هل هم حقاً شركاء وطن أم شركاء غنيمة؟ في بيان مشترك، ندّدَ السادة مسعود برزاني، أياد علاوي، ومقتدى الصدر بالتفجيرات التي أوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى يوم الأربعاء 13/6/2012. أستنكار شديد للهجمات الأرهابية وضحاياه لأنها حسب ماجاء في بيانهم الثلاثي ( تؤدي هذه الهجمات الإرهابية المغرضة الى إشعال نار الفتنة بين المكونات المتآخية في البلاد). هذه الأدانة تُذكّرُ أهل العراق ببيانات الأستنكار والغبار الأعلامي النفسي المرافقه لها الصادرة في عهد صدام والصحاف وعلي حسن المجيد عندما كانوا يستهدفون شيعة وأكراد العراق ويؤدي القائد الضرورة بنفسه الصلاة في النجف الأشرف بعد أيام من وقوع الضحايا. الوصول الى الأعلام والنقل التلفزيوني والأحتكاك بوسائله العديدة هو ذكاء الدكتاتورية منذ عهد ستالين وهتلر وموسوليني. واليوم، يفوقهم في ذلك الذكاء الجديد قيادات في كتل مليشيات لمعرفتهم بأهمية أستنكارالأرهاب في بيانات أعلامية على غرار البيان المشترك الذي حمل تواقيع الثلاثة المعارضين لسياسة غريمهم المالكي وتوضيح بمناهظتهم لأعمال الأرهاب والتفجير ودعوة (حكومتهم ) لأتخاذ الأجراءات الشديدة للقضاء على زُمره. في العراق، تعرفُ قيادات المجتمع المدني لغة القانون ولغة السياسة وتفهمها جيداً، وتُدرك أننا بلد كان يشع ثقافة وجمالاً وتألقاً وتأبطاً لميزان العدالة. كما تُدرك اليوم تماماً أننا بلد حضارات دُمرت وأنقرضت، وآثار نُهبت، ومتاحف وثروات سُرقت. يدافع قادتُهُ ومناصريهم بلا حياء عن الجريمة والمجرم، الأرهاب والأرهابي، القتل والقاتل، ويسوقون الحجج لتثبيت برائته. فمرة يكون زعيم مليشيا الموت المُلاحَق من القضاء مجرماً قاتلاً مطلوباً للعدالة، ومرة يكون أِمامأً وقائداً يُندّد بالأرهاب ليبقى مرفوعاً تسجد له الجماهير. وهذه هي صفات شعبٌ راحلُ هاربٌ متشردٌ او ارملٌ يعيش الغربة في وطنه. والحديث عن الغربة يأخذني الى أستلامي مؤخراً رسالة من صديق عراقي أديب ضَمّنها ملاحظة تقول quot; كأنه يعيش بيننا ويعرف حالنا quot;، ولم أعرف مغزاها أِلا بعد قراءتها أنه يشير الى شاعر المهجر جبران خليل جبران وغضبه على أُمة العرب والأسلام وأقتطع منها للقارئ مايلي ( ويلُ ُ لأمة تُكثر فيها المذاهب والطوائف، وتخلو من الدين. ويلُُُ ُ لأمة تلبس مما لاتنسج وتأكل مما لاتزرع وتشرب مما لاتعصر. ويلُ ُ لأمة تَحسب المستبدَ بطلاً وترى الفاتحَ المذل رحيماً. ويلُ ُ لأمة سائسها ثعلبُ ُ وفيلسوفها مُشعوذ ُُ ُ وفنها الترقيع والتقليد. ويلُ ُ لأمة مُقسمة الى أجزاء وكل جزء يحسب نفسه أُمة ). أني أقول بلا تردد أن رموز العراق وقادته اليوم يقودنه الى الأنتحار. وقد أصابوا الهدف ونجحوا فيه بمساعدة دول خارجية ممولة أستغلت تفكيرهم وسذاجتهم وبيئتهم الثقافية المتدنية ومعايير صراعهم على السلطة مع أتباعهم من المشعوذين المُسلحين.
