ضرورة المقدمة: عندما كتبتُ مقالاً عن quot; مسؤولية الطالباني في التصحيح السياسيquot; تواردت خواطر وأفكار بعض القراء وكان بعضها للأسف الشديد في غاية السطحية والسلبية والتوجه الفكري المُقاد مذهبياً أو قومياً، سأذكر لكم أهم ماأستوقفني منها لاحقاً.

الحرص على مايدور في العراق من أستغلال وفساد وطائفية وأدعاءات وشعوذات دينية وأثارات قومية وتأليب الشعب العراقي بعضه على بعض بتضمين تهم الشوفينية بكل من يجازف في النقد والأشارة اليها، أمر يقلق الشرفاء من الباحثين والكتاب والأدباء الذين عايشوا عهود الأستبداد والدكتاتورية والأنحراف الأجتماعي ودَفعَهم الخلق الوطني للمشاركة في نقد أوضاع شاذة. قد يجد بعض القراء خيبة أمل وقساوة في الاراء النقدية السياسية التي أطرحها هنا ويطرحها زملاء أخرون، وقد لاتتماشى بعضها مع معتقداتهم وأرائهم، خاصةً عند الأشارة الى قادة حلفاء المذاهب والقومية الذين يتحكمون بالعراق بشك ووجل وخوف من حلفائهم في السلطة، ولكني مؤمن بأن الكلمة الأخيرة وأحقيتها ترجع الى ثقافة المرء وأنتمائه الى أرض العراق، فربما يعيد هذا المرء، النظر فيما يكتبه ويتفحص هفواته ويقارن بين حقيقة وأخرى. وقد تكون بيئتي وثقافتي العامة الشرقية ودراستي في جامعات غربية لها تأثير على الأسلوب القاسي الذي أتبعُهُ في نقد حكومات الدكتاتورية في المنطقة وظاهرة فِرق الشعوذة الدينية والأسلام السياسي والأحزاب القومية الشوفينية الطابع ومن يمثلها.

الحرب القذرة في العراق. مَن يَخوضها؟
أثارت تصرفات قيادات عراقية ردود فعل شعبية بعد أكتشاف حدود تفكيرهم المذهبي والقومي ونشرهم الأرهاب وتغذيته بوسائل غريبة وشاذة.هذه المرة، الحرب الحالية المُعلنة هي ليست ضد الوجود العسكري الأمريكي، وليست للتخلص من قيود الأستعمار الصفوي أوالعثماني أوالبريطاني القديم، وأنما على العكس تماماً، فهي حرب قذرة يشخصها المرء برؤيته الحرة وتسليط الضوء عليها وهدفها العام تقويض الدولة العراقية بتقويض الأمن والأستقرار ومنع التقدم العلمي الحضاري وتشويه أرض الرافدين. والقراءة الصحيحة لهذه الحرب القذرة تتضح بأن من يخوضها هم عراقيون يقومون بمغازلة إيران وتركيا من جهة ودول خليجية وبريطانيا والولايات المتحدة (حسب الحاجة المذهبية أو القومية وأنقيادهم لها) من جهة أُخرى. بكلمة أخرى تغليب الأرادة الأجنبية على الأرادة العراقية الحرة ومصلحة الوطن.

والملاحظة العامة البارزة هي أن العراق السياسي كان غارقاً في ظلمة الجهل وتحكمت في كيانه ولعهود طويلة،الانظمة المُتاجرة بأرادته ومجد تاريخه وسمعته في العالم، ثم أصبحت أرادته توجّهُ وتقاد بأيدي أحزاب عراقية ونفوذ أجنبي لها القول والفعل خارج العراق وداخله، ويؤشر الكثير منا بقلق وحرص الى ما يهدد تمزيق أرض العراق بأهداف أستراتيجية مُعلنة من القوى صاحبة النفوذ كما نراها اليوم.

في الماضي القريب، لم تشارك أو تدعو أو تُمهد حكومات النظام الملكي والجمهوريات التي تلته بعد عام 1958 الى تمزيق وحدة العراق وكيان الدولة. ولم نرَ نظام مرهق بمطالبات طائفية وقومية وأقليمية ودولية كما نراه و يراه المرء اليوم.

وفي مجالات العمل السياسي العراقي نرى أفتضاح بعض من أتخذ العمل السياسي كمهنة بألتجاءه وتفاوضه مع حكومات دول الأستعمار القديم الجديد وألأستجداء منها للتدخل في الشأن العراقي وألتماس التفاوض نيابة عنهم وأحزابهم كما يشاؤن وبشتى الوسائل التي تمنح وتسمح بأنفصال أراضِِ عراقية بأدخال نصوص دستورية تُقترح من جهات هدفها تمزيق البلاد بطرق قذرة.

