منذ نجاح تنظيم quot;الاخوان المسلمينquot; الاصولي، بداية الثورة السورية، بجر بعض قوى المعارضة الى تركيا وتقديم كل وسائل الدعم اللوجستي لها( من فنادق واقامة ومؤتمرات، بحيث تتمكن من التموقع هناك بشكل كامل، والتصريحات المعادية لحقوق الشعب الكردي في سوريا لاتتوقف. لم يبق مسؤول في (معارضة اسطنبول) الا وهاجم الكرد واستخف بهم وتعدى على حقوقهم وتوعّدهم. فعلها برهان غليون ورياض الشقفة وهيثم المالح وكمال اللبواني وسمير نشار وجورج صبرة وبسام جعارة. بل وحتى عبد الباسط سيدا( الكردي!) استكثر على قومه الكرد quot;الادارة الذاتيةquot; ودعاهم الى quot;التعقّلquot;!.
طبعا وراء هذه الاكمة من نوايا الغدر دولة تركيا وquot;حزب العدالة والتنميةquot; الحاكم فيها تحديداً. ولكن نكرر هنا كلاما قلناه كثيرا في كتاباتنا بالعربية والكردية بان أنقرة وبعد ان فشلت في انقاذ بشار الاسد في بداية الثورة، عبر quot;حزمة الاصلاحاتquot; التي قدمتها له، وخلت تماما من أي حق للكرد( القومية الثانية في البلاد) لجأت الى الخطة ( باء) حيث الاتصال مع قوى المعارضة، عبر الوسيط الوفي: تنظيم quot;الاخوان المسلمينquot; وتشكيل معسكر تركي فيها، يكون رهن الاشارة في التحرك ضد الشعب الكردي. وحدث ذلك، ولكن بسرعة وبنجاح فاقا كل التوقعات، فأرضية الاستزلام quot;طلعتquot;، ما شاء الله، خصبة لدى بعض قوى شركائنا في الوطن السوري. هؤلاء نفذوا كل أوامر الاتراك بالحرف وبحرفيّة. بل ان برهان غليون( بروفيسور جامعة السوربون والأمي في السياسة) quot;جابها على بلاطةquot; عندما قال: quot;حتى ولو منحنا الأكراد حقوقهم فان تركيا لن تسمحquot;!. بينما تخلى رياض الشقفة زعيم quot;الاخوان المسلمينquot; عن لواء الاسكندرون(السليب!) وعدّ ذلك المطلب كلاما من الماضي. وتعدى الامر ذلك، فٌشنت حملة اعلامية موتورة ضد الشعب الكردي من جانب وسائل اعلام عربية معروفة بتوجهها الطائفي القومجي، فتم تصوير الكرد وكأنهم حلفاء النظام السوري ومعه قلبا وقالبا ويعملون ضد الثورة وضد quot;دماء السوريينquot;!. وانخرط في هذه الحملة معارضون سوريون ناضلوا ضد النظام الاسدي سنينا طوالا ودخلوا السجون والمعتقلات دفاعا عن قيم quot;الحريةquot; وquot;العدالةquot; وquot;الحقquot;، فانضم هؤلاء الى الجوقة المعادية للكرد، وحرثوا في مياه الحملة الموتورة الرامية لتشويه سمعة الحركة السياسية الكردية، كتوطئة أولية بعد ذلك. ورغم ان الكرد ( عبر قواهم السياسية ومنابرها الاعلامية، ومثقفيهم الوطنيين الاحرار) ردوا على تلك الحملة، الا ان المعارضة العربية الطائفية لم ترعو ولم تتوقف. فالكرد في عرفها مازالوا حتى الان quot;حلفاء نظام الاسدquot; رغم ان قوات هذا الاخير تقتل كل يوم شباب الكرد ( آخرهم كان الشاب نيجيرفان برزان عمر، الذي قتلته استخبارات الأسد في القامشلي في 19/08/3012). لكن لافائدة ترجى من سوق الحجة والنقاش. فالقضية quot;ليست رمانة ولكنها قلوب مليانةquot;، كما يقول المثل الشامي. والحملة ضد الكرد وقواهم السياسية ستستمر والحجج ما اكثرها اذما انعدم الضمير وانتفت اخلاق الثوار، فالكرد وان كانوا اليوم quot;حلفاء الأسدquot; فسيكونون غدا quot;حلفاء الصهيونية العالميةquot; لاشك!. خطة أنقرة: الكرد هدفا مشروعا للجيش الحر والعشائر