية، ووسائل إعلامهما لكانت العصابة الأسدية قد دفنت سورية بالطيران...قطر والسعودية تطالبان بتدخل عسكري دولي وقيادة المجلس الوطني تتأتأ في التصريح، وتجيد التلميح لاالتصريح، وتتوارى خلف حجج واهية، وصلت لحد جعل الناس تبدأ بالانفضاض عمن هو المفروض يمثلها، ووصلنا إلى ما وصلنا إليه بفعل ممارسات لامؤسسية تخللت عمل المجلس، ودخلت الاموال مغمسة بالدم السوري، والتطرق لهذا الملف يحتاج لوحده إلى دراما مأساوية. مع ذلك إن مطلب إعادة هيكلة المجلس، ليس سوى مطلبا دوليا واقليميا وليس مطلبا شعبيا، لأن الشعب السوري، لاتهمه التنظيمات وعدد الوجوه البارزة من المعارضة الطامحة لتطفو على سطح الثورة، وبحر دماءها، بل هم بحاجة لمن يساعدهم في الحماية من هذا القتل ويجد لهم الوسائل ويؤمنها من أجل انتصار ثورتنا وعلى رأسها طلب التدخل الخارجي. والاطرف في الموضوع أن من يحاولون الآن إعادة هيكلة المجلس سواء من هم من هو داخل المجلس أو من هو خارجه هم من اوصلوا الامور المعارضاتية إلى ما وصلت إليه. المخرب يريد أن يعمر؟ كيف؟ هل تستوي؟ لدينا أكثر من 100 أسم تطرح نفسها في الواجهة الأولى للمعارضة بغض النظر من كان منهم حتى فترة قبل الثورة ممن يسوقون لنظام العصابة الأسدية او من كان منهم في المعارضة الجذرية، وهذا ليس مهما، المهم أن الخلافات الاساسية لاتتمحور حول السياسة والتنظيم وما يمكن أن يقدمه المجلس لمن انتظر تأسيسه، من حيث تأمين الحماية وخلافه، والدعم لاستمرار التظاهر السلمي والجيش الحر، بل الخلافات تتمحور حول من سيكون الأكثر بروزا في الواجهة. شاهدت مواقف وتصريحات وادعاءات وزيف، كنت دوما ابتسم بشكل مأساوي،أو استمعت، هنالك من اعتقل فترة فيصنف الذي لم يعتقل بخانة انه لايحق له أن يكون في الواجهة!! وهنالك من يرى أن ثمن تغيير موقفه من بشار الأسد وعصابته يفترض أن يقبض ثمنه بأن يكون في الواجهة دوما. وقس على ذلك...شيئ يدعو للمرارة، لا أحد من هؤلاء يثق بالآخر، ولا أحد منهم لديه قدرة على أن يستطيع العمل ضمن فريق أو مؤسسة، ولا يقبل أن يمثله أحد لأن كل واحد منهم يرى نفسه أول الممثلين، أو على الأقل في الصف الامامي...نبيل العربي يريدنا أن نعيد هيكلة المجلس، سمعا وطاعة، لكن لماذا؟ سؤال لا أحد من المعنيين يجيب عنه. هم فقط يتحدثون عن آليات تنظيمية تعيد هيكلة المجلس!! عجيب أين هي الرؤية السياسية التي يجب أن يتم بناء عليها إعادة الهيكلة، أم ان إعادة الهيكلة هي لاستبدال أناس بمكان أناس آخرين أو استبعاد هذا الشخص أو ذاك، ليقدم لنا كل معارض يريد ان يكون بواجهة العمل ولست ضد احد منهم، ليقدم لنا تصوره السياسي وادواته للمرحلة الحالية والانتقالية، لاحس ولا خبر على هذا الصعيد، إذا لماذا تريدون إعادة هيكلة المجلس؟ وتخلقون معارك من وهم حول أيا منكم الاجدر ليكون في مقدمة الصورة، وليس في مقدمة الثورة!! مع ذلك كي لانبقى عدميين، إنني أرى أن إعادة هيكلة المجلس تتم بناء على مشروع سياسي واضح المعالم واللغة، ودون ذلك نأسف أن نقول أن القتال هنا يتم في ساحة تبادل المواقع بين الاشخاص. لدينا أشخاص أيضا، بلا ذاكرة وهؤلاء لا يؤتمنون على ثورة!! كما أنه ليس لدينا في المجلس الوطني سوى جماعة الاخوان المسلمين يعملون كمؤسسة مستفدين من وضعهم في المجلس لصالح إعادة بناء الجماعة في الداخل وهذا حقهم بالطبع، ولدينا الرفاق في حزب الشعب، أتمنى أن يعملوا كمؤسسة، ولكنهم يعانون من أمراض اليسار...وبقاياه. رغم التطور الملحوظ على أداء الرفاق كحزب..وماتبقى كلها شخصيات مستقلة تقريبا معظمهم يرى في نفسه، إما تشي غيفارا أو خالد بن الوليد أو روبسبير...وكما يقال بالعاميةquot; دبرها إذا بتدبر معكquot; رغم كل هذا لابد لنا من ملاقاة السيد العربي، أو غيره من السادة، ويجب أن نعيد هيكلة مجلسنا لكوني عضوا فيه، لكن بشرط أن تتم إعادة الهيكلة بناء على برنامج سياسي واضح، وتشكيل مؤسسي واضح، لأنه من المؤكد أن هنالك أصدقاء داخل الصفوف الامامية بالمجلس ليس لديهم الامكانية بالعمل كفريق، وهذه مشكلة ستبقى سواء أعيدت هيكلة المجلس أم لا؟ على الأقل يمكن أن يحاسبهم المرء أدبيا فيما لو تقدموا برؤية مكتوبة للناس يعلنون فيها برنامجهم السياسي، ولماذا هم يجب ان يكونوا في مقدمة الصورة وعلى أي أساس، وبشفافية كاملة. أعتقد انه بدون هذه الخطوة سنذهب من تحت الدلف لتحت المزراب...!
من جهتي لا في السابق قبلت الترشح لأي موقع ولا لاحقا سأقبل...لأنني مع التدخل العسكري اولا وثانيا أرى أن هنالك شباب يحتاجون لأن نضع فيهم ثقتنا وهم اكثر كفاءة ودينامية، والأهم من كل هذا لا استطيع أن أكون في موقع لايناسب ما أنا أراه سياسيا..
غسان المفلح
- آخر تحديث :
التعليقات