يمكنني بسهولة تفهم موقف ملالي إيران وأذنابهم في حكومة العراق حيال المخيمين في أشرف وليبرتي من أبناء المقاومة الإيرانية، فهم أصحاب مصلحة وعبيد مال وسلطة؛ لكني أعترف بذهول ينتابني وصعوبة كبيرة أواجهها في فهم مبرر صمت وغض طرف المسؤولين بالأمم المتحدة ومفوضية شئون اللاجئين بالعراق حيال كل ما يرون وما لا يرون ولكن عليها ألف شاهد من ممارسات عنصرية غير إنسانية واضحة من مسؤولي حراسة الأشرفيين والليبرتيين من عناصر الحكومة العراقية!

فضمن مخطط التخلص من مجاهدي خلق وعناصرهم في جحيمي أشرف وليبرتي اتخذت الحكومة العراقية الموالية للفاشية الدينية الحاكمة في إيران عدة إجراءات استقبالا لشهر رمضان الكريم. ففي الثامن من هذا الشهر منعت القوات العراقية وبأمر من صادق محمد كاظم سيارة عائدة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين من نقل عدد من سكان مخيم ليبرتي إلى مكتب المفوضية بجانب المخيم بهدف إجراء المقابلة معهم وإعادتهم إلى داخل المخيم، وتجري هذه العملية بموجب مذكرة التفاهم والاتفاق مع الحكومة العراقية والتي مضي عليها ما يقارب الأربعة أشهر، وهذه عرقلة واضحة لعمل مفوضية اللاجئين وتحدي سافر لقوانين اللجوء الدولية، فضلا عن كونها نكوث واضح من الحكومة العراقية لتعهداتها أمام الأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين بالعراق.

وضمن الإجراءات العنصرية غير الإنسانية فرضت القوات العراقية حصارا غذائيا غير معلن على سكان مخيم ليبرتي منذ 21 يوما، ولم تسمح الحكومة العراقية إلا بعبور حمولة غذائية واحدة بعد جهد جهيد من الأمم المتحدة، وبعد فساد جزء كبير من هذه الحمولة نظرا لارتفاع درجة الحرارة في هذا الوقت بالعراق والتي تزيد في غالب الأحيان عن 50 درجة مئوية.

ويحكي سكان المخيم صورة من صور الحصار الغذائي للمقاومين فيذكرون أنه في يوم الثلاثاء الموافق الثالث من يوليو الجاري وبالرغم من الإتفاق الذي تم بين ممثلي quot;لجنة القمعquot; التابعة لرئاسة الوزراء العراقية وممثلي الأمم المتحدة quot;يوناميquot;، منعت القوات العراقية دخول شاحنة محملة بالمواد الغذائية الأساسية quot;الطحين والأرز والحبوب والزيت السائلquot; وتبلغ تكلفتها 70 ألف دولار.

فبعد الإتفاق بين القوات العراقية في الموقع وممثلي الأمم المتحدة على دخول الشاحنة، منع quot;صادقquot; دخول الشاحنة وأكد على وجوب القاء جميع العبوات الغذائية على الأرض للتفتيش؛ برغم أن وزن الحمولة يبلغ 20 طنا، والقاء هذه الحمولة علي الأرض تحت لظي الشمس المحرقة حتي تنتهي عملية التفتيش سيكون مؤداها فساد كثير من العبوات الغذائية، خاصة وأن عملية إنزال العبوات والأكياس وإعادته للشاحنة تتم بصورة يدوية ودون استخدام أية آلات رفع.

ومع التأكيدات المتكررة من ممثلي اليونامي للقوات العراقية علي إمكانية تفتيش الشاحنة دون الحاجة لإلقائها علي الأرض خاصة وأن الحمولة تم تفتيشها من قبل في جمارك الحدود العراقية، كما تم تفتيشها في مدخل ليبرتي بواسطة وحدة الكلاب البوليسية وأجهزة الاسكانر وأجهزة السونار لذلك ليس هناك ضرورة لتفتيشها أساساً، لكن أص
دقاء الملالي صم لا يسمعون غير أوامر أسيادهم بتجويع هؤلاء المستضعفين!

وهذا المشهد الذي سلف قصه وإن كان مقلقا ومفزعا؛ غير أن الأشد فزعا للمقاومين الليبرتيين علي وجه الخصوص هي هذه العناصر التي كانت تؤذي سكان الجحيم في ليبرتي منذ الثاني من يونيو الماضي مرتدين زيا مدنيا، ثم تحول زيهم إلي الزي العسكري منذ ثلاثة أيام فقط، وتبين فيما بعد أن هذه العناصر هي ذاتها التي قامت بممارسة التعذيب النفسي لمجاهدي أشرف وفرض حصار لا إنساني عليهم قبل ثلاث سنوات ونصف.

هذه المشاهد اللانسانية التي تفوح منها رائحة العنصرية والرغبة الشديدة علي إزهاق الأنفس بشكل بطئ وبصورة مخطط لها سلفا تلزمنا مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة وكل رعاة الحقوق الإنسانية في العالم، والمختصين بشئون اللاجئين أن يتحركوا لإيقاف هذه الممارسات، خاصة ونحن مقدمون علي شهر رمضان الفضيل، وهو شهر صيام سيحتاج فيه المحاصرون في أشرف وليبرتي إلي مزيد من الحمولات الغذائية من غير شك، واستمرار هذا الحصار الغذائي من قبل الحكومة العراقية للمقاومين لا يعني غير رغبتهم الأكيدة في التخلص منهم، ولا يعني صمت بان كي مون ومسئولي حقوق اللاجئين في العالم غير أنهم باتوا حجرا لا يشعرون، وصم لا يسمعون وعمي لا يقرأون.

باحث ومحلل سياسي
[email protected]