العربية: يجب الاعتراف بان تركيا نجحت في استعداء (معارضة اسطنبول) ضد الشعب الكردي في سوريا. والان المرحلة الثانية تقوم على دفع quot;الجيش السوري الحرquot; الى مواجهات مسلحة مع القوى الكردية في القامشلي وعفرين وكوباني، والمطلوب هو quot;كسر عين الاكرادquot; وquot;جر الفوضى الى مناطقهمquot;. وبدأت ملامح هذه المرحلة تظهر( انفجار تبنته كتيبة quot;درع الجزيرةquot; التابعة للجيش الحر امام احدى نقاط النظام الاستخباراتية في القامشلي 19/08/2012). وسبق ذلك تهديد من العقيد رياض الأسعد قائد quot;الجيش السوري الحرquot;، لموقع الكتروني كردي، بارسال ضباط الى القامشلي من أجل quot;منع الكرد من رفع الاعلام والرموز الكرديةquot;، لانه quot;لايجب رفع أي علم سوى العلم السوريquot;( هل ينطبق هذا الكلام على من يرفع العلم التركي في بعض مناطق الداخل؟). وكلام الأسعد (الموجود في حماية الاستخبارات التركية في انطاكية، لا في ساحات الوغى في ادلب وحلب!) تهديد مباشر وحقيقي ضد الشعب الكردي، بل واعلان صريح للحرب عليهم. ويحدث ذلك رغم ان اتصالات مثمرة جرت بين بعض القوى الكردية وبعض الضباط الميدانيين في quot;الجيش السوري الحرquot; في الداخل، حيث جرى تفاهم كبير بين الجانبين، وظهر جو ايجابي للغاية عندما اقدمت ( وحدات الحماية الشعبية) الكردية في حلب على تقديم المساعدة للاجئين الهاربين من حلب وغيرها الى الأحياء والمناطق الكردية. بل وفقد 3 من اعضاء هذه الوحدات حياتهم اثر قصف لمروحية تابعة للجيش الأسدي على موكبهم، عندما كانوا ينقلون الطعام للأسر العربية النازحة. العديد من القيادات الميدانية في حلب( مثل العميد الركن مصطفى الشيخ والعقيد الركن عبدالجبار العكيدي والعقيد الركن عبداللطيف عبداللطيف) عبروا عن سرورهم جراء الموقف الكردي المساند لهم في وجه آلة النظام. فما الذي دفع بالأسعد الى التصريح العدائي ذاك؟. لااشك انها الدولة التركية التي تريد تحريكه الان ضد الكرد وخلق نزاع كردي عربي يسحق روح العيش المشترك ويساهم بخلق اقتتال أهلي بين الشعبين، يخسران من خلاله، وتخسر سوريا كلها، وتكون تركيا هي فقط الرابحة. كما ان الاعلام التركي يتحدث كثيرا عن العشائر العربية في الحسكة، وهناك دراسات بدأت توصي الحكومة بضرورة فتح قنوات الاتصال معها من اجل quot;استخدامهاquot; ضد الشعب الكردي في المنطقة. من المهم جدا ان تسارع ( الهيئة الكردية العليا) للاتصال مع العناصر الوطنية في quot;الجيش السوري الحرquot; والقادة الميدانيون الاحرار من اجل توقيع quot;وثيقة عهدquot; وسد الطرق أمام الأصابع التركية التي ترمي الى اثارة الفتنة والتخريب. كذلك من المهم الاسراع في عقد مؤتمر أهلي في محافظة الحسكة ودعوة كل المكونات اليه، وتوقيع quot;وثيقة عهدquot; للحفاظ على السلم الاهلي وتحريم الاقتتال وسفك الدم السوري. يجب اغلاق هذين البابين في وجه الدولة التركية وادواتها. اثر اندلاع انتفاضة 12 آذار 2004، عندما نهض الشعب الكردي في سوريا ضد النظام الاسدي المجرم (وكان لنا شرف التغطية الاعلامية المباشرة لحظة بلحظة، الى جانب زملائنا، في فضائية quot;Roj tvquot; ) ظهر نفر من المثقفين السوريون المعارضين لاستبداد سلطة الأسدين، في بعض وسائل الاعلام العربية واتهموا الشعب الكردي بالانفصالية لانه