ويلاحظ في هذا الصدد، أستمرار قادة السلطة السياسية في تراشقهم اليومي المتضمن لتصريحات عدائية وأتهامات متبادلة وأقصاء سياسي وأرهاب فكري ومايرافقه من تخريب حاقد لمؤسسات عراقية على يد مليشياتهم وحمايتهم الخاصة بالأضافة الى صنوف مختلفة من أمراء القاعدة. ثم يأتي الهدف المُعلن في خطاب السيد عزة الدوري بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لتأسيس حزب البعث المسؤول الثاني الذي يقود الأرهاب دون بوصلة ويبشر أهل العراق بقادسيات جديدة.
ما سربَته بعض الأوساط الخليجية والتركية والأمريكية عن زيارات مسؤولين عراقيين كنائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الهارب لدول المحيط الأقيلمي ومحادثاته دون تخويل من رئيسه طالباني، وطلبه دون حرص أو مسؤولية الى تركيا المساعدة في حل مشاكل العراق ووعود رئيس الوزراء أردوغان تقديم المزيد من الدعم، الذي صادفَ ( وياللسخرية) مع قيام المدفعية التركية بقصف مناطق حدودية عراقية في نيروة وريكان ونهيل شمال قضاء العمادية، 70 كم شمال التابعة لمحافظة دهوك في إقليم كردستان وأختراق الطائرات الحربية أجواء تلك المناطق.

هذا العبث بمقدرات شعب العراق بعربه وكرده وأقليات الوطن الأخرى ( بالتباحث الشخصي ) يُثير الغضب والأستياء في المجتمع العراقي وقادة الفكر فيه.
كما أن أعلان البيت الابيض ان الرئيس الامريكي باراك اوباما ونائبه بايدن عقدا اجتماعا قصيرا مع رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارزاني أثار أمتعاض كتل عراقية برلمانية، خاصةً بعد أن بيّنَ أوباما quot; ان الولايات المتحدة ملتزمة بالعلاقات التاريخية والقرب من الشعب الكردي في اطار شراكة استراتيجية مع عراق فدرالي وديموقراطي وموحد.quot;

زيارة البارازاني كرئيس أقليم فدرالي الى البيت الأبيض قد تكون حلقات غير واضحة المعالم لطلبات رفضها الرئيس أوباما بدبلوماسية وفطنة وفهم أستراتيجي للمنطقة وحساسية القوميات المتعايشة فيها. فقد رفض الرئيس أوباما فكرة عودة قوات أمريكية الى العراق ورفض أرسال أي معونة عسكرية الى أكراد سوريا (أمر يفضله صقور الحزب الجمهوري وعلى الأخص جان مكين ) الذي ألتقي في تركيا بثوار سوريين.

أما الملاحظة التي أثارتني لمتابعة الموضوع فهو الخسة التي يتبعها البعض في تعليقات مدسوسة على العرب والأكراد وتقديس قادة أحزاب وتُدلل على فقر الفكر الشوفيني الأرتدادي لتغذية عملية تفريق الشعب العراقي وتمزيق وحدته بحشو كلمات قد تعود الى شخص يعمل لمخابرات دولة أجنبية. ولخطورة التعليق فأني سأترجمه هنا كما ورد في مقالي السابق quot;مسؤولية الطالباني في التصحيح السياسيquot;. الترجمة من الأنكليزية الى العربية. يقول المعلق :

) Iraq has purchased advanced fighting jets called the F-16s for the defense of Iraq. This is a bad news for the Kurds in many ways. The purchase of these fighting jets will give Iraqi army under Al-Maliki an upper hand in overcoming any Kurdish inspiration of an independent state.. Signed : F-16s
أشترى العراق طائرات متطورة من طراز ف ndash; 16 للدفاع عن العراق. وذلك خبر سيئ للأكراد من كل النواحي. شراء هذه الطائرات النفاثة سيعطي جيش العراق السيطرة الجوية تحت نفوذ المالكي والهيمنة الجوية للسيطرة على اي تطلع لأستقلال كردي. التوقيع: ف- 16س.)

الكلمة الأخيرة المعطاة للقارئ بحرية الرأي قد تُنبه الكاتب الى أمور مهمة ذات قيمة وخاصةً عندما تأخذ طابعاً خُلقياً موضوعياً له علاقة بحيثيات المقال ومحتويات النقد الوارد فيه. وأغلب الظن أننا يجب أن نميز بين مايكتبه الكاتب عن مؤسسات الدولة الضعيفة و نجاح قادتها أو فشلهم وبين ماتحشوه مخابرات أجنبية من أفكار ومعلومات مسمومة بكلمات مدفوعة الأجور لعملاء الأنترنت غرضها تشويش القارئ وأبعاده عن موضوعية المقال.

كاتب وباحث سياسي