في ذكرى مرور 60 عاما على 23 يوليو عام 1952 أصدر الرئيس مرسي قرارا بالسماح للفلسطينين بدخول مصر بدون الحاجة إلى تأشيرة دخول وبدأ تدفق الفلسطينيين على مصر من غزة عبر رفح ومن سوريا عبر مطار القاهرة، والحقيقة أنها خطوة إنسانية جيدة وجاءت من رجل قلبه طيب وذو نية طيبة وكما نعرف فإنهم يقولون في الغرب بأن quot;الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبةquot;، والقرار جاء بعد أقل من اسبوع من زيارة خالد مشعل (قائد حماس) للقاهرة، وقد صرح مشعل تصريحا غاية في الغرابة وفيه إهانة شديدة لمصر ولرجال الجيش والأمن المصري، وهذا بالنص ما نقلته وكالات الأنباء بعد إجتماع الرئيس مرسي بالسيد خالد مشعل: quot;وقد طمأن خالد مشعل في تصريحاته للصحفيين عقب لقائه الرئيس مرسي بأنه لا يمكن لحركة حماس أو أى فلسطيني أن يأخذ شبرا واحدا من الأراضي المصرية في سيناء!! وأضاف أن موضوع الأمن في سيناء يشغلنا جميعا فبيننا والأخوة في المخابرات العامة المصرية علاقات أخوة وتعاون تام بما يساعد مصر في إستبباب الأمن في سيناء!!quot; (علامات التعجب من عندي) تخيلوا معي لو رئيس المكسيك يخرج بعد لقائه بالرئيس أوباما قائلا :quot;بأنه لا يوجد مكسيكي واحد يطمع في أي شبر من ولاية تكساسquot; (طبعا مش حاأقول كان ممكن يحصل له إيه من أهالي تكساس، لأنه سيكون مثل الفعل الفاضح بتاع الشيخ ونيس السلفي)!! وأنا أتعجب كيف يسكت المصريون على تصريح من هذا النوع، هل هانت أرض مصر لهذه الدرجة وأصبحت مباحة لكل من هب ودب، المهم أن العذر الذي قاله خالد مشعل على أنه لا يطمع في شبر واحد من سيناء، ليس لأنها أرض مصرية (لا سمح الله) وليس لأنه ليس له أي حق فيها (أستغفر الله)، ولكن لأنه يريد أن تكون دولة فلسطين على أرض فلسطين فقط (الحمد لله ..طمئتنا ياراجل)!! بصراحة ده تصريح واحد قادر أو فاجر أو الإثنين معا!

أما تصريحه الأعجب فهو أن حماس مع المخابرات المصرية سوف تساعد مصر على إستبباب الأمن في سيناء، وهذا التصريح يحتمل أى من الإحتمالين (أو هما معا): الإحتمال الأول : أن مصر غير قادرة على حماية وتأمين أراضيها، وفي هذه الحالة يجب على الرئيس مرسي أن يستقيل لأنه أقسم اليمين (ثلاث مرات) على أن يحافظ على وحدة وسلامة أراضي مصر، أما الإحتمال الثاني: فهو أن حماس هي سبب عدم إستبباب الأمن في سيناء وأنها في نظير (إتاوة ما) سوف تقوم بمساعدة مصر على إستبباب الأمن، وهذا هو نفسه أسلوب المافيا والفتوات لفرض الإتاوة لإعادة الأمن للمنطقة، وكان رد الرئيس مرسي (دفع الإتاوة) وهو السماح للفلسطينيين بدخول مصر بدون تأشيرات وبدون أي إجراءات أمنية!! كده أنا إطمئنيت على أمن سيناء، وياريت بالمرة نتفاوض مع بعض العصابات الليبية على حماية حدودنا عند السلوم لمنع تهريب الأسلحة الثقيلة.

وهذا هو السيناريو الذي أتصوره لإنشاء دولة فلسطين في سيناء:

أولا (المبدأ): يقال أن الفلسطينيين هو شعب بلا أرض كافية وسيناء أرض بلا شعب كاف، فلماذا لا ننشا لهذا الشعب وطنا في تلك الأرض الخالية. بإستيلاء الأخوان على الحكم في مصر يصبح الأمر سهلا جدا من حيث المبدأ فالأخوان كما ذكرنا من قبل في مقالة (طظ في مصر) لا تهمهم مصر في شئ ولكن هدفهم الكبير هو الأمة الإسلامية وفتح الحدود مع غزة هي البداية، وأول خطوة لتوحيد الأمة هو هجرة أهل غزة المعزولون في أرض شديدة الضيق عليهم لحد الإنفجار (وقد رأيت هذا رأى العين عندما كنت أعمل في غزة) وما يجعل الأمر سهلا أيضا هو كون حماس تعتبر فرع الأخوان الفلسطيني وقد إستولت على الحكم في غزة بالإنتخاب أيضا (لأول وآخر مرة)!! فإيه المانع من حيث المبدأ أن يبدا الفلسطينييون بتملك الأراضي والأعمال في سيناء يحلون بها مشكلة البطالة الشديدة والتكدس الشديد في غزة. وتسويق تلك الفكرة للمصريين الطيبيين سهل للغاية فالأخوان سوف يقولون:quot; هل تقبلون على أخواننا في غزة أن يظلوا تحت الحصار والفقر والمذلة من جانب إسرائيل، لماذا لانفتح قلوبنا وحدودنا لكي نخفف عنهم وطأة العزل والحصار والجوع، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :quot;مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمىquot;. والحقيقة أن هذا كلام حق ويتفق تماما مع أدبيات وفلسفة الأخوان وحماس، لذلك فهم يفعلون ما يؤمنون به، سواء جاء لصالح مصر أم لا المهم هم مقتنعون أن هذا في صالح الأمة الإسلامية.