quot;يرفع اعلامه القومية ويهاجم مراكز الشرطة والاستخباراتquot;!. ورغم محاولتنا افهامهم بان العلم الكردي لايعني الانفصال بقدر مايعني تعبيرا عن هوية مكبوتة مقموعة من كل انظمة الدولة السورية، ناهيك عن كونه رمزا وطنيا، لانه في النهاية يعود لجزء من الشعب السوري، بينما مراكز الشرطة والاستخبارات، فكانت اوكار رجال النظام، ولانستنكر ابدا تدميرها. الا ان هؤلاء( منهم مثالا: ياسين الحاج صالح) لم يكن ليقتنعوا، فبقت quot;الانفصاليةquot; غائرة في لاوعيهم، يعودون اليها كلما ارادوا ان quot;يخطواquot; شيئا في القضية الكردية. والان وبعد كل هذه السنين، تدور الدائرة، فيصبح quot;الانفصاليونquot; بجرة قليم quot;حلفاء نظام الأسدquot; لأنهم لايدمرون quot;مقار النظامquot; ولايقبلون التبعية لتركيا او دول عربية، ومازالوا يتحفظون على quot;سلفنّةquot; الثورة وتسليحها وقبول الخطاب الطائفي الكريه اياه. وهؤلاء المثقفون لايزالون سائرين في نفس الخط، يكتبون كل يوم ضد الشعب الكردي وضد حركته السياسية، ويفترون على الحقيقة دون أي وازع. ومنهم من صار يردد مع وسائل الاعلام التركية والعربية بان quot;نظام الاسد سلمّ 5 محافظات للأكرادquot; دون أن يرف له جفن، رغم انه يعلم كذب هذا الكلام وبعده عن الواقع، ورغم انه يرى تأييد الكرد وشبابهم للثورة وكرههم الشديد للنظام الأسدي. ونحن لانملك امام هؤلاء أي شيء. فماعسانا ان نفعل ووسائل الاعلام التركية والعربية لاتمنحنا أي فرصة للرد والتعقيب. على كل حال لينضموا هم بدورهم الى مؤسسة الحرب الاعلامية ضد الامة الكردية، فلن يفعلوا أكثر مما فعلته الدولة التركية منذ اكثر من 30 عاما. ماهي أوراق الكرد في سوريا؟: والحال ان الأوضاع في سوريا باتت معقدة وهناك حرب أهلية طاحنة. وهناك حرب بالوكالة. وهناك جماعات سورية ولكنها تعمل quot;بعقودquot; من قوى اقليمية. وامام مثل هذا الواقع لايملك الشعب الكردي في سوريا سوى التمسك بوحدته الحالية المتمثلة في ( الهيئة الكردية العليا) وهي اطار جامع يمثل الاغلبية الساحقة من الكرد في سوريا، وقد تشكّل في أربيل تحت اشراف الرئيس مسعود البرزاني، رئيس اقليم كردستان الجنوبية، وبمباركة من كل من حكومة الاقليم وحزب العمال الكردستاني. والكرد يراهنون على سوريا ديمقراطية تٌحترم فيها حقوقهم، اما غير ذلك فسيكون لهم موقف آخر، يستعدون له أيضا. ومخطئ من يظن بان قوى الامة الكردية ستترك الشعب الكردي في سوريا وحده( كرد سوريا لايمثلون سوى 8% من مجموع الامة الكردية في الشرق الأوسط) ومخطىء من يراهن على ان الكرد في سوريا لايملكون القوى والخبرة للدفاع عن انفسهم. فهناك الخبرة والقدرة والامكانات وهي تضاهي مالدى الغير، وربما تفوقها ايضا، ونظرة واحدة الى حرب الثورة الكردية في كردستان الشمالية ضد استعمار الدولة التركية منذ 30 عاما كافية بالتحقق من هذا الكلام. فاذا كان البعض يريد ترجمة تهديداته للكرد على أرض الواقع وجر المواجهات الى مناطقهم وسفك دمائهم، فالأكيد بانه لن يجد في مواجهته اناسا خانعين يسلمون له ولأسياده انفسهم. بل سيجد في وجهه نساء ورجالا سيتعجب حتما من افعالهم.
النوايا التركية وارضية الاستزلام لدى معارضة اسطنبول:
الخطاب الثقافي المعارض: الكرد في 2004 انفصاليون و في 2012 حلفاء النظام:
التعليقات