تغطية الفشل من رموز غارقة في وحل الأرهاب والعمالة والفساد هو التسويق الأعلامي الجديد بعد أن فقدَ كل منهم القاعدة الجماهيرية التي تخفتُ حيناً وتندب حظها حيناً آخر بوصول أدعياء يمثلونها.
لم يدر في خيال المعارضة العراقية يوماً أن يتحول العراق من أنظمة عسكرية تلاحقت على حكمه في القرن الماضي الى أنظمة مليشيات مسلحة في القرن الحادي والعشرين.
المناطق التي حدثت فيها هذه التفجيرات الدامية يوم 13/6/2012 هي العاصمة بغداد ومدن كركوك ونينوى وكربلاء والحلة وبعقوبة. وهي مناطق مأهولة بالسكان وتعج فيها مليشيات الأخوة المستنكرين للعمل الأجرامي، كما أنها محطات قواعدهم وتحت سطوتهم ليلاً ونهاراً.....فبمن ينددون؟
فما الذي أغضب جبران عن أمتنا العزيزة وديننا الحنيف ليموت مسلولاً في أمريكا سنة 1931؟
أنه بلد الأنتحار السياسي، يُمَيّزُ فيه بين مليشيات ومليشيات، وتُميّزُ فيه عصابات أرهابية مسلحة عن عصابات وقتلة أرهابيين من كتلة آخرى. وتصيب الرهبة أي أنسان متحضر لا ينتمي الى هذه المعسكرات الفكرية الرهيبة، وعدم قبول مايصدر من دجل يومي عن أفواه رموزها لحلول تُسفّهُ من قيم الديمقراطية والفدرالية والتقدم الحضاري. هذه النخبة ومعسكراتها الفكرية الرهيبة معروفة بتاريخها ومكشوفة بسجلها الأرهابي وتشجيعها له. ولم يعد من الغرابة أن تلتقي مفاهيمها مع آخر بدعة صرح بها مقتدى الصدر بأن تغيير المالكي وسحب الثقة منه هو(مشروع أِلهي).
ليست دولة، الدولة التي تقوم على البدع والأرهاب والشعوذة السياسية. وليست دولة، الدولة التي تقوم على أنقاض التخريب والتخلف والثقافة الدموية العنصرية في أرض يَبني صروحها شلة من القتلة الأنقلابيين وتلتقي مفاهيمهم مع ألأرهابيين ومؤيديهم من القتلة واللصوص والمهربين وهم يتشدقون بالديمقراطية وبمشاريع وهمية يتكاثر فيها أنتاج سريع للقتلة وترتسم في أذهانهم البليدة ( الغنائم أولآً والبناء ثانياً ) على جماجم الضحايا وفوق المقابر الجماعية وأرض الغازات السامة. وليست دولة، الدولة التي يتصارع فيها المطالبون المسلحون من الرموز السياسية العشائرية ومليشياتهم بحدود أقليمية لأرض أوسع ومحافظات أكبر وتفسير مواد الدستور لقومية ضد أخرى. وليست دولة من يظن أبنائها ورجالها ونساءها أن أرضهم مغتصبة والمناطق المتنازع عليها بين المركز والاقليم أرضاً مملوكة لعشائرهم وسيادتهم وأحفادهم.
أنهم يأخذون شعب العراق معصوب العيون الى حافة الأنتحار السياسي. فمهما كان نوع المطالبة فأنها لاتصدر من عراقي أصيل قنوع بوحدة أرض الرافدين. ولن تكون المطالبة المُسلحة أِلا لدولة عصابات تتشابه في معتقداتها مع دول محطمة الأرادة والأستقلال السياسي كدول الطالبان والصومال والسودان وتنحدر الحياة فيها أجتماعياً من سيئ الى أسوأ.
باحث وكاتب سياسي
- آخر تحديث :
التعليقات