أحد عشر لبنانيا، معهم بدأت مؤخراً قصة الخطف العابرة للحدود بين لبنان وسوريا. قصة لا تشبه حتى الأفلام البوليسية العربية. الخاطف يطل على الشاشات وكذلك المخطوفون، تتحدث اليه الوسائل الاعلامية، تستضيفه على شاشاتها، حوار في العلن خارج زمام السلطة، أخذ ورد لا يثمر تحقيق لا مطالب الأهالي ولا مطالب الخاطفين. يتحرك الأهالي، يعتصمون، يقطعون طريق المطار، كبش المحرقة دائماً، ولكن عبثاً..

وتتطور السيناريو يضاف الى المخطوفين شخصية جديدة، يحاول الجيش السوري الحر من خلاله الضغط على حزب الله ليدفعه الى الاعتذار منه، المطلب الاساس، ولكن الحزب يتبرأ من المخطوف وينأى بنفسه عن القضية، تتحرك القبلية وترد الصاع صاعين. خطف من هنا وخطف من هناك، هكذا يتحول المشهد من دون أن تكترث الدولة، الغائبة أصلاً. تخال نفسك في صعيد مصر، حيث لا هيبة للدولة، كما تعكس لنا الشاشات العربية، وشريعة غاب الغلبة فيها للأقوى انطلاقاً من منطق quot;ما يؤخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوةquot;. وفي ظل هذا الاستقواء، لم يرحم القصف الغاشم في بلد الموت اللبنانيين quot;الضيوفquot; كما دأب الخاطفين على تسميتهم، فتورطوا في قضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

غريب وكأن هذا البلد الصغير لا يكفيه مشاكله، وكأنه لم يشبع مما قاساه من النظام السوري من خطف وقتل وتعذيب، حتى يزّج بمشاكل هذا النظام في سوريا أيضاً. اذا اشتعلت في لبنان تتدخل سوريا، واذا اشتعلت في سوريا لا بد للبنان أن ينجر وكأنه محكوم عليه أن يكون شريكاً في اللعبة، شاء أم أبى.

من يراقب تسارع الأحداث في سوريا وارتفاع صوت الموت فيها، يصبح على يقين أن ما يحصل ينبىء بأن المشهد ذاهب باتجاه واقع دراماتيكي، أكثر ما يخشى فيه أن تجر الأزمة السورية، بكل ذيولها، الى لبنان... في ظل دهشة وصمت العين الساهرة!