نقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء عن الرئيس المصري محمد مرسي قوله في مقابلة أجرتها معه إنه يريد علاقات أفضل مع طهران لتحقيق (توزان استراتيجي) في المنطقة.
وقال مرسي في المقابلة (يجب علينا استعادة العلاقات الطبيعية مع إيران على أساس المصالح المشتركة للدولتين وتطوير مجالات التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي لأنه سيحقق التوزان الاستراتيجي في المنطقة) ضمن برنامج النهضة. وأوضحت الوكالة إن المقابلة أجريت مع مرسي قبل بضع ساعات من إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة المصرية يوم الأحد. وبعد الردود الكثيرة ضده حاول مرسى التخفيف عن ذلك ومجاراة الواقع فقد حاول مرسي إقناع العرب والمصريين بأن تصريحاته التي أدلى بها إلى منظومة (فارس) الإعلامية الإيرانية شبه الرسمية، كانت من قبل laquo;الدردشةraquo; وهى قبيل الإعلان الرسمي بفوزه بالرئاسة. عندها عادت (فارس) للتأكيد على أن التصريحات كانت حقيقية وجادة حول إقامة علاقة تنسيقية بين إخوان مصر وقيادات إيران، وجدل العلاقة المصرية الدبلوماسية مع النظام الإيرانى..

إيران يحكمها ولى الفقيه كنائب عن المهدى المنتظر، ودستورها يشترط ذلك ويشترط المذهب والفارسية للمناصب الأساسية فى الدولة كرئيس الجمهورية وغيرها. كان الخمينى واضحا فى عقيدته فى كتبه وخطاباته وممارساته، من يراجع كتبه (مصباح الهداية) و (كشف الأسرار) و(الحكومة الإسلامية) و(شرح دعاء السحر) يجد فيها ثقافة ضد الخلفاء الراشدين الثلاث والغلو فى ولاية أهل البيت التكوينية والتشريعية مثلا فى كتابه (كشف الأسرار) قال الخمينى (وكانت هذه المذاهب الباطلة التى وضعت لبناتها فى سقيفة بنى ساعدة وهدفها اجتثاث جذور الدين الحقيقى لازالت تحتل مواقع الحق الآن...) وكذلك خطاباته وممارساته فقد منع السنة من بناء مسجد واحد فى طهران رغم وجود معابد الكفار والمسيحيين واليهود، كذلك الطقوس والممارسات الكثيرة فى الحسينيات والمراسيم الرسمية فى محرم وصفر.

ولازالت مكاتب الإخوان المسلمين مفتوحة فى طهران ونشطة لحد الآن. بعد وصول الخمينى وحكمه جاءت وفود سنية كثيرة لمبايعته منها بعض قياديي حركة الإخوان المسلمين وحزب التحرير وغيرهما. عند وصول شاه إيران إلى مصر، قام الإخوان بتنظيم مظاهرات رافضة لاستقباله ومؤيدة للخمينى كزعيم للأمة. بينما قامت إيران بتسمية شارع باسم الإسلامبولى قاتل السادات، كذلك وقف الإخوان مع إيران ضد العراق كما قام المرشد حامد أبو النصر بتأبين الخمينى عند وفاته قائلا (الإخوان المسلمون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخمينى القائد الذى فجر الثورة الإسلامية ضد الطغاة) ثم لاحقا التصريحات العديدة للمرشد الأعلى للإخوان محمد مهدى عاكف بمدح إيران وحزب الله، ومن الجانب الآخر فقد اعتبر خامنئى المرشد الإيرانى أن الثورة المصرية نتيجة للثورة الإيرانية، كما كانت إيران أول دولة تعلن تأييد محمد مرسى بفوزه بالإنتخابات رئيسا لمصر. بعد نجاح مرسى قام الإخوان بتوزيع كتب كثيرة دعاية للسياسة الإيرانية، وللمذهب الشيعي. وتنظم زيارات laquo;للعتبات المقدسةraquo; في إيران والعراق فضلا عن فتح 80 حسينية فى مشروع ألف حسينية علما أن السيد قطب قد تلتقى بعض أفكاره الغريبة وتظهر فى كتابيه (العدالة الإجتماعية) و(كتب وشخصيات).

إن الثورة السورية العظيمة فى أكثر من 17 شهرا دمويا بآلاف الشهداء والضحايا الشرفاء قد كشفت المستور وفضحت نفاق بعض الإسلاميين من تحالف ولاية الفقيه وحزب الله والإخوان المسلمين والأحزاب الطائفية العراقية الحاكمة وأظهرت معاييرهم المزدوجة وبعدهم عن الشعوب وآمال الثورات ضد الطغاة.

كان النظام السورى البعثى وبتحالفه مع إيران ولاية الفقيه، تحول إلى نظام طائفى فقام بتأسيس عشرات الحوزات والحسينيات لسوريا التى كانت تاريخيا للسنة مركزا للخلافة السنية العربية. وهنا تراجع النظام الإيرانى وأتباعه فى لبنان والعراق عن تأييد ومديح الثورات واعتبارها مؤامرات خارجية لأنها تكشف المستور وتسقط حليفهم الرئيس الأسد وتعريه بكل جرائمه اليومية ضد الشعب السورى البطل

ولازالت الجزر العربية الثلاث محتلة من إيران، وعرب الأحواز تحت الحديد والنار والقتل والسجون، فضلا عن التهديدات الإيرانية اليومية بقصف الخليج وتصنيع الصواريخ، إذا قصفت المنشآت النووية الإيرانية. ثم سطوة إيران على العراق وعروبته وعلى سوريا وعروبتها، ثم سطوتها على لبنان من خلال سطوة حزب الله، ثم نفوذها إلى مصر الكنانة قلب العروبة بعد محاولات إيران إسقاط أنظمة الخليج خصوصا البحرين ودعم الحوثيين وخلاياها المختلفة.

للقصة تاريخ طويل منه أن الإيرانيين وبعد رضوخهم لقوة العرب وانتصارهم على جبروت كسرى فى حروب القادسية وجلولاء وحلوان ونهاوند، دخلوا الدين الجديد مكرهين من باب غريزة المحافظة، لأنهم ينظرون بعين الكبرياء لعرب الصحراء وأعراب الإبل كما سموهم، ليكون صراعا فكريا حضاريا يظهر في التاريخ الأدبي والمذهبي والاجتماعي والسياسي والإنتقام من الدين والعرب والثقافة ويتجلّى فى هذه الثلاثة بالتغلغل الفارسى والإنتقام من جميع الرموز العربية ومصادر قوتها ومسخ تاريخها. فكيف يعقل لعربى أن يتحالف مع خصوم العرب رغم مطامعهم التوسعية ضد العرب.

هكذا يكون الوفاق بين الإخوان وإيران، بين مرسى وحكومة ولاية الفقيه فى التشيع الفارسى، التشابه بينهما كبير فقد يقال أن كليهما يستغل الدين لأطماعه السياسية والحكم بفهمهم الخاص للشريعة الإسلامية، كلاهما طرد التيارات الأخرى غير الإسلامية حيث طرد الخمينى حزب تودة الذى شارك بقوة معه فى إسقاط الشاه وتهميشه للطائفة السنية واضطهادها فى إيران. هنا يطرح البعض السؤال عن صمت الإخوان المسلمين عن إخوانهم المضطهدين فى إيران كما يصمتون عن دماء إخوانهم فى ثورة سوريا الحبيبة..