ثانيا (آلية التنفيذ): أما وقد رأينا أن الأخوان وحماس متفقون من حيث المبدأ، لا بد أن يكون هناك آلية للتنفيذ، ومثل أى صفقة بيع أراضي فلا بد أن يكون هناك سمسار أراضي ومن أفضل سمسار أراضي أفضل من إسرائيل (فاليهود معروف عنهم أنهم سمساسرة محترفون)، وبالطبع كل صفقة لا بد لها من ممول وراع، ولن نجد ممولا وراعيا أفضل من أمريكا الراعي الرسمي لتسليم سيناء لإنشاء دولة فلسطين.

ثالثا (خطوات التنفيذ): في عام 1967 سربت المخابرات السوفيتية أنباء إلي عبد الناصر مفادها أن إسرائيل تحشد قواتها على الحدود السورية تمهيدا لغزوها لتأمين حدود إسرائيل الشمالية من هجمات الفدائيين (ولا كان فيه فدائيين ولا نيلة)!! المهم أن عبد الناصر بسذاجة وزعامة منقطعة النظير بلع الطعم وحرك قوات مصر (الغير جاهزة للحرب) إلي الحدود مع إسرائيل ثم أغلق خليج العقبة في وجه الملاحة الإسرائيلية، ثم كانت الهزيمة المرة، الآن نسمع تصريحات مشابهة من الطرفين، فقادة الأخوان (بتوع الكاريزما) يهتفون في كل محفل :quot;ع القدس رايحيين بالملايينquot; وquot;عاصمتنا لن تكون القاهرة بعد الآن ولكنها ستكون القدسquot;، وخالد مشعل يقول إن ثورات الربيع العربي هي الطريق لتحرير فلسطين، وفي نفس الوقت يتم الهجوم المستمر من جانب الأخوان وأعوانهم على الجيش المصري والمجلس العسكري (الجيش المصري هو الجيش الوحيد المتماسك في المنطقة العربية حتى الآن) ويقف بحزم ضد quot;الفوضى الغير خلاقةquot; التى دعت إليها كونداليسا رايس وأسمتها :quot;الفوضى الخلاقةquot; ولكنها قلبت quot;غير خلاقةquot;!! وإزاء تلك التصريحات الإستفزازية من مصر وحماس إلي جانب شوية صواريخ فشنك تنطلق من سيناء ومن غزة تعلن إسرائيل حاليا أنها لا بد وأن تحمي حدودها الجنوبية وذلك بزيادة عزل غزة مع تقدم قواتها لإحتلال شريط حدودي في سيناء كمنطقة عازلة لتأمين حدود إسرائيل الجنوبية، ويحاول الرئيس مرسي إعلان حالة الحرب ويتفق مع المجلس العسكري على أن تتقدم القوات المصرية في إتجاه حدودها مع إسرائيل ولا تنتهي الحرب المحدودة بهزيمة أي من الطرفين ولكن يتم الإتفاق على منح إسرائيل منطقة عازلة تحت إشراف صوري للأمم المتحدة، ويكون من ضمن بنود الإتفاق هو موافقة مصر على تخصيص أراضي جنوب العريش وشرقها لسكان غزة مع حق إستخدام مطار العريش وتحويله إلي مطار فلسطين الدولي وكذلك توسيع ميناء العريش البحري على أن يكون إستخدام كل من المطار والميناء تحت إشراف دولي لضمان عدم تهريب أسلحة إلي سيناء وغزة، ويقوم الممول الأمريكي بتمويل كل تلك الإنشاءات والصفقات.
وبالتدريج تتحول دولة غزة في سيناء إلي دولة فلسطين، أما الضفة الغربية والقدس فسوف يتم إعطاء سكانها الخيار بين الجنسية الإسرائيلية مع الإستمرار في الحياة هناك مثل عرب 48 أو الجنسية الفلسطينية في غزة وسيناء والإنتقال إلي غزة وسيناء، وبالطبع سيختارون أن يستمروا في الحياة مع أخوانهم من عرب 48.

رابعا (الجدول الزمنى): قد يستغرق تنفيذ هذا الجدول الزمني مدة تترواح بين 25 و40 سنة ففي خلال جيل أو جيلين يصبح كل شئ ممكن، فمن كان يتصور من 65 سنة أن يكون لليهود وطن قومي في فلسطين إسمه إسرائيل وتكون تلك الدولة الصغيرة أقوى دولة في المنطقة، ومن كان يتخيل من 25 سنة فقط إنهيار الإتحاد السوفيتي القوة العظمى في العالم في هذا الوقت؟؟

خامسا (فوائد هذا الحل): لهذا الحل فوائد عديدة: أولها: التخلص من مشكلة فلسطين للأبد بعدما أرقت العالم منذ النصف الثاني للقرن العشرين، ثانيها: عمل حاجز بشري غير يهودي لحماية إسرائيل من مصر، لأن الخطر الوحيد على إسرائيل هو الجيش المصري، ثالثها: البحبحة على أهل غزة أزحم مكان في العالم ، رابعها:إذا نشأت علاقات طبيعية بين الفلسطينيين في غزة وبين إسرائيل ساعتها ستنهض إسرائيل نهضة كبرى أكبر مما هي عليه الآن فسوف يتم التطبيع مع كل الدول العربية وسوف يتحقق الشرق الأوسط الكبير والذي سوف يكون تحت حكم الأخوان المسلون والأخوان اليهود!!
أرجو من كل قلبي أن أكون مخطئا وأن يكون هذا السيناريو المرعب مجرد كابوس!!

[email protected]